الأخضر الإبراهيمي عاد لإحياء مبادرة أحمد معاذ الخطيب. المبادرة فتحت كوّة برأيه. واشنطن وموسكو تابعتا تبادل الآراء في اتصال بين وزيري خارجيتهما، بينما دعت دمشق، مجدّداً، إلى الحوار على «الأرض السورية». ودعا الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي الأطراف في سوريا والمنطقة العربية والمجتمع الدولي إلى السعي لإنجاح مبادرة رئيس «الائتلاف» المعارض لفتح حوار مع النظام السوري. وقال، بعد لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في القاهرة، إنّ «المبادرة التفاوضية للحوار التي طرحها الخطيب ما زالت مطروحة وستظل مطروحة». وأضاف أنّ المبادرة «فتحت باباً وتحدّت الحكومة السورية لتؤكد ما تقوله باستمرار من أنها مستعدة للحوار والحل السلمي». وتابع أنّه «إذا بدأ حوار في مقرّ من مقار الأمم المتحدة بين المعارضة وبين وفد مقبول من الحكومة السورية، فسوف يشكل بداية للخروج من النفق المظلم من سوريا».
من ناحيته، قال العربي إنّه «لا يوجد شيء محدّد حتى الآن في ما يتعلق بالدعوة إلى الحوار بين الجانبين». لكنه دعا إلى «أن يكون هناك تأييد لهذه الفكرة». وأوضح العربي أنّه سيتوجه إلى موسكو قريباً (بعد غد) على رأس وفد من أربع دول عربية للمشاركة في المنتدى العربي الروسي، مؤكداً أنّ «الأزمة السورية ومبادرة الخطيب والدعوة إلى وقف إطلاق النار ستكون على قمة جدول الحوار».
على المسار الروسي _ الأميركي، أفادت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أنّ المسائل المتعلقة بالتسوية السورية جاءت على رأس موضوعات المحادثة الهاتفية التي جرت بين وزيري خارجية روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية.
وجاء في بيان للوزارة: «جرى أثناء حديث الوزير مع نظيره الأميركي تبادل مفصّل للآراء حول مسألة التسوية السورية في سياق ضرورة وقف العنف من جانب كافة الأطراف، والبدء بالحوار بين الحكومة والمعارضة».
في دمشق، دعا رئيس الوزراء وائل الحلقي كلّ الأطراف إلى الحوار، معتبراً أنّ الحكومة قدّمت جميع الضمانات المطلوبة لإجراء الحوار داخل سوريا. ونفى الحلقي، خلال جلسة للبرلمان عقدت في دمشق وبثّها التلفزيون السوري على الهواء، خروج 600 ألف شخص من سوريا نتيجة الأزمة، معتبراً أنّ الدول التي تستضيف النازحين السوريين تقوم «بالاتجار بهم» من أجل الحصول على مساعدات «مادية ومعنوية».
بدوره، جدّد وزير المصالحة الوطنية علي حيدر تأكيده أنّ الحوار الوطني لا يمكن أن يكون إلا على أرض سورية وبإدارة سورية. وأشار، في تصريح تلفزيوني، إلى أنّ «الأجواء في سوريا إيجابية، وتسير الأمور باتجاه الانفراج». وأبدى حيدر استعداده للقاء أي شخصية سورية موجودة في الخارج تقرّ برفض التدخل الخارجي وبالخروج من عقلية الإقصاء.
في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، إنّ بلاده دعمت دائماً مبادرات الأخضر الإبراهيمي. وأوضح أنّ النظام السوري ردّ بسلبية، دائماً، على جميع المبادرات المشابهة، «إلا أن القرار النهائي يعود للشعب السوري، وللائتلاف الوطني السوري».
في سياق آخر، أشارت صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية إلى أنّ «وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري قد أعلن أنه يقوم بصياغة مقترحات دبلوماسية جديدة لإقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحّي عن السلطة»، موضحةً أن «كيري حذّر من أن ذلك قد لا يجدي في درء الانهيار العنيف الذي يهدّد البلاد».
ولفتت الصحيفة إلى أنّ «كيري أعلن أنّه سيتوجه في رحلته الخارجية الأولى إلى الشرق الأوسط للحديث مع حلفاء الأميركيين في سبل تيسير رحيل الأسد من السلطة». ورأت الصحيفة أنّ «التصريحات الحذرة التي قدمها كيري تعدّ مؤشراً جديداً على أن إدارة الرئيس باراك أوباما خفضت سقف توقعاتها في سوريا، بينما تحافظ على تأييدها للائتلاف المعارض الذي ساعدت في تأسيسه». وأشارت إلى أنّه «بعد عام من الإعلان أنّ أيام الأسد باتت معدودة، يعجز المسؤولون الأميركيون الآن عن وضع تقدير محدد للفترة التي سيظل خلالها الأسد في السلطة».
في السياق، أعلن رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال ريموند أوديرنو أنّ خطط التدخل في سوريا جاهزة، بيد أنّ الرئيس باراك أوباما يريد حلاً دبلوماسياً. وأضاف أن التدخل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع السياسية الداخلية هناك، مشيراً إلى أنّ سلاح الدمار الشامل في سوريا أصبح فى مأمن.
إلى ذلك، رأت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الأمم المتحدة، نافي بيلاي، أنّ المجتمع الدولي يتردّد إزاء التدخل في سوريا، لأن الحكومات تتساءل عن جدوى الانخراط في حرب قد تطول كثيراً. وجددت بيلاي، في حديث تلفزيوني أول من أمس، دعوتها إلى إحالة مجلس الأمن الدولي ملف النزاع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية لإجراء تحقيق بشأن «الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب» المرتكبة في سوريا. واتهمت بيلاي القوات النظامية بارتكاب جرائم حرب.
في غضون ذلك، أوضح المعارض السوري ميشيل كيلو أنّه التقى في مدينة أنطاكيا التركية مع قوى مسيحية سورية حضرت من الداخل والخارج لتشكيل هيئة سياسية خاصة بمسيحيي سوريا، أطلق عليها اسم «سوريون مسيحيون من أجل العدالة والحرية»، وأنّه سيعمل من خلال تلك الهيئة على هدم الهوّة بين المسيحيين الذين لا يزالون يؤيدون النظام السوري وبين الثورة السورية. ورأى أنّ المسيحيين الذين ما زالوا يؤيدون النظام السوري إما «شبيحة» أو «مضللين من قبل الكنيسة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)