حافظ الرئيس السوري بشار الأسد على «أساسات» خطابه الأخير. نعم للحوار، ولضرب الإرهاب. حلّ الأزمة عند الدول الداعمة للمسلحين، برأي الأسد. أما وزير الخارجية وليد المعلم فقد تلقى جرعة دعم سياسية من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ونظيره علي أكبر صالحي. وأكّد الرئيس الأسد استعداده للتفاوض حول إنهاء الأزمة في بلاده مع المعارضين «الذين يسلمون سلاحهم». ورأى في مقابلة مع صحيفة «صنداي تايمز» أنّ «من العبث القول إنّ النزاع يدور حول الرئيس ومستقبله»، قائلاً «إذا صح هذا القول، فسيوقف رحيلي القتال. من الواضح أن هذا الكلام مناف للعقل. السوابق الأخيرة في ليبيا واليمن ومصر تشهد بهذا».
وقال الرئيس السوري «وحدهم السوريون يمكنهم أن يقولوا للرئيس ابق أو ارحل، تعال أو اذهب، ولا أحد غيرهم». وجدّد استعداده للتحاور مع المعارضين، وقال «نحن مستعدون للتفاوض مع أيّ كان، بمن فيهم المقاتلون الذين يسلمون سلاحهم»، مضيفاً «يمكننا بدء حوار مع المعارضة، لكن لا يمكننا إقامة حوار مع الإرهابيين».
وانتقد الرئيس السوري الدول الغربية، ولا سيما بريطانيا التي أعلنت تأييدها رفع الحظر عن تسليح المعارضين السوريين. وقال «بصراحة بريطانيا معروفة بلعب دور غير بنّاء في منطقتنا في عدد من القضايا منذ عقود، والبعض يقول منذ قرون». وقال «إذا كان أحد يريد بصدق، وأشدد على كلمة بصدق، أن يساعد سوريا وأن يساعد في وقف العنف في بلدنا فيمكنه القيام بأمر واحد هو الذهاب إلى تركيا والجلوس مع (رئيس وزرائها رجب طيب) أردوغان ويقول له: توقف عن تهريب الإرهابيين إلى سوريا، توقف عن إرسال الأسلحة وتأمين الدعم اللوجستي لأولئك الإرهابيين. وأن يذهب إلى قطر والسعودية، ويقول لهما توقفا عن تمويل الإرهابيين في سوريا». كما اتهم فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة بأنها «تدعم الإرهاب في سوريا بشكل مباشر أو غير مباشر، عسكرياً أو سياسياً».
وأوضح «أننا في سوريا، اتخذنا قرارين: القرار الأول إطلاق الحوار، والقرار الثاني محاربة الإرهاب». وقال إن «حزب الله، وإيران وروسيا يدعمون الشعب السوري في حربه ضد الإرهاب. دور روسيا بنّاء جداً، ودور إيران داعم جداً، ودور حزب الله هو الدفاع عن لبنان وليس الدفاع عن سوريا، ونحن بلد عدد سكانه 23 مليون نسمة، ولدينا جيش وطني وقوات شرطة قوية ولسنا بحاجة إلى مقاتلين أجانب يدافعون عن بلدنا. والسؤال الذي ينبغي أن يُطرح هو حول دور البلدان الأخرى. وأضاف الأسد «لقد قلت مراراً إن سوريا هي بمثابة خط تماس جغرافياً وسياسياً، واجتماعياً، وأيديولوجياً، ولذلك فإن اللعب بهذا الخط سيكون له تداعيات خطيرة في سائر أنحاء الشرق الأوسط».
في موازاة ذلك، زار وزير الخارجية السوري وليد المعلم طهران التي كرّرت دعمها القوي للسلطات السورية. وقال الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، خلال لقائه المعلم، إنه «لا سبيل لحلّ الأزمة في سوريا إلا بوقف العنف وبالحوار الوطني عبر البرنامج السياسي الذي طرحه الرئيس بشار الأسد». وأضاف إنّ «إيران تقف إلى جانب سوريا في مواجهة الحرب الكونية التي تشهدها»، مشيراً إلى أنّ «سوريا دولة شقيقة».
بدوره، أوضح المعلم للرئيس الإيراني، «تطورات الأوضاع في سوريا، وشدّد على ضرورة وقف العنف وتجفيف مصادره بالضغط على الدول الداعمة له والمعروفة من أجل إيجاد مناخ من الأمن والاستقرار لإنجاح الحوار، الذي بدأته الحكومة بين السوريين ودون تدخل أجنبي تنفيذاً للبرنامج السياسي الذي قدمه الرئيس الأسد».
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع المعلم، قال وزير الخارجية علي صالحي إنّه «في الانتخابات المقبلة، الرئيس الأسد سيشارك (فيها) مثل غيره، ولينتخب الشعب السوري من يريد». وكرّر الوزير الإيراني «الموقف الرسمي لإيران، وهو أن الأسد سيبقى الرئيس الشرعي حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة» عام 2014.
في السياق، سلّم أعضاء لجنة متابعة الحوار الوطني السوري دعوة لمدير مكتب المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي في دمشق، لمشاركة ممثلين عن الأمم المتحدة في جولة جديدة للحوار، من المقرر عقدها في العاصمة السورية في 12 و13 آذار الجاري.
وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والإبراهيمي، أول من أمس، عن خيبة أملهما للفشل في إنهاء الصراع في سوريا. وقالا، في بيان مشترك، إنّ الأمم المتحدة مستعدة للقيام بدور في تسهيل محادثات السلام بين جانبي الصراع.
في سياق آخر، زار رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد معاذ الخطيب، أمس، مناطق في ريف حلب، بحسب ما ذكر مسؤول في المجلس الوطني السوري. وقال المصدر، رافضاً كشف هويته، «دخل الخطيب سوريا للمرة الأولى منذ تعيينه، وزار مدينتي منبج وجرابلس لبضع ساعات، قبل أن يغادر». ونقل «الائتلاف» في صفحته على موقع «فيسبوك» أنّ الخطيب زار منبج وجرابلس «والتقى فيهما عدداً من وجهاء المدينة ونشطاء الثورة، ثمّ قابل رؤساء وأعضاء الهيئة الشرعية ومجلس القضاء، كما استطلع أحد معسكرات الجيش الحر».
وبعد عودته من جولته، أوضح الخطيب، من تركيا، أنّ «قصف النظام لمدينة حلب شمال سوريا بصواريخ «سكود»، جاء بعد إبدائه _ أي الخطيب _ الاستعداد للجلوس مع ممثلي النظام والتحاور معهم».
وجاء حديث الخطيب من مدينة غازي عين تاب، التي جاءها للمشاركة بانتخابات «الإدارة المحلية لمدينة حلب وريفها»، والتي تجرى بتنظيم من قبل الهيئة العامة لمحافظة حلب. وأضاف الخطيب إنه لم يتلق أي جواب من قبل النظام السوري، يتعلق بموافقته أو رفضه الحوار، مؤكّداً استعداده للجلوس مع ممثلي النظام السوري والتحاور معهم.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)