بعد تصريحات أحمد معاذ الخطيب «المشجعة»، وخصوصاً بالنسبة إلى موسكو وطهران، عاد الخطّ البياني «التفاؤلي» للهبوط بعد ردود فعل أعضاء الائتلاف والمجلس الوطني المعارض، وصولاً إلى تعليق الزيارة المقررة لموسكو وواشنطن. ولم يظهر بعد أي تعليق أميركي أو روسي رسمي على هذا القرار الذي يعدّ انتكاسة أخرى لمسار حل الأزمة السورية غير الواضح المعالم بالأصل. وأعلن «الائتلاف» المعارض، أول من أمس، تعليق زيارات مقرّرة لواشنطن وموسكو، وكذلك مشاركته في مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» في روما، «احتجاجاً على الصمت الدولي على الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري». وحمّل «الائتلاف»، في بيان، «القيادة الروسية مسؤولية خاصة أخلاقية وسياسية لكونها لا تزال تدعم النظام بالسلاح». وصرّح رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب بأنّ القرار الذي اتخذه الائتلاف هو «صرخة احتجاج ضد كل حكومات العالم التي ترى كيف يقتل الشعب السوري وهي تتفرج».
ودعت لندن الائتلاف إلى «إعادة النظر في قراره»، وقالت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان، إنّ «المملكة المتحدة تعدّ عرض دعم جديداً للائتلاف في روما. وإنّ الائتلاف يحرز تقدماً. ليس الأمر سهلاً لكن الوقت ليس للانسحاب».
في موازاة ذلك، قال عضو المكتب التنفيذي، للمجلس الوطني السوري المعارض، أحمد رمضان، إن الترتيب جارٍ للقاء يجمع بين رئيس المجلس جورج صبرا ورئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب مع الرئيس المصري محمد مرسي لبحث الأزمة السورية، من دون أن يحدد موعداً لهذا اللقاء. لكنه أوضح، في تصريح إلى وكالة «الأناضول»، أن قيادات «المجلس» ستلتقي المبعوث العربي الأممي لسوريا الأخضر الإبراهيمي خلال يومين في القاهرة. ووفقاً لرمضان، فإن المجلس بدأ أمس اجتماعات على مستوى الأمانة العامة في القاهرة تستمر حتى اليوم لمناقشة الأوضاع المستجدة. في السياق، أوضح أن الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أبلغ وفد المجلس، خلال لقائه أمس في القاهرة، أنه «لا توجد دولة عربية واحدة تقبل ببقاء الأسد أو مشاركته في الحكومة الانتقالية، وأن الجميع يعتبر الأسد انتهى ولا بد من الترتيب لوضع ما بعد بشار سريعاً».
بدوره، انتقد رئيس المجلس، جورج صبرا، بعد اللقاء، «صمت الدول العربية على الجرائم التي ترتكب في سوريا»، مطالباً «الجامعة العربية بالضغط على النظام السوري». وفي خصوص قرار «الائتلاف» عدم المشاركة في مؤتمرات دولية تتعلق بالأزمة السورية، قال: «لم ننسحب من أي مشاركة دولية، ولكن قررنا تعليق مشاركتنا، لأننا نرى أن الوقت الآن لا بدّ أن يكرس لمعالجة آلام شعبنا في الداخل ووقف أعمال العنف».
إلى ذلك، نفى مصدر إعلامي رسمي سوري ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول لقاء سري جمع بين ممثل عن الرئيس بشار الأسد وأيّ طرف من أطراف المعارضة في الخارج، كما نفى رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب، بدوره، هذه الأنباء.
من ناحيتها، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها تتطلّع إلى اجتماع قريب مع قيادة «الائتلاف» لمناقشة سبل مساعدة الشعب السوري على تحقيق الانتقال السياسي في بلاده. ولفتت المتحدثة باسم الخارجية، فيكتوريا نولاند، في بيان، إلى أن بلادها «ساعدت مجالس الإدارة المحلية ومجالس الثورة في المحافظات، ولجان التنسيق المحلية، على تنظيم أنفسهم للعب دور حيوي في الثورة».
في سياق آخر، وبعد اتهامات عربية ودولية للجيش السوري باستخدام صواريخ سكود في حلب، ما أوقع مجازر، نفى وزير الإعلام عمران الزعبي استخدام القوات السورية صواريخ «سكود» في المعارك مع مسلحي المعارضة، وجدّد استعداد حكومته لمحاورة جميع أطراف المعارضة، بما فيها التنسيقيات، شرط إلقاء السلاح، مشيراً إلى ضلوع تركيا في «سفك الدماء السورية». وأكد أنّ الحوار هو الحل الوحيد للخروج مما تمرّ به البلاد، مشدداً على أن من يحدد طبيعة الحكم في سوريا هو الشعب وحده.
من جهته، رأى مستشار مرشد الجمهورية الإيرانية، علي أكبر ولايتي، «أنّ أعداء سوريا بدأوا يستيقظون من أوهامهم التي غرقوا فيها خلال عامين من استهدافهم لها». وشدّد ولايتي، خلال استقباله السفير السوري في طهران عدنان محمود، أول من أمس، على «أن المساس بسوريا هو مساس بمنظومة المقاومة في المنطقة».
بدوره، وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، خلال افتتاح الدورة الثانية لمنتدى الاتصال الحكومي، الذي تستضيفه إمارة الشارقة، النظام السوري «بالديكتاتوري»، الذي لا يمتلك القدرة على تحرير أراضيه المحتلة، مشيراً إلى أن بلاده لن تكون «كالشيطان الأخرس» تجاه ما يحدث في سوريا.
في سياق آخر، كشفت صحيفة «صنداي تليغراف»، أمس، أنّ القادة العسكريين البريطانيين والأميركيين وضعوا خططاً للاستيلاء على مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية أو تدميرها، في حال انزلقت البلاد إلى مزيد من الفوضى. وأضافت المصادر أنّ الخيارات الأخرى «تشمل استخدام القوات الخاصة والقوات المدربة على الحرب الكيماوية لتأمين مواقع أسلحة الدمار الشامل في سوريا».
من جهتها، أرجعت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نجاح المعارضة في الاستيلاء على مناطق جديدة من سوريا إلى تدفق أسلحة ثقيلة على الثوار. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عرب ومعارضين سوريين، أن شحنة الأسلحة الجديدة، المتضمنة أسلحة مضادة للدبابات وبنادق عديمة الارتداد، دخلت مدينة درعا عبر الحدود الأردنية من «أجل مواجهة النفوذ المتزايد للجماعات الإسلامية المتشددة في الشمال من خلال تعزيز جماعات أكثر اعتدالاً تقاتل في الجنوب».
وقالت الصحيفة إنّ هذه الشحنة تعدّ أولى شحنات الأسلحة الثقيلة التي أرسلتها قوى خارجية للمعارضة، لافتة إلى امتناع المعارضين والمسؤولين العرب الذين تحدثوا إلى الصحيفة عن كشف مصدر الأسلحة المقدمة. لكن المسؤولين أكدوا أن أكثر الدول التي انخرطت في دعم المعارضة، هي اليوم «الأكثر انزعاجاً من تنامي نفوذ المتشددين في سوريا»، وتشمل هذه الدول الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين، فضلاً عن تركيا وعدد من الدول الخليجية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)