القاهرة | هل ستبقى جبهة الإنقاذ الوطني على قرارها بمقاطعة الانتخابات البرلمانية أم ستعود عن قرارها بعد ما تم تناقله من ضغوط تتعرض لها قيادات الجبهة من الولايات المتحدة للمشاركة في الانتخابات المقررة في نيسان المقبل؟ تساؤلات خلقت حالة من القلق داخل الجبهة نفسها خوفاً من رجوع أي من أطرافها عن القرار وكسر وحدة الجبهة، وخصوصاً بعد الاتصال بين الرئيسين الأميركي والمصري الذي دعا فيه باراك أوباما جميع القوى إلى المضي قدماً في العملية الانتقالية والإعلان عن لقاءات وزير الخارجية الأميركية في زيارته المرتقبة لمصر بأقطاب من الجبهة.
هذا القلق أكده باسل عادل، القيادي في جبهة الإنقاذ والعضو في حزب الدستور، عندما نقل، على حسابه على «فايسبوك»، عن لسان مصادر في الجبهة، أن السفيرة الأميركية في القاهرة، آن باترسون، أجرت اتصالات بقيادات حزب الوفد للضغط عليهم للرجوع عن قرار المقاطعة، وذلك بالتزامن مع إمهال الرئاسة المصرية القوى التي رفضت المشاركة في الحوار حتى اليوم لتقديم مقترحاتها بشأن ضمانات الانتخابات لرفعها كتوصيات إلى اللجنة العُليا للانتخابات.
ويأتي ما قاله عادل في سياق مخاوف عدد من شباب الجبهة، الذين يرون أن مواقف رئيس حزب الوفد السيد البدوي، ورئيس حزب المؤتمر عمرو موسى، توحي أنهما سيحدثان أزمة داخل الجبهة إذا ما استجابا للضغوط الاميركية، وخصوصاً أنهما كانا يفضّلان خوض الانتخابات.
وإن كانت الجبهة لم تعلن موقفاً رسمياً للرد على ما يتردد عن الضغوط التي تتعرض لها، إلا أن رئيس حزب الدستور محمد البرادعي، المشارك في الجبهة، بدا أمس أكثر تشدداً في موقفه. وقال، في تغريدة له على «تويتر»، «لن نخدع الشعب بالمشاركة في ديموقراطية مزيفة أياً كانت الضغوط الداخلية والخارجية».
أما محمود العلايلي، عضو المكتب التنفيذي للجبهة، فأكد لـ«الأخبار» أنه لا علم لديه إن كانت قيادات في الجبهة التقت السفيرة الأميركية أو أي مسؤول أميركي بعد قرار مقاطعة الانتخابات. وشدد على أنهم يرفضون حديث الخارجية الأميركية حول موقف الجبهة ولا علاقة لأميركا به. ولفت إلى أن الادارة الأميركية تتحدث دائماً عن دعمها للتطور الديموقراطي، في وقت تقف فيه دائماً مع الانظمة المستبدة.
بدوره، أشار القيادي في جبهة الإنقاذ، وحيد عبد المجيد، إلى أن «الضغوط التي تتعرض لها المعارضة من واشنطن تضفي شرعية على حكم الإخوان وتحقق المصالح الأميركية». وأصدرت الجمعية الوطنية للتغيير، أمس، بياناً شددت فيه على أنه ليس من حق أميركا أو أي دولة أخرى التدخل في الشأن الداخلي المصري، سواء في ما يتعلق بالانتخابات أو الحوار بين السلطة والمعارضة.
ويأتي الحديث عن الضغوط الأميركية على المعارضة، في وقت أعلنت فيه مؤسسة الرئاسة أمس عن اتصال تم بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس محمد مرسي، أكد خلاله أوباما «حرص الولايات المتحدة على استمرار دعم عملية التحول الديموقراطي في مصر والمضي قدماً في بناء الدولة المصرية الحديثة القوية والمستقرة».
أما بيان البيت الأبيض فشدد على أن «مرسي مسؤول عن حماية المبادئ الديموقراطية التي خاض المصريون من أجلها نضالاً كبيراً»، وأن أوباما شجع مرسي «وجميع المجموعات السياسية المصرية على العمل بتفاهم والمضي قدماً في العملية الانتقالية السياسية».
تفاهم يبدو أن وزير الخارجية الأميركية جون كيري، الذي يستعد لزيارة مصر السبت المقبل، لن يكون بعيداً عن محاولة إرسائه. وحسب مصادر داخل حزب «المؤتمر»، فإن كيرى سيلتقي رئيس الحزب عمرو موسى. كذلك أكدت مصادر في حزب الوفد أن كيرى سيلتقي أيضاً السيد البدوي رئيس الحزب، فضلاً عن احتمال لقائه البرادعي، فيما استبعد أعضاء في التيار الشعبي الذي يترأسه حمدين صباحي أن يلتقي المرشح الرئاسي السابق بكيري الذي دعا عدد من القوى السياسية إلى التظاهر ضد زيارته.
ولا يفصل مراقبون الانخراط الأميركي في الأزمة المصرية عن رغبتها في إنهاء الاستحقاق الانتخابي وإرساء الاستقرار حتى تضمن الاستقرار لإسرائيل، ولا سيما أن حالة الاستقطاب السياسي المتزايدة في الشارع المصري تنهك كثيراً الأجهزة الأمنية. وهو الأمر الذي يسمح للإسلاميين المتشددين بمزيد من الحرية في شبه جزيرة سيناء، الذي تحول إلى ممر للأسلحة المهربة من ليبيا، بما يحمل ذلك من منظور أميركي من خطورة على الكيان الصهيوني. ويتزامن كل ذلك مع تزايد الأصوات المطالبة بعودة المؤسسة العسكرية إلى الحكم مرة أخرى، فيما مُنع مواطنون أمس من تحرير توكيلات لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي لإدارة المرحلة وإنهاء حكم الإخوان.
كذلك تتزامن هذه التطورات مع استمرار العصيان المدني في عدد من المحافظات، وخاصة في بورسعيد ومحافظة المنوفية. وشهدت المحافظتان مسيرتان تدعوان إلى استمرار العصيان وعدم سداد الفواتير للدولة، فيما تفاعلت قضية سحل الشاب البورسعيدي علاء مصطفى محمد على أيدي 6 من أفراد الشرطة بعد تحذيرات المحتجين من مغبة إنهاء العصيان المدني بالقوة.
ويضاف إلى كل هذه الأزمات مواجهة توتر غير مسبوق مع حزب النور السلفي، انعكس على الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح التي أعلن أمس النائب الأول لرئيس الدعوة السلفية، ياسر برهامي، استقالته منها، داعياً نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر إلى رفع يده عنها.
كذلك يترافق ذلك مع أزمة اقتصادية خانقة لجأت الحكومة إلى محاولة الحد منها من خلال إقرارها، أمس، مشروع قانون الصكوك الاسلامية الذي يتيح للدولة إصدار سندات إسلامية، وذلك بهدف تقليص عجز الميزانية المرتفع وتعزيز الاحتياطي الأجنبي الذي هبط إلى مستويات حرجة بالتزامن مع تراجع البورصة المصرية أمس إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع، متأثرة بمقاطعة المعارضة للانتخابات.