تمكن رئيس الحكومة الاسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو من إحداث اختراق «تكتيكي» في الجمود الذي يسيطر على المفاوضات الائتلافية، عبر التوقيع على اتفاق ائتلافي مع حزب الحركة برئاسة تسيبي ليفني، (6 أعضاء كنيست)، تتولى بموجبه الأخيرة حقيبة القضاء، وتلعب دوراً مؤثّراً في المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، إضافة الى عضوية في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية. أما وزير الخارجية السابق عمير بيرتس، فمن الممكن أن يتولى وزارة البيئة، وبمعقولية أقل يمكن أن يتولى هذه الحقيبة عميرام متسناع.
اتفاق نتنياهو مع ليفني التي سبق أن تعهدت بأنها لن تكون ورقة توت في حكومة يمينية حريدية، أملاه فشل محاولاته السابقة تفكيك الحلف الثنائي بين رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت، ورئيس «يش عتيد/ يوجد مستقبل» يائير لابيد، الذي ضيَّق خيارات نتنياهو وحاول وضعه أمام خيار من اثنين: إما حكومة من دون الحريديم، (أو مشاركتهم مع رضوخهم لخطة تجنيدهم في الجيش) أو من دونهما معاً، وهو ما قد يكون له تداعياته السياسية والحزبية على نتنياهو.
وعليه، بالرغم من أن الاتفاق يمثل خطوة باتجاه تشكيل الحكومة، إلا أنه في الواقع يندرج أيضاً ضمن المناورات الائتلافية التي يحاول من خلالها نتنياهو الإيحاء بوجود خيار بديل من المسار الذي يحاول لابيد وبينيت أن يفرضاه عليه.
كذلك يمثّل ضم ليفني، الوحيدة التي خاضت الانتخابات على أساس برنامج سياسي يطالب باستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، رسالة يؤكد فيها التزامه بالعملية السياسية على المسار الفلسطيني، على أساس الدولتين، عشية زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لإسرائيل والمنطقة في العشرين من الشهر المقبل.
لكن هذا الاتفاق سيجرّ على ليفني حملات عنيفة من لابيد ورئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش، لكونها قبلت أن تكون ورقة بيد نتنياهو لتعزيز أوراقه التفاوضية وفكّ الطوق الذي فُرض عليه.
رغم ما تقدم، لا تزال الطريق أمام نتنياهو، بعد حوالى أسبوعين ونصف أسبوع على تكليفه، مُعبّدة بالمشاكل والعقبات، وخصوصاً أن مجموع المقاعد التي يمكن بشكل أو بآخر ضمانها، بعد الاتفاق مع ليفني، وبفرضية ضمان انضمام كتلتي شاس ويهدوت هتوراة، الحريدية، (18 مقعداً)، وكتلة كديما، (مقعدان)، هي 59 مقعداً من أصل مجموع عدد أعضاء الكنيست البالغ (120 مقعداً).
وعليه يبقى نتنياهو ملزماً بتأمين مشاركة أحد الأحزاب الثلاثة الآتية: العمل الذي يطالب ببرنامج اقتصادي يتعارض مع السياسة الاقتصادية لنتنياهو، و«يوجد مستقبل» والبيت اليهودي، في ظل استثناء حزب ميرتس اليساري والأحزاب الفلسطينية.
في ضوء ما تقدّم، الرسالة التي وجهها نتنياهو الى الثنائي بينيت ولابيد، أو على الأقل حاول الإيحاء بذلك، هي أنه حسم خياره بالذهاب نحو حكومة بمشاركة الحريديم وأحزاب أخرى تنتمي الى معسكر الوسط، إذا ما أصرّا على مواقفهما المتصلبة من مسألة تجنيد الحريديم في الجيش، والتي سوف تؤدي حكماً الى إبقاء حزبيهما خارج الحكومة.