بمجرد إعلان دار النشر الفرنسية «لا ديكوفرت» (الاكتشاف) عن صدور كتاب جديد للرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي خلال الشهر الجاري، حتى انتشرت الدعوات على موقع «الفايس بوك» لمقاطعة الكتاب، الذي يحمل عنوان «l›invention d›une démocratie et les leçons de l›expérience tunisienne» (اختراع ديموقراطية ودروس التجربة التونسية). وسيقدم المرزوقي كتابه يوم 11 نيسان في معهد العالم العربي في باريس، بالتزامن مع إلقائه محاضرة عن مستقبل الثورات العربية.
وشملت قائمة المحتجين كتّاباً وناشرين وموزعين، وسبب الاحتجاج الأساسي هو اختيار المرزوقي دار نشر فرنسية لنشر كتابه، في الوقت الذي كان يفترض فيه أن ينشر كتابه في تونس لتشجيع الناشرين والموزعين التونسيين، وخصوصاً أن وزارة الثقافة تنظم في هذه الفترة تظاهرة تعنى بالكتاب والقراءة بعنوان «ربيع الكتاب». واعتبروا ذلك «إهانة» لدور النشر التونسية.
وبدأت دار «أرت ﻟﯾﺑرﯾس» ﺣﻣﻠﺔ ﻟﻣﻘﺎطﻌﺔ اﻟﻛﺗﺎب، واﺻﻔﺔ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣرزوﻗﻲ ﻟدار أﺟﻧﺑﯾﺔ ﺑﺎﻷﻣر ﻏﯾر اﻟﻣﻘﺑول. وتساءلت إذاعة «موزاييك إف إم» التونسية الخاصة التي أوردت الخبر إن كان المرزوقي سينتقل إلى باريس (لتوقيع الكتاب) على نفقته أو على نفقة الدولة التونسية.
كما انتقد النشطاء عبر صفحاتهم على المواقع الاجتماعية تأليف المرزوقي الكتاب باللغة الفرنسية، رغم أنه «من دعاة التعريب والحد من استعمال اللغة الفرنسية في تونس». وأضافت الإذاعة إن نشطاء آخرين تساءلوا إن كان لرئيس بلادهم وقت فراغ كثير ليقضيه في تأليف الكتب.
بدورها، اﺳﺗﻐرﺑت ﺻﺣﯾﻔﺔ «ﺑزﻧس ﻧﯾوز» ﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﻟرئيس دوﻟﺔ «ﯾﺗﻘﺎﺿﻰ ﻣﺑﺎﻟﻎ ﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣهمة ﻓﻲ ﺑﻠد ﯾﻌﯾش أزﻣﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ، أن ﯾﺟد اﻟوﻗت ﻟﺗﺄﻟﯾف ﻛﺗﺎب ﺗﺳﺗﻔﯾد ﻣﻧه ﻣؤﺳﺳﺔ أﺟﻧﺑﯾﺔ؟». ونشر النشطاء، في سياق تعبيرهم عن رفضهم للكتاب، صورة لغلاف مفبرك للكتاب يحمل صورة الرئيس مع أمير قطر حمد آل ثاني الذي لا تنقطع الشبكة الاجتماعية عن التنديد بتدخله في الشأن التونسي.
شخصية الرئيس المرزوقي، الذي كان يحظى بتقدير تونسي واسع، أصبحت تثير الكثير من الانزعاج في أوساط المعارضة وناشطي «الفايس بوك» ولم تعد تحظى كتاباته بالاحترام الذي كان يتمتع به، وهذا سر الحملة التي يتعرض لها كتابه الجديد منذ يوم أمس والدعوة إلى مقاطعته، وهو ما لم يحدث مع أي كتاب في السابق إلا كتاب «حقيقتي» لليلى بن علي زوجة الرئيس السابق.
الحملة التي يتعرض لها كتاب المرزوقي تؤكد اتساع الهوة بين الرئيس والشارع، الذي لم يعد يرى فيه ذلك المناضل الفقير والطبيب المؤمن بالقيم الحقوقية، بل مجرد لاهث وراء الكرسي. كما لا يغفر له عدد كبير من التونسيين صمته أمام توغل حركة النهضة الإسلامية وسيطرتها على مفاصل الدولة وتناقض مواقفه وتصريحاته.
وبعد الضجة التي أثارتها تصريحات الصحافي اللبناني سالم زهران عن البدل الذي يتقاضاه الرئيس من موقع «الجزيرة نت» الذي يواظب على الكتابة فيه، جاء نشر الكتاب في باريس ليؤجج الحملة على الرئيس المؤقت وهي جزء من حملة أكبر يساهم فيها حتى بعض المقربين منه سابقاً، مثل النائب الطاهر هميلة، الذي اعتبره أسوأ من بن علي.