قتامة المشهد المصري اليوم لم تعد محصورة في حالة الفوضى التي تشهدها البلاد أو بسبب الأزمات الاقتصادية، حيث أصبح لا يمر يوم إلا ويسجل فيه الجنيه انخفاضاً جديداً في قيمته، أو تعلن احدى الوكالات العالمية خفض التصنيف الائتماني للمصارف المصرية، على غرار ما حدث أول من أمس. كل ذلك لا يبدو أنه كاف، لذلك تعيش مصر اليوم في دوامة من انحدار مستوى التخاطب وسط انقسام حاد في الشارع بين مؤيد للرئيس محمد مرسي ومعارض له.
وجاءت الخطب التي ألقيت في «جمعة كش ملك» التي نظمتها المعارضة ومليونية «معاً لنبذ العنف» لتسلط الضوء أكثر على هذه الظاهرة. فتظاهرات المعارضة التي توزعت بين ميدان التحرير وقصر الاتحادية وقصر القبة علت فيها شعارات من قبيل «كفاياكم يا شعب سكات»، و«دول عايزين يسرقوا ثورتنا إلا الثورة على جثتنا»، قبل أن يتوّجها خطيب جمعة «كش ملك» في ميدان التحرير عبد الله نصر، بشن هجوم عنيف على مليونية «معاً لنبذ العنف». وتساءل نصر «أي عنف ينبذونه وهم أيديهم ملطخة بدماء الأبرياء، هل نسوا تاريخهم الأسود». وأضاف «هم أول من استخدموا العنف ويريدون الصاق العنف حالياً بالثوار الذين يدافعون عن أنفسهم، أي عنف يتحدث عنه وينبذه هؤلاء الإرهابيون».
قابل هذا الانتقاد هجوم عنيف آخر على جبهة الانقاذ من على منصة «معاً لنبد العنف»، التي نظمها حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الاسلامية. ورفع المتظاهرون في المليوينية التي غابت عنها أحزاب «النور»،«الوطن» و «الجبهة السلفية» لافتات معادية لجبهة الانقاذ الوطني، بينها «الشعب يريد يداً من حديد» و«يا جبهة الخراب نحن لكم بالمرصاد».
واتهم خطيب الجمعة في التظاهرة الشيخ محمد الصغير، وهو قيادي في حزب البناء والتنمية «جبهة الإنقاذ بأنها توفر غطاء سياسياً للعنف وحرق المقارّ وتخريب المنشآت». وأضاف «الذي جاء بالصناديق لن يذهب بالمولوتوف. الشعب المصري سيدافع عن الشرعية وعن اختياره».
وبالتزامن، اندلعت اعمال عنف امام قصر القبة الرئاسي، وذلك عندما رشق المتظاهرون القصر بزجاجات المولوتوف والحجارة. كما حاولوا تحطيم البوابة الرئيسية للقصر. وردت قوات الامن المكلفة حماية القصر برش المتظاهرين بالمياه لتفريقهم.
كذلك عطل مئات المحتجين حركة قطارات في الوجه البحري «القاهرة ـــــ الإسكندرية» وخط «طنطا ـــ المنصورة»، وخط «القاهرة ــــ بورسعيد» للمطالبة بإقالة الحكومة والقصاص للشهداء وفقاً لوكالة «أنباء الأناضول». وهو الأمر الذي تكرر في محطة بني سويف (جنوب القاهرة).
وبعيداً عن التظاهرات والتظاهرات المضادة، انطلق أمس المؤتمر الثانوي الثاني الذي ينظمه حزب الحرية والعدالة على مدى يومين، للبحث في موضوع الانتخابات البرلمانية والحالة الاقتصادية والسياسية للبلاد. وأكد الأمين العام للحزب، حسين إبراهيم، أنهم «سيخوضون الانتخابات البرلمانية المقبلة ونحن على ثقة بأن الشعب سيمنحنا الثقة كما منحنا إياها من قبل».
في غضون ذلك، استمر الجدل حول تعيين نجل مرسي، عمر، في إدارة وحدة التعاون الدولي التابعة للشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية. ونفى رئيس الشركة، مجدي عبد الهادي، تعيين نجل مرسي في وحدة التعاون الدولي وتقاضيه راتباً يصل إلى 40 ألف جنيه. ولفت إلى أن «رواتب المعينين الجدد 900 جنيه فقط، وبعد 6 أشهر تصل إلى 1200 جنيه، وذلك ما ينطبق على الجميع، بمن فيهم عمر».
وفي اطار سياسة النفي التي بات يمتاز بها النظام المصري ورجالاته، نفى المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ياسر علي علمه بصدور قرار بتعيينه رئيساً لمركز المعلومات في مجلس الوزراء، وخصوصاً بعد عدم ظهور قرار رسمي من الحكومة، فيما أكدت مصادر أن مستشار الرئيس لشؤون المصريين فى الخارج، سيحل محل علي في إطار مشروع متكامل لإعادة هيكلة الفريق الرئاسي.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)