وصفت إسرائيل حادثة اختطاف المراقبين الدوليين في الجولان بالخطير، وأعربت عن تخوفها من أن تتسبب بانسحاب قوات «أندوف» من منطقة انتشارها المنزوعة السلاح بين الجانبين السوري والإسرائيلي، وخضوع هذه المنطقة لسيطرة المسلحين الذين ينتمون بأغلبيتهم إلى منظمات جهادية ترتبط بتنظيم «القاعدة»، وذلك في موازاة استمرار مفاوضات الأمم المتحدة مع الخاطفين لتحرير المراقبين، الذين أكدت جميع الجهات أنهم بخير.
وقال رئيس الدائرة الأمنية السياسية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، إنّ اختطاف مراقبي الأمم المتحدة الفيليبينيين يعدّ حادثاً خطيراً، على الرغم من إعرابه عن ثقته بأن المنظمة الدولية ستقنع الخاطفين بالإفراج عنهم.
ورأى جلعاد، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، أن سوريا تمرّ حالياً بمرحلة تفكك، ما قد يؤدي إلى ظهور مخاطر جديدة، لافتاً إلى أنّ إسرائيل تتعامل بيقظة وحذر حيال ما يجري وراء الحدود السورية وتتخذ كافة الاستعدادات اللازمة تحسباً لأي احتمال.
ونقلت إذاعة الجيش عن مصادر أمنية اسرائيلية، قولها إنّ «المسلّحين السوريين الموالين للقاعدة هم من يسيطر على الجانب السوري من الحدود»، وأنهم بصدد طرد المراقبين الدوليين من المنطقة، ما يفتح المواجهة على مصراعيها مع اسرائيل. وأشارت المصادر إلى أن «تل أبيب قد تتخذ خطوات على الأرض لضمان أمنها في الفترة القريبة القادمة».
وفي السياق نفسه، أعرب مسؤول اسرائيلي، طلب عدم الكشف عن اسمه، عن تخوفه من أن يؤدي احتجاز هذه العناصر الى رحيل قوات الامم المتحدة لمراقبة فك الاشتباك والذي «من شأنه أن يخلق فراغاً خطيراً في المنطقة العازلة التي تتواجد فيها بالجولان».
بدوره، ذكر موقع «Israel defense» أنّ إسرائيل توجهت إلى الأمم المتحدة وإلى قيادة قوات «أندوف» بطلب عدم تقليص نشاط قوات «أندوف» في الجولان، وألا يُصار إلى سحب أو تقليل أعدادها في أعقاب حادثة الخطف. كما تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مخاوف تسود دوائر صناعة القرار الإسرائيلية من «تفكّك قوات أندوف» في الجولان ومن سيطرة عناصر تابعين للقاعدة على المنطقة الفاصلة بين إسرائيل وسوريا.
وتعمل «أندوف» في الجولان منذ اتفاق فصل القوات بين الجانبين عام 1974 بناء على قرار من مجلس الأمن. وتمتد المنطقة الفاصلة التي تنتشر فيها القوات الأممية على مسافة 80 كيلومتراً طولاً، من الحرمون شمالاً إلى مثلث الحدود السورية الأردنية الفلسطينية في الجنوب، عند نقطة الحمّة، وبعرض يراوح بين كيلومتر ونصف الكيلومتر وعشرة كيلومترات. وبموجب الاتفاق، فإن هذه المنطقة منزوعة السلاح، إلا أنّه توجد فيها إدارة مدنية تابعة للسلطات السورية تدير شؤون عدد من القرى المنتشرة فيها.
وكانت القوات الدولية قد قلّصت عديد قواتها خلال الأشهر الأخيرة، حيث قامت بعض الدول بسحب قواتها كلياً، مثلما فعلت كل من اليابان وكرواتيا. وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإنّ العديد الحالي لقوات «أندوف» المتبقية في الجولان لا يتعدى ألف عنصر، وهو في انخفاض مستمر.
من جهتها، أعلنت الأمم المتحدة أنها لا تزال تفاوض لإطلاق سراح الـ21 مراقباً. وقال المتحدث مارتن نيسيركي، إن المراقبين «لم يطلق سراحهم بعد»، مضيفاً أن قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان «اتصلت بهم هاتفياً وأكدت أنهم لم يتعرضوا لسوء معاملة». وقال إن «الأمم المتحدة تبذل جهودا للتوصل الى الافراج عنهم». كما طالبت الفيليبين بالإفراج الفوري عن مواطنيها المراقبين. وقال الرئيس بينينيو اكينو، إن الجنود «يعاملون جيداً»، وانه «حتى الآن لا شيء يشير الى أنهم في خطر».
وهو ما أكّده أيضاً المعارضون المسلحون الذين ينشطون تحت اسم «لواء شهداء اليرموك»، وأعلنوا اختطافهم للمراقبين الدوليين. وقال رئيس المجموعة للمرصد السوري لحقوق الانسان «إن لا نية لدينا بإساءة معاملة المراقبين الذين سيبقون محتجزين حتى انسحاب القوات النظامية السورية من بلدة جملة في المنطقة» الواقعة على بعد 1,5 كيلومتر عن الخط الفاصل. واتهم الخاطفون قوة الأمم المتحدة بالتعاون مع الجيش السوري لسحق المعارضة المسلحة للنظام السوري مهددين باعتبار المخطوفين «أسرى حرب».
وفي ظل التوتر القائم، يواصل جيش الاحتلال استعداداته الخاصة في المكان، حيث أفيد عن تعزيز قواته وشروعه في بناء سياج حدودي جديد وذكي للحؤول دون عمليات التسلل. وكانت تقارير صحافية قد تحدثت في الأسابيع الماضية عن مخططات لدى إسرائيل لإقامة منطقة أمنية عازلة داخل الأراضي السورية لمنع المسلّحين من الاقتراب إلى الحدود. كما كشفت وسائل الإعلام عن أصوات تتعالى داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تطالب بالبحث عن جهات معتدلة في أوساط المسلّحين السوريين والتواصل معها بهدف بلورة تفاهمات و«قواعد لعبة» تنظم العلاقة بين الجانبين وتضمن تحييد إسرائيل عن أية تداعيات سلبية في حال سقط النظام في سوريا.
وفي سياق القلق الاسرائيلي من تطورات الأزمة السورية، أشار رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي السابق ديورا آيلاند الى أن «القلق في إسرائيل هو من اليوم الذي سيلي سقوط الأسد، وبالأخص في ظل المخاوف من تشكّل جهات إرهابية تعمل في الجانب السوري ضد إسرائيل، وليس هناك أدنى شك في أن هذا الخطر يتعاظم». وأضاف أن «الجيش السوري، الذي كان يشكّل تهديداً بالنسبة لإسرائيل طوال 30 عاماً سيتضرر كثيراً من جراء تدمير أسلحته وعدم تجنيده أشخاصاً وفقدان الثقة وغياب الصيانة للمنظومات الموجودة في حوزته، ومن يسيطر على سوريا في اليوم التالي سيكون لديه جيش مصاب، منكوب ومتفكك، وهذا الأمر يُعتبر بالنسبة لإسرائيل، وبرؤية استراتيجية، ذا منفعة كبرى».
إلى ذلك، نشرت وكالة الأنباء السورية صوراً لما قالت إنها تجهيزات تجسس إسرائيلية عُثر عليها في احدى المناطق الساحلية الأسبوع الماضي. وتظهر الصور المنشورة مجسمات لصخور مصنوعة من «الفيبر غلاس» وفي داخلها كاميرات صغيرة. وقال التلفزيون السوري إنّ وسائل التجسس التي عُثر عليها استخدمت لمراقبة هدف حساس من خلال التصوير وبث الصور. وأفادت مصادر أمنية سورية عن العثور على ثلاثة تجهيزات كهذه في إحدى الجزر غير المأهولة المقابلة لساحل طرطوس شمال سوريا، مشيراً إلى أنّها كانت تستخدم في رصد حركة الأسطول الروسي وسفنه التي ترسو في ميناء المدينة.