أوصلت دول الخليج مؤتمر المانحين لمصلحة اللاجئين السوريين المنعقد في الكويت إلى هدفه المنشود بتبرعاتها الخيالية. «يسرني الإعلان أنّ التعهدات تخطّت الهدف»، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في نهاية المؤتمر. في الكويت أيضاً، طرح الرئيس التونسي منصف المرزوقي مبادرة لحلّ الأزمة السورية من خارج السياق. إذاً، أكثر من 1,5 مليار دولار أصبحت «نظرياً» موجّهة إلى مئات الآلاف السوريين داخل وطنهم وخارجه. المسؤول الأممي أكّد، في الوقت ذاته، أنّه لا يمكن المساعدات الإنسانية وحدها أن تحلّ الأزمة السورية؛ لأنها بحاجة إلى حلّ سياسي. ورأى أنّ على الرئيس السوري «المسؤولية الأساسية في وقف معاناة شعبه».
وأعلنت كلّ من الكويت والإمارات والسعودية تقديم 300 مليون دولار، لتشكّل مساهماتها مجتمعة 900 مليون دولار. وأعلنت البحرين تقديم 20 مليون دولار، فيما تعهدت ألمانيا تقديم عشرة ملايين يورو. من جهته، أكد وزير الخارجية الكويتية صباح خالد الصباح الحاجة إلى مزيد من المساهمات. وشاركت 59 دولة في المؤتمر إلى جانب وكالات عديدة تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية.
من ناحيتها، قالت منسقة المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة، فاليري آموس، أنّه سيُخصَّص مبلغ 519 مليون دولار من الأموال للمناطق الأكثر تأثراً بالنزاع. وأشارت إلى أنّ ثلاثة ملايين سوري نزحوا داخل الأراضي السورية، فيما يحتاج 2,3 مليون سوري على الأقل إلى مساعدات أساسية عاجلة. ونفت اتهامات عن استئثار المناطق التابعة لسيطرة الحكومة السورية على السواد الأعظم من المساعدات، مؤكدة أنّ هذه الأخيرة توزع بإنصاف بين المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات، وتلك التي تسيطر عليها المعارضة.
وألقى الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس اللبناني ميشال سليمان كلمتين شدّدا فيها على ضرورة مساعدة البلدين على تحمل أعباء استضافة اللاجئين. وطالب عبد الله الثاني بإنشاء صندوق لدعم اللاجئين في الدول العربية، ودعم الدول التي تستقبلهم، وفي مقدمتهم اللاجئون السوريون.
بدوره، أشار سليمان إلى أنّ لبنان بحاجة إلى 370 مليون دولار لتلبية احتياجات اللاجئين فيه. وأكد أنّ حدود لبنان ستظل مفتوحة، و«لا يسع لبنان إلّا أن يدعو المجتمع الدولي إلى تقاسم الأعباء معه».
بعيداً عن «أجواء» المؤتمر، قدّم الرئيس التونسي، منصف المرزوقي، مبادرة لحلّ الأزمة السورية تتضمن خمس نقاط. وقال، في كلمته في المؤتمر، إنّ بلاده تطالب «بالعمل على وقف فوري لسفك الدم وإيجاد مخرج سياسي لا تراه تونس إلا عبر الضغط عبر أصدقاء الديكتاتور السوري عليه، ليوقف مسلسلاً دموياً عبثياً». وتضمنت المبادرة تنظيم مرحلة انتقالية تحت إشراف قوة حفظ سلام عربية يمكن تونس أن تشارك فيها، وكذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية من المعارضة «والشق الوطني والمسؤول داخل النظام السوري الحالي». وتضنت المبادرة أيضاً «التوافق على دستور يضمن مدنية الدولة والنظام الديموقراطي والمساواة بين المواطنين»، وتنظم انتخابات ديموقراطية على أساسه، إضافة إلى وضع خطة عربية ودولية لإعادة إعمار سوريا.
وعلى هامش المؤتمر، قال مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، إنّ الولايات المتحدة أوصلت التطرف في سوريا إلى أعلى مستواه.
في موازاة ذلك، واصل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، انتقاده لطريقة تعاطي الغرب مع الملف السوري، ورأى أنّ «اللعبة المزدوجة للقوى الخارجية في الوضع الراهن في سوريا خطيرة للغاية». وفي مقال له، في النشرة الدبلوماسية السنوية، أضاف أنّه «يتعيّن على مجلس الأمن وجميع اللاعبين الخارجيين الذين يتمتعون بنفوذ في الشؤون السورية، مواصلة الجهود لتسوية الأزمة السورية»، مضيفاً: «لا نقبل محاولات استخدام مجلس الأمن لتشريع تدخل خارجي، بما فيه تدخل عسكري تحت شعارات إنسانية».
من جهة أخرى، تتابع التفاعل السياسي حول «مجزرة حلب»؛ إذ اتهم الائتلاف المعارض المجتمع الدولي بتشجيع النظام على مواصلة انتهاكاته. وعبّر الائتلاف، في بيان، «عن صدمته بالمجزرة الجديدة المروعة التي ارتكبها نظام الأسد بحق المدنيين الآمنين في بستان القصر». وأكد أنّ «التراخي العالمي المستمرّ تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا لا يزال يشجع القتلة على الاستمرار بجرائمهم».
بدورها، أعربت روسيا إدانتها واستياءها من المجزرة الإرهابية في حلب. وجاء في بيان لوزارة الخارجية أنّه يجب «إجراء تحقيق دقيق في هذه الجريمة، ونعرب عن تعاطفنا العميق مع الحكومة السورية والشعب السوري وأسر الضحايا». ولفت البيان إلى أنّ جثث ضحايا المجزرة وجدت في منطقة تنشط فيها مجموعات مسلحة غير شرعية. من جهتها، أعربت فرنسا، أمس، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية فيليب لاليو، عن «صدمتها» بما حدث في حلب، مؤكدة أنّها تأمل أن يحال المسؤولون عن هذه «الجرائم» على المحكمة الجنائية الدولية. وأوضح لاليو أنّ «التجاوزات بحقّ المدنيين لا تحتمل مهما كانت الجهة المسؤولة عنها ويجب أن تتوقف».
في السياق، وجّهت وزارة الخارجية السورية رسالتين متطابقتين إلى كلّ من رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة «عن قيام مجموعات إرهابية من جبهة النصرة بتنفيذ إعدام جماعي بحق عشرات المخطوفين، وإلقاء جثثهم في نهر قويق بمنطقة بستان القصر في حلب». وأكدت أنها «تنقل وقائع هذه المجزرة المروّعة إلى علم مجلس الأمن»، وجددت «مطالبتها للمجلس بتحمل مسؤولياته وإصدار إدانة واضحة وصريحة لهذه الأعمال الإرهابية التي تستهدف المدنيين الأبرياء وإدانة مرتكبيها، ومن يقدم لهم الدعم لتشجيعهم على الاستمرار في جرائمهم».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)