احتلت الأزمة السورية الحيّز الأساسي من الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب للقمة العربية المرتقبة في الدوحة يومي الثلاثاء والأربعاء، والذي لم يصدر عنه أمس أي إعلان قرار حول منح مقعد سوريا للمعارضة السورية. لكن وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم أكّد أنّ المعارضة ستحضر اجتماع القمة. وأكد مصدر دبلوماسي عربي رفيع المستوى، شارك في الاجتماع الوزاري، أن الوزراء أكّدوا على «الالتزام بقرار مجلس الجامعة الصادر في السادس من آذار بدعوة الائتلاف السوري المعارض لتشكيل هيئة تنفيذية لشغل مقعد سوريا في القمة». وأوضح أنه «لم يتم اتخاذ قرار اليوم (أمس)» حول مسألة منح مقعد سوريا للمعارضة، فيما «ترك (أمر) مشاركة الائتلاف في القمة لرئيس القمة أمير قطر بالتشاور مع القادة العرب». وأفادت مصادر دبلوماسية أن الجزائر والعراق تحفظا على هذه الخطوة، فيما أكد لبنان النأي بنفسه عن أي قرار يتعلق بالملف السوري.
وكانت مصادر موقع «الجزيرة» قد ذكرت أنّ وزراء الخارجية العرب سيمنحون في اجتماعهم مقعد سوريا في الجامعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. كذلك ذكرت «روسيا اليوم» في وقت سابق أن وزراء الخارجية العرب قرروا منح الائتلاف المعارض مقعد سوريا في الجامعة العربية.
وكان مندوب المعارضة السورية لدى قطر، نزار الحراكي، قد أكد أن ائتلاف المعارضة السورية تلقّى دعوة للمشاركة في القمة العربية. وقال، قبل إعلان استقالة رئيس الائتلاف السوري المعارض معاذ الخطيب، إن «الائتلاف تلقى دعوة رسمية لحضور القمة العربية غداً ومن المنتظر وصول الشيخ معاذ الخطيب ورئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو والوفد المشارك الثلاثاء»، تزامناً مع وصول قادة الدول العربية.
وبعد تسلمه رئاسة القمة العربية من وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، أكّد رئيس الوزراء القطري، وزير الخارجية، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني على دعوة المعارضة السورية للمشاركة في القمة. وأشاد بالخطيب ورحّب بانتخاب هيتو، وقال «إننا نتطلع إلى مشاركتهما في القمة العربية بعد غد تنفيذاً لقرار المجلس الوزاري العربي في اجتماعه بالقاهرة». وطالب «بوقفة عربية قوية مع الشعب السوري الشقيق الذي يقاتل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ويتشرد الملايين من أبنائه داخل سوريا وخارجها في واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في التاريخ، بينما يقف مجلس الأمن الدولي عاجزاً عن القيام بواجبه ومسؤوليته تجاه شعب يتعرض للقتل والإبادة».
ورأى حمد أن «القضية السورية لا تحتمل التسويف ولا التأجيل، وتتطلب توحيد الموقف وتستوجب الحسم والحزم لمعالجتها من النواحي الأمنية والسياسية والإنسانية، لأن تداعياتها تطال المنطقة برمتها».
وفي شأن القضية الفلسطينية، أكد حمد على «حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف»، وندد بانتهاكات الاحتلال لحرمة المسجد الأقصى المبارك وتكثيف عمليات الاستيطان وتهويد القدس وطمس هويتها العربية.
بدوره، قال نائب وزير الخارجية السعودي، الأمير عبد العزيز بن عبدالله، إن «نظام الرئيس بشار الأسد ومنذ أكثر من عامين يستمر في مماطلاته وتسويفه وإمعانه في سياسة القتل والتدمير بمساعدة بعض الأطراف، الذي زادت معه حدة الأعمال العسكرية وتقلصت بسببه فرص الحل السياسي». ورحب بقرار الجامعة شغل مقعد سوريا من قبل المعارضة الذي «يشكل نقطة تحول بالغة الدلالة في إضفاء الشرعية الدولية على الائتلاف الذي أصبح الممثل الشرعي للشعب السوري».
وفي الشأن الفلسطيني، أكد الأمير السعودي رفض المجتمع العربي للنشاط الإسرائيلي الذي يقوض حل الدولتين من خلال عزل المدن الفلسطينية بعضها عن بعض وتطويق القدس الشريف بالبؤر الاستيطانية. ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لتحويل الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية.
بدوره، أكّد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن بلاده «أيّدت ودعمت كافة التطلعات المشروعة للشعب السوري في الحرية والديموقراطية وحقه في رسم مستقبله وإدانة أعمال العنف والقتل وإيقاف نزيف الدماء والتمسك بالحل السياسي والسلمي ودعم الحوار الوطني». وأضاف أن «العراق رفض التدخل الأجنبي في الأزمة السورية حفاظاً على وحدة سوريا وسلامة شعبها، كما دعم مهمة المبعوث العربي الدولي المشترك لسوريا الأخضر الإبراهيمي من أجل عملية الانتقال السياسي»، مؤكداً أن «العراق لن يكون مع أي دكتاتورية مهما كانت عناوينها واتجاهاتها».
ولفت زيباري إلى أنه يتعين على الدول العربية «العمل لاقتلاع جذور الإرهاب والابتعاد عن الفتاوى المحرضة على الفتنة وإثارة النعرات الطائفية». ودعا إلى «الوقوف ضد الفتاوى التكفيرية»، مشدداً على دعم بلاده لمبادرة السلام ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية واسترجاع أرضه وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشرقية.
من جهته، أشار الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى أن الثورة السورية بدأت سلمية، ولكن «إصرار النظام وعناده وعدم استجابته لمطالب الشعب بالتغيير والإصلاح، واستخدامه البطش والقمع ونزيف الدم، كانت السبب وراء الوضع الكارثي الذي يحل بالبلاد». وأعرب عن أمله بأن تُحل الأزمة بالطرق السلمية، وأوضح أنه يجب التركيز على مجلس الأمن الذي يجب أن يصدر قراراً ملزماً بوقف النار وإرسال قوات حفظ سلام، ودعا إلى تحرك عربي سريع لمساعدة اللاجئين السوريين، والاستعداد لمشاريع إعادة الإعمار في سوريا.
فلسطينياً، كشف العربي عن مشاورات مع الجانب الأميركي لتحديد موعد زيارة وفد من الجامعة لواشنطن في الأسبوع الأخير من الشهر المقبل للقاء المسؤولين الأميركيين والاتفاق على كيفية الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، وأمل أن يتم الاتفاق في الاجتماع الوزاري على تشكيل الوفد الذي يقوم بهذه الزيارة.
في هذه الأثناء، يبدأ الرؤساء والزعماء العرب بالوصول الى الدوحة اليوم للمشاركة في القمة الـ24 لجامعة الدول العربية، غداً، تحت شعار «الأمة العربية: الوضع الراهن وآفاق المستقبل». وكانت قد افتتحت القمة يوم الجمعة باجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية.
(الأخبار)