حافظت موسكو على مواقفها المتخذة منذ اتفاق «جنيف». الرئيس بشار الأسد لن يرحل، في رأيها، سوى بقرار سوري داخلي، فيما باريس تطالبها بدفعه إلى الرحيل لاطلاق العملية السياسية. في وقت تتابع فيه كشف تفاصيل شحنات الأسلحة الكرواتية التي وصلت إلى المعارضة السورية. وصرّح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف بأنّه مقتنع بأنّ الرئيس السوري بشار الأسد لن يغادر السلطة، مكرراً أن موسكو لا تنوي «اطلاقاً» أن تطلب منه ذلك. وأضاف، في مقابلة تلفزيونية، أنّ «قرار من يجب أن يحكم سوريا لا يعود إلينا، وعلى السوريين أن يقرروا» ذلك.
ورداً على سؤال عن امكانية أن تدفع روسيا الرئيس السوري إلى مغادرة السلطة، قال لافروف «اطلاقاً. تعرفون أن مبدأنا هو عدم التدخل في تغيير أي نظام. نحن معارضون للتدخل في النزاعات الداخلية». وأكد الوزير الروسي أنّه «لن يرحل ونعرف ذلك على نحو مؤكد. كل الذين على اتصال به يعرفون انه لا يراوغ»، كما لفت إلى أنّ موسكو «تعارض أي شرط مسبق لوقف العنف وبدء الحوار».
في موازاة الحديث الروسي، صرّح الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في ختام مباحثاته مع نظيره الإسرائيلي شمعون بيريز في قصر الإليزيه، بأنّ الوضع في سوريا وصل إلى مأزق، إلا أن السلطات الفرنسية ستواصل جهود الوساطة لتسوية هذا النزاع، وتطلب دعم روسيا في ذلك. وقال هولاند: «سأحاول إقناع المعارضة السورية بأنه يمكن عقد مفاوضات مع ممثلين عن النظام الحاكم، لكن ليس مع بشار الأسد، لكنه يجب أيضاً أن تتمكن روسيا من إقناع الأسد بالتنحي». وذكر هولاند أنّه اقترح، خلال زيارته موسكو في الأسبوع الماضي، «اختيار شخص أو أكثر لعقد مفاوضات حول بداية العملية الانتقالية السياسية، على أن يوافق النظام والمعارضة عليهم على حد سواء».
في السياق، شدّد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ونظيره الأميركي وليام بيرنز على ضرورة وقف إراقة الدماء في سوريا وإطلاق العملية الانتقالية السياسية عبر حوار وطني سوري. وذكرت وزارة الخارجية الروسية أنّ بوغدانوف وبيرنز أكدا، خلال لقائهما على هامش اجتماع مجموعة «أصدقاء اليمن» في لندن، على تمسك بلديهما بالبيان الختامي الصادر عن مؤتمر جنيف.
من ناحيتها، أعربت المستشارة السياسية للرئاسة السورية بثينة شعبان عن شكر سوريا لدول مجموعة «بريكس» على الدعم الذي قدمته، والذي أتاح تجنب تدخل عسكري للدول الغربية في سوريا. وأضافت، في تصريح لها بعد لقائها وزير الخارجية الهندي سلمان خورشيد في نيودلهي، «نريد منكم أن تبذلوا مجهوداً إضافياً لاسماع صوتكم، وأن تعبّروا عن دعمكم على نحو أكثر حزماً لانهاء اعمال العنف. اعتقد أن دول مجموعة البريكس لديها من التأثير أكثر مما أظهرته حتى الآن، وبامكانها القيام بالمزيد». وتقوم شعبان بجولة على عواصم دول مجموعة البريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب افريقيا).
وفي ما يأتي ضمن ما أصبح واضحاً عن عمليات تسليح المعارضة السورية، ذكرت صحيفة كرواتية أن العاصمة الكرواتية كانت بين تشرين الثاني وشباط «نقطة عبور» لنقل الأسلحة والذخائر المرسلة إلى مسلحي المعارضة. وقالت صحيفة «يوتارني ليست» إنّ 75 طائرة نقل مدنية تركية وأردنية، أقلعت خلال هذه الفترة من مطار زغرب. وأضافت أن «حجم الأسلحة والذخائر التي نقلت في هذه الرحلات الخمس والسبعين يقدر بحوالى ثلاثة آلاف طن». وقالت الصحيفة إنّ «مسؤولين أميركيين أشركوا شركاء كرواتيا والسعودية والأردن وتركيا في هذه العملية». وتابعت أن «الولايات المتحدة نظمت جمع الأسلحة، والسعودية دفعت ثمنها، بينما قامت تركيا والأردن بنقل هذه الأسلحة التي دخلت من الأراضي الأردنية».
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قد تحدثت عن نقل أسلحة من مطار زغرب إلى مقاتلي المعارضة.
في الإطار ذاته، أعلنت رئيسة وكالة التعاون القضائي الأوروبي، ميشيل كونينسكس، أن مئات الشباب الأوروبيين بمن فيهم مواطنون من بلجيكا، يشاركون في العمليات العسكرية إلى جانب الجماعات المتطرفة في سوريا، بحسب صحيفة «لا ليبر بيلجيك».
من ناحية أخرى، ذكرت مصادر أوروبية أنّ الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي سيجري يوم الاثنين محادثات في بروكسل مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي. وأكد مسؤول كبير في الاتحاد أنّه بالنسبة إلى الأوروبيين يتعلق الأمر «بوسائل دعم جهود الإبراهيمي، الذي يرى أنّ الحل لا يمكن أن يكون عسكرياً».
من جهته، قال نائب الموفد العربي والدولي، ناصر القدوة، أنّ «تعطيل الحلّ السياسي في سوريا سببه اعتقاد كلّ الأطراف أنها ستحقق انتصاراً عسكرياً على الأرض». واتهم القدوة «النظام السوري برفض المواقف العقلانية، والطلبات المعقولة التي طرحها المبعوث المشترك الأخضر الإبراهيمي». وشدّد القدوة على ما صرح به الإبراهيمي بأنه «لن يكون حل في سوريا إلا بتوافق أميركي ـــــ روسي إلا أن الأمر عائد، أولاً وأخيراً إلى الأطراف السورية فقط».
إلى ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أن الجهود المبذولة لضمان الافراج عن 21 من جنود حفظ السلام تحتجزهم المعارضة السورية ستستمر اليوم بعدما توقفت عملية التسليم أمس. وأعرب مدير عمليات حفظ السلام في الامم المتحدة، هيرفيه لادسوس، عن أمله في أن تلتزم القوات السورية بـ«وقف لاطلاق النار لبضع ساعات» لافساح المجال لتسلم المراقبين من خاطفيهم.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)