عاد الحديث عن «المنطقة العازلة»، لكن من البوابة الأردنية هذه المرة، بالتزامن مع إعلان عمّان نيتها إعلان منطقتها الحدودية الشمالية منطقة منكوبة، في وقت كشفت فيه صحيفة «واشنطن بوست» عن خطة للجيش الحر للمعركة «القريبة» على دمشق أرسلت إلى وزارة الخارجية الأميركية، وبدأت تتكشّف على نحو أوضح أعداد المقاتلين الأوروبيين في سوريا. وكشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن كلاً من الولايات المتحدة والأردن كثفا من تدريب المعارضة المسلحة السورية، بهدف إقامة منطقة عازلة على الحدود الجنوبية مع الأردن، على أن يكون المدربون هم الذين سيديرون هذه المنطقة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وأردنيين أنّ الهدف من إنشاء المنطقة العازلة سيكون استقبال آلاف العسكريين المنشقين عن النظام، وكذلك إيواء المدنيين المشردين الذين فقدوا منازلهم في مناطق القتال. لكن «واشنطن بوست» تقول إن المسؤولين في واشنطن وعمّان يحذرون من فشل تطبيق فكرة المنطقة العازلة، وذلك بسبب استمرار رفض القوى الدولية لفكرة توفير غطاء جوي، أو فرض حظر طيران على سوريا.
في سياق متصل، أعلن رئيس الوزراء عبد الله النسور «نية الحكومة إعلان الشمال منطقة منكوبة»، موضحاً أنّ عدد اللاجئين السوريين في المملكة وصل إلى 450 ألفاً، مبدياً قلقه من إمكانية حدوث تصعيد جديد في الأزمة قد يؤدي إلى لجوء ما لا يقل عن مليوني سوري إلى الأردن.
في موازاة ذلك، نقلت الصحيفة، أيضاً، عن مصادر في المعارضة السورية أن المعركة الحاسمة من أجل دمشق قريبة جداً. وجاء ذلك في مقال كتبه دافيد أغناسيوس بعد زيارته لتركيا، حيث أجرى سلسلة لقاءات مع قياديين في المعارضة. وذكر الكاتب أن «الجيش الحر» وضع «خطة للمعركة» توضح ما هي جماعات المعارضة المسلحة الرئيسية والأيديولوجية التي تتبعها ومصادر تمويلها. وتابع أنّ المعارضة سلمت هذه الوثيقة الأسبوع الماضي لوزارة الخارجية الأميركية. وتشير إلى أنّ أكبر جماعة معارضة في سوريا هي «جبهة تحرير سوريا الإسلامية» التي يبلغ عدد أفرادها نحو 37 ألف شخص وتتكون من أربعة تشكيلات تنشط في مختلف أجزاء البلاد. وأشار إلى أن هذه الجماعة تعتمد على الدعم السعودي. وأضاف أنّ ثاني أكبر جماعة، وهي «الجبهة الإسلامية لتحرير سوريا»، تُعَدّ أكثر تشدداً من الجماعة الأولى ويقودها سلفيون. وتقول مصادر معارضة إن الجماعة تتألف من 11 كتيبة تنشط في أنحاء البلاد بتمويل من أغنياء في السعودية والكويت ودول الخليج. ووفق تقويمات هذه المصادر، يبلغ عدد أفراد هذه الجماعة نحو 13 ألف مقاتل سلفي. الجماعة الثالثة تطلق على نفسها تسمية «أنصار الإسلام»، وهي مموّلة من قطر وتضم نحو 15 ألف مقاتل. أما الجماعة الأكثر خطورة، فهي «جبهة النصرة»، وهي تضم نحو 6 آلاف مقاتل. وأشارت المصادر المعارضة إلى أنّ «الجيش الحر» بقيادة سليم إدريس، يضمّ أيضاً نحو 50 ألف شخص آخر يقاتلون خارج الجماعات المذكورة.
وكانت صحيفة «الوطن» السورية، قد نقلت أمس، عن مصدر عسكري سوري قوله إنّ الجيش «لن يسمح لأيٍّ من الإرهابيين بتدنيس أرض دمشق التي ستبقى آمنة». وحذّر المصدر المسلحين من أن «أي اقتراب من دمشق يعني الموت المحتم لهم ولقادتهم».
في سياق آخر، قال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، إنّ بلاده لم تحسم بعد موقفها بشأن رفع الحظر عن إرسال أسلحة إلى سوريا وتزويد المعارضة بها. وأكد، في مقابلة تلفزيونية، ضرورة تحديد ما إذا كان من الممكن الوثوق في المعارضة السورية. وعن الموقف الذي يمكن أن تتخذه فرنسا خلال مراجعة الحظر الأوروبي المفروض على الأسلحة، قال: «علينا أن نعطي رداً في نهاية أيار المقبل، وحتى ذلك الوقت لا أستطيع أن أقول اليوم نعم أولاً، ويجب القيام بعمل دقيق جداً لنعرف من نواجه». وأضاف أنه سيعقد الأسبوع المقبل اجتماعاً في لندن (على هامش مؤتمر مجموعة الثماني)، وطلبنا حضور رئيس «الائتلاف» معاذ الخطيب وغسان هيتو رئيس «الحكومة المؤقتة»، وسليم إدريس رئيس «هيئة الأركان للجيش السوري الحر».
وفي سياق ضبابية الموقف الفرنسي المتردّد في شأن التسليح، ذكرت صحيفة «لو كنار انشيني» الفرنسية أنّ تقارير الاستخبارات الفرنسية بشأن تطورات الأوضاع في سوريا، دفعت باريس إلى تجميد توريدات الأسلحة إلى المعارضة. وأوضحت أنّ الاستخبارات حذّرت الحكومة من أنّ قسماً من الأسلحة التي كانت باريس ترسلها إلى سوريا «قد يقع في أيدي المجاهدين».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)