فاجأت أحداث العنف التي شهدتها المدن المصرية الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين، ولا سيما مع ارتفاع سقف طلبات المتظاهرين وظهور حركة «بلاك بلوك»، التي تتهمها قوى سياسية، وفي مقدمتها جماعة الإخوان، بأنها حركة «إرهابية» تستخدم العنف.
هذه المعطيات والأحداث جميعها، جاءت مباغتة ومتلاحقة على نحو سريع، لتطل نظرية المؤامرة مرة أخرى من خلف الستار. ويتحدث عدد من كوادر «الإخوان» وقيادتهم عن مؤامرة تحاك ضدهم وضد الرئيس محمد مرسي.
نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، عصام العريان، قال على صفحته على «فايسبوك»، إن «هناك قوى دولية وحلفاء لها تسعى لزعزعة الأمن الداخلي واستقرار البلاد، وأن تلك القوى تسعى لمشاريع من نوع الشرق اﻷوسط الكبير والفوضى الخلاقة، ودعمت حركات وأفراداً ومنظمات وأحزاباً ووسائط إعلامية وباحثين في البلاد العربية وأوروبا وأميركا بتمويل ضخم».
حديث المؤامرة تطرق إليه أحمد نصار، القيادي في جماعة الإخوان في البحيرة. قال، لـ«الأخبار»، إن أحداث بورسعيد ظهرت خلالها أسلحة ثقيلة و«هاون» خلال الهجوم على السجن، فضلاً عن تسجيل الطب الشرعي لإصابة أحد جنود الأمن المركزي بقطع في القصبة الهوائية «وهو ما لا يمكن حدوثه إلا بواسطة محترف».
وتابع نصار أن الثورة المضادة وصلت لمرحلة الحرب المسلحة، بخروج مجموعات «بلاك بلوك» وبظهور هذه الأسلحة الخطيرة في أيدي معتدين على الشرطة في بورسعيد والسويس.

واستطرد نصار في شرح «المؤامرة»، من وجهة نظره، قائلا إن «الثورة المضادة سارت في عدد من الخطوات بدءاً من الرغبة في إطالة المرحلة الانتقالية، ثم الرغبة غير الجادة للمجلس العسكري في تسليم السلطة، ثم محاولة إسقاط مرشح الإخوان أمام أحمد شفيق عبر حملة إعلامية شرسة، ثم محاولة إبقاء مرسي وحيداً ومعزولاً عن محيطه عبر الإعلان الدستوري المكمل ثم عرقلة بناء المؤسسات، والخطوة المقبلة التقليل من شعبية الإسلاميين للحصول على تشكيل الحكومة وعزل مرسي عن الداخل المصري». ويبدو أن جماعة الإخوان ترى أن هذه الأحداث ستمر كما مرت غيرها، وهو ما يظهر من خلال استمرارها في حملة «مليونية البناء» وأعمالها الخيرية التي أطلقتها الجمعة الماضية، مع ترك الشرطة تواجه الأمر على أرض الواقع. حتى أنها تقوم باستطلاعات رأي تمهيداً للانتخابات المقبلة.
وبحسب ما أعلن أمين الشباب في الحرية والعدالة في الإسكندرية، محمد البرقوقي، فإن الاستطلاعات تظهر أن شعبيتهم أفضل من وقت الإعلان الدستوري.
لكن هذا لا يعني عدم وجود استراتيجية مواجهة مضادة للإخوان. الاستراتيجية تظهر عبر عدة محاور: الأول، هو أنه طالما أن الاعتداءات لم تصل للاتحادية، فإنهم لن يتحركوا ليتركوا الشرطة والجيش أمام مسؤولياتهم في حفظ الأمن حتى يحل موعد الدعوة إلى الانتخابات، ومن ثم يبدأ الجميع بالانشغال سياسيا بها، من دون الخوف من المقاطعة. فبحسب مصدر مطلع داخل الجماعة، فإن القوى السياسية التي تسعى لإسقاط الإخوان دعت الى مقاطعة الاستفتاء ثم ذهبت إليه. وتعتمد الجماعة، في ذلك المحور، على نفاد صبر الجماهير العادية، التي قد تهب ضد المتظاهرين الذين يصعدون بقطع الطرق. وهي في هذا السياق تعتمد على هبة الحركات الإسلامية الجهادية في حال تطور الأمر إلى أبعد من ذلك.
أما المحور الثاني في استراتيجية المواجهة فبدأته الجماعة عبر دعوة الرئاسة من خلال خطاب مرسي إلى الحوار، وإظهار حزب الحرية والعدالة استعداده لتعديل بعض مواد الدستور وتعديل قانون الانتخابات، من دون المساس بالدستور كلية أو الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وعدم الحديث عن تغيير النائب العام ، وهي المطالب التي طالبت بها بعض القوى السياسية.
ويرى أحمد نصار أن استراتيجية الحوار وتقديم تنازلات بعيداً عن نتائج «الصناديق» هي أحد طرق الخروج من الأزمة. وما يؤكد هذا المسار ما أشار إليه حسين إبراهيم، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، حين شدّد على الحاجة «لتغليب مصلحة الوطن على الأجندات الفكرية والحزبية والمصالح الشخصية». وأضاف «على القيادات السياسية والحزبية أن تتنافس لتقديم برامج تنهض بمصر وتنعكس على أحوال المواطنين المعيشية».