«الزيارة لن تحقق الكثير»، هذا ما أجمعت عليه معظم الصحف الأميركية والبريطانية في قراءة استباقية لزيارة الرئيس الاميركي، باراك أوباما الأولى لإسرائيل غداً. لكن ذلك لم يمنع الصحافيين من اقتراح مسودة لمحادثات الساعات الخمس التي ستجمع باراك أوباما برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الغد.
محادثات الرئيسين «لن تحقق المعجزات» في الملف الإيراني، وأوباما «لا يحمل في جيبه خطة سلام جاهزة». هذا ما نقلته معظم المقالات عن أجواء سرّبها البيت الابيض وبعض المصادر الإسرائيلية، هدفها عدم تعليق آمال كبيرة على الزيارة. الأزمة السورية ستحضر أيضاً خلال الجلسة وقد يحقق الطرفان اتفاقاً ما حولها، وخصوصاً في ما يتعلق بهجمات وقائية إسرائيلية. أما «المتفائلون» من المحللين فوجدوا بعض «الإيجابيات» في الزيارة «قد تحسن صورة أوباما في إسرائيل بعد انخداشها في عهده الأول، فتعيد الثقة بين الحلفاء».
في ملف إحياء «محادثات السلام» الفلسطينية ــ الإسرائيلية، استبعد المحللون الأميركيون، الذين استندوا إلى «مصادر مطلعة»، أن يطرح أوباما أي مبادرات واضحة أو أن يكشف عن موفد أميركي جديد لعملية السلام، ولن يحاول كذلك رعاية لقاء بين الطرفين المتنازعين خلال مكوثه في المنطقة. «لا يحمل أوباما خطة سلام واضحة ومفصلة لإعادة إطلاق محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكنه سيقوم بجولات استماع للطرفين»، تقول صحيفة «لوس أنجلس تايمز». «أوباما سيستمع في القدس ورام الله إلى وجهات نظر الإسرائيليين والفلسطينيين حول ماذا يريدون وما الذي يمكن تحقيقه»، تضيف الصحيفة. أما البيت الأبيض، فأعلن صراحةً أن «أوباما لا يحمل خطة سلام جاهزة، لكنه ووزير خارجيته جون كيري سيحاولان إعادة بناء الثقة بين الطرفين في محاولة لتعبيد طريق محادثات السلام». بعض المصادر الدبلوماسية استبشرت خيراً «لمجرد إعادة إحياء الجهود الدبلوماسية في هذا الملف»، كما ورد على لسان بعض الصحافيين.
في الملف السوري، قال بعض المحللين البريطانيين إن «إسرائيل ستستغلّ زيارة أوباما لتقنعه بضرورة تنفيذ ضربات جوية في حال ثبوت نقل صواريخ من سوريا إلى حزب الله، أو على الأقلّ ضمان دعمه لأي تدخل عسكري إسرائيلي لمنع نقلها، حتى لو سبب ذلك إشعال مواجهة مع حزب الله على الحدود». الإسرائيليون سيتحدثون عن «ضربات وقائية محدودة في سوريا تستهدف الصواريخ، وهذا ما قد يوافق عليه الرئيس الأميركي» يخلص البعض. «تلك الصواريخ لا تهدد إسرائيل فقط، لكنها تضع الأسطول الأميركي الأكبر في مياه البحر المتوسط في مرمى نيرانها. هذا ما سيحاول المسؤولون الإسرائيليون شرحه لأوباما بغية الحصول منه على دعم واضح لضربات عسكرية إسرائيلية استباقية».
هؤلاء، يرون أن المسؤولين الإسرائيليين لن ينجحوا في إقناع واشنطن بشن عمليات عسكرية أميركية مباشرة على سوريا، إلا في حال استخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية، لكنهم سيعملون على انتزاع تأييد أميركي رسمي للعمليات الإسرائيلية.
مصادر نتنياهو تقول، حسب بعض المقالات، إن احتمال التفاهم الإسرائيلي ــ الأميركي على الضربات الوقائية للصواريخ السورية أكبر بكثير من احتمال التوصل لوجهة نظر موحدة تجاه إيران. وهنا، يشير البعض إلى ما أعلنه أوباما قبل أيام في مقابلة مع محطة إسرائيلية، عندما شرح أن «الإيرانيين لن يتوصلوا إلى صنع قنبلة نووية قبل سنة»، وهذا يناقض ما يدعيه المسؤولون الاسرائيليون بأن ذلك «سيتحقق خلال ستة أشهر». وهذا يعني أنه عندما سيسأل نتنياهو زائره الأميركي: «إلى أي مدى أنتم مستعدون لدعم ضربة عسكرية وقائية ضد إيران؟»، سيجيب أوباما: «ما زال لدينا متسع من الوقت».
«نتنياهو سيضغط لتليين الموقف الأميركي الرافض لضرب إيران عسكرياً، في المقابل سيعمل أوباما على انتزاع التزام إسرائيلي ما تجاه عملية السلام، وكلاهما سيفشل في ذلك»، يقول جوليان بورغر في «ذي غارديان». لذا، يردف الكاتب: «ستكون سوريا مجال البحث الوحيد الذي قد يتفق عليه الطرفان».
خلال عهده الأول، كان مستشارو أوباما يرون أنه لا جدوى من زيارة الرئيس لإسرائيل إن لم يكن يحمل في جعبته خطة جدية وفعالة لتحريك عملية السلام، أشار البعض في مقالاتهم. لكن اليوم، أردف هؤلاء، هناك تفكير جديد في البيت الأبيض يقول إنّ من الأفضل لأوباما أن يزور البلاد في فترة هادئة سياسياً، حتى لو لم يكن يحمل أجندة معينة. لماذا؟ يوضح أصحاب هذا الرأي أن ذلك سيساعد الرئيس الأميركي على استعادة ثقة الإسرائيليين الذي باتوا يشككون في التزامه قضاياهم.
لعلّها النقطة الوحيدة المؤكدة التي أجمعت عليها الآراء الصحافية الغربية: زيارة أوباما ستبرهن للإسرائيليين أنه صديق يمكن الاعتماد عليه، وأن أمن إسرائيل لا يزال من أولويات سياسات بلاده الخارجية. وهنا أشار معظم المحللين إلى ضرورة أن يفوز أوباما بقلوب الإسرائيليين مجدداً؛ لأن ذلك سيقرّبه منهم وسيجعلهم أداة ضاغطة في الداخل الإسرائيلي لمصلحة القرارات التي سيتخذها في المستقبل. «ربما سئم الرئيس من سماع جملة: لماذا لم تزر إسرائيل بعد؟» التي كررها الجمهوريون على مسامعه خلال حملته الانتخابية الثانية قال البعض: «لذا هو يسعى لدحض ما روّجه الجمهوريون للناخبين اليهود عن معارضته لفكرة إقامة دولة إسرائيلية».
إحدى افتتاحيات «ذي غارديان» بعنوان «أوباما في إسرائيل: بانتظار غودو»، طالبت بكسر الجمود الذي يفتك بالوضع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، وبتحريك المحادثات فوراً. على أوباما أن يقول لنتنياهو بصراحة إن «الوضع خطير جداً ولا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور».