القاهرة | تغريدة على موقع «تويتر» للقيادي في جبهة الإنقاذ محمد البرادعي، تضمنت دعوة إلى اجتماع فوري مع الرئيس محمد مرسي لإجراء حوار جاد، كانت كافية لتُشغَل البلاد في محاولات تفكيك أبعاد هذه الدعوة على وقع مبادرات ومشاورات تسعى إلى احتواء الأزمة في البلاد. لكن تصريحات الرئيس محمد مرسي، من ألمانيا، جاءت لتعطي أولى الإشارات على توجه الرئاسة لإجهاض مبادرة البرادعي. فالبرادعي أكد أن الأولوية «لوقف العنف» المستمر في البلاد، الذي أدى أمس إلى سقوط قتيلين في محيط ميدان التحرير. وشدد أيضاً على أهمية «بدء حوار جاد يتطلب التزام الضمانات التي طرحتها جبهة الإنقاذ، وفي مقدمتها حكومة إنقاذ وطني، ولجنة لتعديل الدستور»، بمشاركة الرئيس ووزيري الداخلية والدفاع، وحزب الحرية والعدالة وجبهة الإنقاذ والسلفيين.
لكن مرسي، الذي كان يتحدّث في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين، أصرّ على رفض مقترح تشكيل الحكومة. وأكد من برلين أن «الحكومة الحالية برئاسة هشام قنديل مستقرة، وأن المصريين سينتخبون خلال أربعة أشهر على الأكثر مجلس نواب جديداً يتولى اختيار حكومة جديدة».
في المقابل، حرص مرسي، الذي تلقى ضربة بكسر قرار حظر التجوال وبدء المحافظات، وتحديداً السويس، بقصره على 3 ساعات (من الثانية إلى الخامسة فجراً)، على الحوار واستكمال بناء المؤسسات الدستورية، وبناء الدولة المدنية «التي ليست دولة عسكرية ولا دولة ثيوقراطية، بل دولة مدنية بالمؤسسات».
بدورها، طلبت ميركل من الرئيس المصري التحاور مع «مختلف القوى السياسية». وأضافت: «قلت بوضوح إننا نريد نجاح عملية تحول مصر. كما شددت على أن بعض الأمور مهمة جداً بالنسبة إلينا»، موضحة أن هذه الأمور هي «أولاً إبقاء خط الحوار مفتوحاً على الدوام مع جميع القوى السياسية في مصر، ثم إفساح المجال أمام مساهمة مختلف القوى السياسية، واحترام حقوق الإنسان وبالطبع ضمان الحرية الدينية».
هذا التعنت من قبل مرسي في تلبية أحد أبرز مطالب المعارضة للقيام بحوار جاد، ترافق مع حالة من عدم التنسيق داخل الجبهة رافقت مبادرة البرادعي. جورج إسحق، وهو قيادي في حزب الدستور الذي يرأسه البرادعي، أكد لـ«الأخبار» أن جبهة الإنقاذ ستناقش اليوم للمرة الأولى المبادرة الجديدة، «لكون المبادرة أصلاً شخصية، وأُطلقت باسم صاحبها فقط، لا باسم جبهة الإنقاذ، ولا حتى حزب الدستور». وأضاف: «لكن في كل الأحوال، الجبهة ستعلن موقفها من أي مبادرة من هذا القبيل قبل تظاهرات الجمعة»، التي دعت إليها قوى المعارضة مجتمعة، فيما خرج القيادي الآخر في الجبهة عمرو موسى للحديث عن أن «الموقف الخطير الحالي الذي تمر به مصر يفرض قبول دعوة الحوار التي وجهها الرئيس المصري محمد مرسي».
وبدا واضحاً قلق الجيش من تعرضه لانتقادات على غرار ما حدث إبان مبادرته في أعقاب الإعلان الدستوري في حال الموافقة على المشاركة في مبادرة البرادعي. وأكد أحمد علي، المتحدث العسكري باسم الجيش المصري، لـ«الأخبار» أن «المبادرة الصادرة عن البرادعي لم تناقش بعد من قبل قيادة القوات المسلحة، ولم يصدر بشأنها أي قرار من قبل القائد العام (وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي)، وبالتالي يصعب الحديث عن موقف رسمي للجيش المصري من تلك المبادرة».
إلا أن مصدراً مطلعاً في الجيش، طلب عدم ذكر اسمه، أوضح لـ«الأخبار» أن أي قرار من قبل المؤسسة العسكرية بشأن تلك المبادرة سيتخذ عبر توازن بين دور القوات المسلحة الوطني في وقف الاحتقان السياسي وإعادة الاستقرار إلى الوطن من ناحية، ومراعاة الحساسية من أي دور للقوات المسلحة قد يفسّر كتدخل منها في العمل السياسي. وأضاف: «نحن لا نعمل في السياسة، وليس هذا بدورنا، إلا أننا تحملنا انتقادات من بعض القوى السياسية حين دعا الجيش إلى حوار وطني بين القوى السياسية بوساطة منه قبل أكثر من شهر ونصف». وتابع: «فقد قيل وقتها إننا نسعى للعودة إلى السياسة، رغم أننا لم نكن نسعى إلا إلى إعادة الاستقرار السياسي عبر إعادة التفاهم بين الفرقاء دون البحث عن دور نلعبه».
ويبدو أن مبادرة البرادعي قد تحيي بشدة التناقضات داخل جبهة الإنقاذ نفسها، كما يبدو من حديث محمد عبد العزيز، وهو ممثل للتيار الشعبي في جبهة القوى الثورية التي تضم ممثلين للتيار وحزب الدستور مع قوى سياسية أخرى ترفض الانضمام إلى جبهة الإنقاذ.
فعبد العزيز، الذي يعبّر عن موقف قطاع من الشباب في جبهة الإنقاذ، وصف الجبهة بأنها عاجزة عن أن تؤدي دور قيادة الثورة، «وتسعى فقط إلى أن تؤدي دور قيادة المعارضة، وهو ما لا يبدو منطقياً في ظل عدم استقرار الحياة السياسيه أصلاً». وأضاف: «الجبهة مترددة جداً وإصلاحية، وخصوصاً أنها تضم قوى غير مرتبطة بالثورة أصلاً (في إشارة إلى أحزاب الوفد والتجمع والمؤتمر المصري التي ينظر لها شباب الجبهة كقوى مقربة من من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك) والمبادرة ليست إلا مسكّناً لمرض عضال، هو تباين اختيارات السلطة والثورة».
أما موقف المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، ياسر محرز، فعلق على المبادرة، بالقول لموقع «اليوم السابع» إن «جماعة الإخوان تدرس جميع المبادرات التي تطرح على الساحة المصرية، للخروج من الأزمة الحالية وللتوافق مع القوى السياسية في الفترة المقبلة».
وفي السياق، انتهى لقاء ضم قيادات جبهة الإنقاذ الوطني مع ممثلين لحزب النور السلفي، أمس ببيان دعا فيه الطرفين الى تشكيل لجنة لتعديل الدستور وتشكيل حكومة جديدة للوحدة الوطنية، وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الأحداث الدامية. وأكد حزب النور انه سيعرض ما انتهى إليه الحوار مع جبهة الإنقاذ الوطني على بقية القوى.