دمشق | أكد قيادي رفيع المستوى في حركة «فتح الانتفاضة» الفلسطينية مُقرّب من عائلة أبو موسى، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، أن جثمان أمين سر اللجنة المركزية للحركة سعيد موسى مراغة، «سيوارى في الثرى ظهر اليوم (الأربعاء) عقب صلاة الظهر، في إحدى مقابر العاصمة السورية دمشق والبعيدة عن مخيم اليرموك، نتيجة الأحداث الأمنية المتردية التي يشهدها أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا»، من دون أن يشير أو يفصح عن مكان تقبّل العزاء. وعليه، لن يحظى القيادي الفلسطيني بطقوس وداع شعبي، خلافاً لما جرت عليه العادة لدى تشييع قادة وزعماء فصائل المقاومة الفلسطينية، الذين سرعان ما يحوّل أبناء مخيمات الشتات الفلسطيني مراسم تشييعهم إلى تظاهرات شعبية حاشدة.
من جهتها، وزعت قيادة «فتح الانتفاضة» بياناً نعت فيه أمين سرها، مؤكدةً أنه «برحيل أبو موسى فقدت جماهير الشعب الفلسطيني رمزاً وطنياً وقائداً فلسطينياً، طالما رفض مشاريع التجزئة والتدخل الأجنبي».
ولد القيادي الفلسطيني الراحل عام 1927 في بلدة سلوان الواقعة في القدس القديمة المحتلة. في عمر 21 عاماً، تطوع أبو موسى في صفوف الثوار المدافعين عن فلسطين في حرب 1948، وكان شاهداً حياً على نكبة شعبه التي لخّص صورها ومشاهدها في كتابه «حياتي في الثورة» الذي وضع بين دفتيه صفحات كثيرة من مذكراته وشهاداته حول معاناة أبناء شعبه، وأفرد فصولاً طويلة لخفايا الثورة الفلسطينية وتاريخها.
اختار أبو موسى الأردن مكاناً للجوئه مع عائلته، وسرعان ما انضم إلى صفوف الجيش الأردني الذي انشق عنه عام 1970 على أثر أحداث أيلول الأسود، والمواجهات الدموية بين الجيش الأردني وبين الفدائيين الفلسطينيين. التحق بعدها بحركة فتح وقاتل تحت إمرة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات «أبو عمار»، وأدى دوراً بارزاً واستثنائياً في الحرب اللبنانية.
تدرّج في المسؤوليات والمناصب، وأشرف شخصياً على غرفة العمليات العسكرية. ومثل الكثير من الزعامات الفلسطينية، لم يسلم أبو موسى من محاولات الاغتيال والتصفية، عندما استهدفته إحداها عام 1977 لإبعاده عن الجنوب اللبناني الذي كان خاضعاً لسيطرة منظمة التحرير الفلسطينية بشكل جزئي. لكنه نجا من الموت، وتغلب على إصابته البالغة، وعاد إلى ساحة المواجهات، ليشرف بتكليف من أبو عمار على العمليات المركزية أثناء الاجتياح الصهيوني للبنان في حزيران 1982. إلا أن الخلافات بلغت ذروتها عام 1983 داخل منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تُعتبر الجامع الأوحد لفصائل المقاومة على اختلاف توجهاتها الفكرية والإيديولوجية، وقراءة قادتها لواقع قضيتهم المشتركة. فشلت محاولات كثيرة في السيطرة على الخلاف. اعتبر أبو موسى مع رفاقه أبو صالح وأبو خالد العملة من أبرز المنشقين الذين سرعان ما أنشأوا فصيلاً جديداً باسم «فتح الانتفاضة» الذي عارض بشكل مباشر سياسات عرفات الذي بدأ بتغيير نهج الكفاح المسلح، والعمل على الانخراط في العملية السياسية لحل القضية الفلسطينية.