زيارة أخرى لشخصية سياسية سورية لموسكو. ممثل «هيئة التنسيق الوطنية»، هيثم مناع، يلتقي اليوم وزير الخارجية سيرغي لافروف وفي جعبته «ورقة عمل» لرؤية حول حلّ الأزمة، ومحاولة «لجسّ نبض» موسكو بعد زيارة وزير الخارجية السورية وليد المعلم لها، في وقت فشل فيه «الائتلاف» المعارض، مرة أخرى، في «تثبيت» موعد تشكيل «حكومة موقتة»، تزامناً مع تكرار باريس رفضها لأي حلّ بوجود الرئيس بشار الأسد.
وقال مناع إنه «لم يتم خلق ظروف لإطلاق الحوار بين الحكومة والمعارضة بعد». وأضاف، في حديث إلى وكالة الأنباء الروسية «إيتار - تاس»، «من المستحيل الآن إحراز أي تقدم نحو وقف العنف والبحث عن حل سياسي يؤدي إلى تشكيل سلطة انتقالية». وفي ردّ على سؤال عن مصير الرئيس بشار الأسد، قال مناع إنه إذا «تشكلت في جمهورية برلمانية، لن تكون لمسألة بقاء أو رحيل الأسد أي أهمية على الإطلاق».
ومن المقرر أن يلتقي وفد لجنة التنسيق الوطنية مسؤولي وزارة الخارجية الروسية، بمن فيهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف اليوم. وفي حوار مع قناة «روسيا اليوم»، قال مناع إنّه يزور روسيا لتقديم ورقة عمل أساسية (خطة العمل الأساسية) من جهة، ومعرفة مدى جدية السلطات السورية في قضية التفاوض بعد زيارة (وزير الخارجية وليد) المعلم لموسكو. وذكر مناع أن جامعة الدول العربية ليست في عمق الوضع السوري، مشيراً إلى وجود تحوّل واضح في السياسة الأميركية في ما يتعلق بالحل التفاوضي. وأضاف «يجب على الأطراف الاقليمية أن تفهم أن الحل التفاوضي ووقف العنف ضرورة للجميع وليس للسوريين وحدهم».
في سياق آخر، أرجأ «الائتلاف» المعارض للمرة الثانية اجتماعاً مقرراً في اسطنبول للبحث في مسألة تشكيل «حكومة موقتة» واختيار رئيس لها. وقال عضو «الائتلاف» سمير نشار لوكالة «فرانس برس» إنّ الاجتماع أرجئ بسبب وجود «آراء متعددة في موضوع الحكومة. يمكنني القول إنّ الخلافات حادة، ويتطلب الموضوع مزيداً من الوقت، ومزيداً من المشاورات». وأوضح نشار أنّ الموعد الجديد للاجتماع لم يحدد بعد، لكنه قد يكون بين 18 آذار الجاري و20 منه.
من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، إنّ تسوية الأزمة في سورية تمر عبر «رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة»، مشيراً إلى أن بلاده تناقش مع «الائتلاف الوطني» المعارض وروسيا والولايات المتحدة الأميركية سبل إيجاد «حل من أجل إنهاء الصراع في سوريا».
وأوضح فابيوس، في حديث إلى صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية، أن «نهاية الصراع في سوريا تتطلب أيضاً الحفاظ على مؤسسات الدولة التي يجب ألا يتم تدميرها، لتجنب مزيد من الفوضى في البلاد».
في غضون ذلك، قال مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، إنّ عدد اللاجئين السوريين قد يصل إلى ثلاثة أضعاف المستوى الحالي، البالغ مليون لاجئ، بنهاية عام 2013 إذا استمر تدفقهم بالمعدل الحالي.
وأضاف غوتيريس «نبدأ الآن مشاوراتنا مع الحكومات المضيفة أي مع تركيا والأردن ولبنان والعراق ومصر. والأمر الأول الذي يتعين علينا بحثه مع الحكومات هو بالتحديد ما يمكن أن يحدث بحلول نهاية العام».
وفي تقرير آخر عن تدريب مسلحي المعارضة في الأردن، ذكرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أنّ خبراء أميركيين يتولون تدريب مسلحين سوريين على الأراضي الأردنية، مضيفة إن حوالى 200 مسلح قد تلقوا تدريباً. وأشارت إلى احتمال أن يتلقى نحو 1200 مسلح من عناصر «الجيش الحر» تدريباً في معسكرين في جنوب وشرق البلاد. كما أوضحت المجلة أنّ الاستخبارات الأردنية تتعاون مع ثلاثة من قادة المسلحين من منطقة درعا. في السياق، كشفت صحيفة «ديلي ستار صندي» البريطانية أنّ بريطانيا أرسلت أسلحة سرية بقيمة 20 مليون جنيه استرليني (30 مليون دولار) إلى من وصفتهم «بالمتمردين» في سوريا. وقالت الصحيفة «إن الأسلحة تشمل بنادق هجومية ومدافع رشاشة خفيفة وقنابل يدوية وصواريخ مضادة للدبابات ومنصات صواريخ وقاذفات صاروخية وذخيرة، وإنه جرى تخزينها في دول مجاورة لسوريا، وإنها تكفي لتسليح ألف من عناصر «المعارضة». وأضافت الصحيفة «إن هذا التطور يأتي مع إعلان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن بريطانيا ستزود المعارضة بمركبات مدرعة ودروع واقية من الرصاص». ونسبت الصحيفة إلى مصدر حكومي «أن القرار المتعلق بتسليم هذه الأسلحة سيتم اتخاذه في غضون الأسابيع الستة المقبلة بعد بناء ترسانة سرية منها، وسيتم فتحها وشحنها إذا ما قرر الاتحاد الأوروبي رفع الحظر الذي يفرضه على الأسلحة إلى سوريا، مشيراً إلى أن «بعض الأسلحة البريطانية سلّمت بالفعل للمتمردين عبر السعودية وقطر اللتين اشترتا كميات كبيرة من الأسلحة».
ميدانياً، أفادت قناة «روسيا اليوم»، نقلاً عن مصادر عسكرية سورية، بأنّ الجيش بدأ بإرسال تعزيزات من القوات الخاصة المحمولة جواً إلى مدينة الرقة تأهباً لعملية عسكرية واسعة لاستعادة المدينة المسيطر عليها من قبل المسلحين. في موازاة ذلك، أفادت «لجان التنسيق المحلية» عن اشتباكات دارت في حيّ بابا عمرو وسط حمص، بعد نحو عام من سيطرة الجيش عليه.
من جهتها، قالت وكالة «سانا» الرسمية إنّ «وحدة من الجيش اشتبكت مع مجموعة إرهابية مسلحة حاولت التسلل من منطقة السلطانية إلى حي المجدرة في بابا عمرو وأوقعت عدداً من أفرادها بين قتلى ومصابين».
من ناحية أخرى، شكّلت مجموعات إسلامية مسلحة «الهيئة الشرعية للمنطقة الشرقية من سوريا» لتتولى «إدارة شؤون الناس» في هذه المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. وجاء في بيان، موقّع باسم الهيئة، «إلى أهالينا في المنطقة الشرقية، نحيطكم علماً بأن الله جل وعلا قد منّ على غالب الكتائب الإسلامية بتشكيل الهيئة الشرعية للمنطقة الشرقية، والتي بدورها ستقوم بتسيير شؤون الناس وملء الفراغ الأمني وحل قضايا الناس العالقة».
إلى ذلك، أكد مختار لماني، مدير مكتب الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي، أنّ 21 من جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة الذين احتجزهم مقاتلون من المعارضة السورية لمدة ثلاثة أيام عبروا الحدود إلى الأردن، أول من أمس.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)