مَن يطّلع على لائحة المشاركين في «مؤتمر البحرين الدولي» يخل نفسه في مؤتمر دفاعي أميركي من تنظيم صقور المحافظين في الولايات المتحدة. موظفون في الخارجية الأميركية، سفراء سابقون، نوّاب جمهوريون في لجان الدفاع، مستشارون حربيون لجورج بوش، الأب والابن، جاؤوا ليبحثوا في... «سبل الإصلاح السياسي في البحرين في ظل تغيرات المنطقة».
أسماء مثل جون بولتون ودان بورتن وويليام نيومان ودنيس هايز ومؤسسات مثل American Entreprise Institute و The Heritage Foundation وStimson Center تحتل الجزء الأكبر من المؤتمر، إضافة إلى مشاركة بريطانية وأوروبية خجولة. فمن بين 7 مؤسسات مشاركة في حدث المنامة، 5 أميركية وواحدة بحرينية ــ أميركية (المجلس الأميركي ــ البحريني) وواحدة بحرينية هي جامعة البحرين.
برنامج المؤتمر المنشور على الموقع الإلكتروني ــ المتوافر باللغة الإنكليزية فقط ــ يبيّن بوضوح أن «الإصلاح السياسي»، الذي يبشر به النظام (إذا كان جدياً في ذلك) سيكون من صنع أميركي برعاية بحرينية!
معهد «أميركان إنتربرايز» المشارك في المؤتمر مثلاً، يمثّل «الخط المتطرف في الدفاع عن الأمن القومي الأميركي والمصالح الأميركية، ضد التهديدات الآتية من دول كروسيا وإيران وسوريا ومنظمات إرهابية مثل القاعدة وحزب الله». وقد اشتهر المعهد بخطط دفاعية عسكرية طبقها البنتاغون خلال غزو العراق. أبرز رموز المعهد، وخصوصاً في «قسم دراسات السياسات الخارجية والأمنية» هم من المحافظين المتطرفين مثل دانيال بليتكا، ريتشارد بيرل، بول وولفوفيتز، جون بولتون وغيرهم... بولتون، السفير الأميركي السابق في الأمم المتحدة الذي خدم في الخارجية الاميركية خلال عهدي بوش الأب والابن سيشارك المسؤولين البحرينين غداً في «تطوير العمل المؤسساتي» في البلد، كما يقول موقع الحدث. لكن بولتون هو الذي اشتهر بقوله: «لو فقد مبنى الأمم المتحدة بنيويورك عشر طبقات من طبقاته العشر، لما أثّر ذلك في أي أمر... فلا يوجد شيء اسمه الأمم المتحدة». وفي عام 2007 أعلن بولتون أنه «رفض نداءات وقف إطلاق النار في عدوان تموز 2006 الإسرائيلي على لبنان، وذلك لمنح إسرائيل فرصة أكبر لهزم حزب الله».
«ذي هيريتيتج فاونديشن»، المشاركة في مؤتمر النظام البحريني، هي أيضاً من أبرز مؤسسات صنع الأفكار المحافظة والتي ازدهرت في عهد جورج بوش الأب. المؤسسة تسوّق لمبادئ الاقتصاد الحرّ والأسواق المفتوحة والمبادرات الفردية وأولويتها شؤون الدفاع الوطني. لكن النظام البحريني لم يتردد بدعوة المؤسسة التي تروّج لنموذج اقتصادي سبّب أخيراً أسوأ أزمة مالية في الولايات المتحدة والعالم. «ذي هيريتيتج فاونديشن» كانت قد نشرت خلال ثورة البحرين مقالات عديدة ركّزت على «الخطر الإيراني الذي يهدد المملكة». كذلك انتقدت في بعض مقالاتها تعامل إدارة باراك اوباما مع النظام البحريني «الليبيرالي» على أنه نظام «قمعي مثل بعض أنظمة المنطقة الاخرى».
أما «المجلس البحريني الأميركي» المشارك، فهو حسب بعض المصادر الصحافية الاميركية، أنشأته شركة علاقات عامة أميركية وظفتها البحرين لتلميع صورتها في واشنطن. وتعمل تلك الشركة على تسويق سياسات النظام البحريني في العاصمة الاميركية. عضو الكونغرس الجمهوري، دان بورتون، المشارك في المؤتمر أيضاً، كان قد زار البحرين السنة الماضية في عزّ التحركات الشعبية، على نفقة النظام (قدرت تكاليف زيارته بنح 21 ألف دولار). ورغم دماء البحرينيين المراقة، أدلى بورتون بتصريحات في الصحافة المحلية والغربية تغزّل فيها بإنجازات النظام البحريني وامتدح الملك.
النائب سولومون أورتيز، هو نائب عن ولاية تكساس ومتخصص في الشؤون العسكرية والسياسات الدفاعية وشركات الأعمال الخاصة، كما يعرّف عنه موقع المؤتمر. لكن النظام البحريني يرى أن أورتيز سيكون فاعلاً في رسم خطوط السياسة المستقبلية للمملكة.
القيّمون على البحرين أرادوا تطعيم لائحة الحاضرين بشخصيات من دول مختلفة كي يستحق مؤتمرهم فعلياً صفة «الدولي». وإلى جانب الأكثرية الأميركية المشاركة، يحضر وزير الدفاع البريطاني السابق المحافظ ليام فوكس. فوكس لا يختلف في الجوهر عن أجواء زملائه الأميركيين المدعوين، لكن الإعلام البريطاني سأل منذ أيام عن «مشاركة مسؤول بريطاني في قمة داعمة للنظام البحريني الذي قتل مواطنين تظاهروا ضده أخيراً».

http://bahrainsymposium.org/