بصورة مفاجئة وغير متوقعة، جرت يوم الاثنين الماضي الجلسة الأولى لمحاكمة رجل الدين الشيعي البارز في السعودية، نمر النمر، وقد طالب الادّعاء تطبيق عقوبة الإعدام بحقه من خلال «حدّ الحرابة» التي تعدّ أقصى عقوبة موت وفق الشريعة الإسلامية التي تطبقها المملكة، وهي تعني قطع الأرجل واليدين والصلب. شقيق الشيخ النمر، محمد، الذي كان في زيارة عاجلة لبيروت أمس، أكّد لـ«الأخبار» أنّ الجلسة جرت فجأة، وأن توقيتها ليس بريئاً؛ إذ تأتي في وقت تشهد فيه المملكة احتجاجات متصاعدة يقوم بها خاصة عائلات الإسلاميين، الذين يطالبون بإطلاق سراح أبنائهم المعتقلين من دون محاكمات منذ سنوات، إضافة إلى ارتفاع أصوات إسلامية تطالب بالإصلاح (مثل الداعية سلمان العودة).
وأوضح محمد النمر أنّ إعلان كشف خلية تجسس مرتبطة بإيران، إضافة إلى بدء محاكمة الشيخ النمر يهدفان إلى حرف الأنظار عن تلك المطالب، والقول إن هناك عدواً أكبر يتهدّد المملكة، هو الشيعة وإيران. وعن عقوبة الصلب التي يطالب بها الادّعاء، يوضح النمر أن تلك العقوبة متعارف عليها في المملكة ومنصوص عليها في الشريعة، وهي أقسى عقوبات الموت. وتجدر الإشارة إلى أن السعودية تطبق عقوبة الإعدام من خلال الصلب أو قطع الرقبة بالسيف أو الإعدام بالرصاص. لكن نادراً ما تنفّذ عقوبة الصلب. ويقول النمر إن حدّ الحرابة ينفّذ عادة بحق «أكثر من يفسد في الأرض».
وكانت وسائل إعلام سعودية قد ذكرت أن الادعاء العام قد طالب بتنفيذ «حد الحرابة» بحق الشيخ النمر، بتهمة «إثارة الطائفية والتحريض على ارتكاب جرائم إرهابية والتطاول على قادة دول الخليج والعلماء». ونقلت شبكة «راصد» عن صحف سعودية أن الشيخ النمر طالب بإعطائه مهلة للردّ على لائحة الدعوى بعد أن تسلمها خلال الجلسة وتحديد محامٍ للدفاع عنه في هذه القضية.
وأشار محمد النمر الى أنّ الجلسة الأولى من المحاكمة خصصت كي يلقي الادّعاء مذكرته، حججه واتهاماته، ويطالب بالعقوبة. وقال إنه حُدِّدت جلسة 29 جمادي الثاني (9 نيسان المقبل). وأضاف أن الشيخ النمر لم يتحدث في الجلسة؛ لأنه لا يريد ذلك إلا بحضور المحامي، وقد استجاب القاضي لطلبه. وتجدر الإشارة إلى أن المحامي صادق الجبران هو من يتولى الدفاع عن رجل الدين السعودي.
وأكّد شقيق النمر، وهو رجل أعمال سعودي يتردّد بين الحين والآخر على بيروت، أنّ أي حكم على الشيخ، سواء كان الإعدام أو ما دونه، سيكون له عواقب غير محمودة، وأنّ السلطات السعودية ستتحمل عواقب مثل هذا القرار.
وكان الشيخ النمر قد تعرّض للاعتقال في الثامن من تموز 2012، وقيل إنه أُطلقت النار عليه واعتُقل مصاباً وجرت معالجته. وكان قد تعرض للاعتقال أول مرة في أيار 2006، حين كان عائداً من زيارة للبحرين، وذلك بسبب تقديمه عريضة طالب فيها الاعتراف بالعقيدة الشيعية وإصلاح المناهج التعليمية بصورة لا تعتدي فيها على المذهب الشيعي، لكن أُطلق سراحه لاحقاً.
ثم اعتقل في آب 2008، بعد تصريح شهير للمعارض الإسلامي المقيم في المنفى لندن، سعد الفقيه، قال فيه إن السلطات تخشى من النمر لأنه مدعوم من إيران، لكن أُفرج عنه بعد ساعات. وبعدها اختفى النمر في المنطقة الشرقية، لكن خطبه وتصريحاته بقيت تصدح، ومنها خطبته الشهيرة التي هدد فيها بالانفصال قائلاً: «كرامتنا أغلى من وحدة هذه الأرض»، فصدر أمر اعتقال جديد بحقه وخرجت بعدها مسيرات احتجاجية منددة في العوامية.
وعند اندلاع انتفاضة البحرين، تصاعدت الاحتجاجات في المنطقة الشرقية وتحولت إلى اشتباكات مع القوات الأمنية، أدت على مرّ أشهر إلى وقوع قتلى وجرحى. وفي آخر خطبة له قبل اعتقاله، هاجم النمر ولي العهد السابق، نايف بن عبد العزيز، عند وفاته، ووصفه بالطاغية وقال إنه سيعذب في قبره ولن يدخل الجنة.
بعد اعتقاله، قال وزير الداخلية السعودية أحمد بن عبد العزيز عن النمر إنه «مشكوك في عقليته وإن الطرح الذي يطرحه ويتكلم فيه بهذه الصفة يدل على نقص في العقل أو اختلال».
(الأخبار)