أثارت التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أول من أمس بشأن التهديدات التي أشار إلى أن تل أبيب باتت عرضة لها جراء تطورات الوضع السوري، وخصوصاً لجهة مصير «الأسلحة الفتاكة» الموجودة هناك، ترددات واسعة على الحلبتين الإعلامية والسياسية في إسرائيل، بدا معها لمتصفح عناوين الصحف الإسرائيلية أن الأمور بلغت مرحلة بالغة الدقة من الخطورة.
وما زاد التغطية الإسرائيلية إحساساً بسخونة الحدث، اقترانها بحراك سياسي وميداني أوحى في دلالاته بفائض جدية لدى تل أبيب في التعاطي مع المستجد السوري. وعلى رأس هذا الحراك طفا إعلان نشر بطاريات «القبة الحديدية» في منطقة الشمال والحديث عن عودة مستعجلة لوزير الدفاع، إيهود باراك، من رحلة إلى الخارج وإيفاد رئيس مجلس الأمن القومي، يعقوب عميدرور، في مهمة خاصة إلى موسكو عنوانها السلاح الكيميائي السوري. يضاف إلى ذلك كله الإعلان أمس عن استمرار المشاورات على مستوى القيادة السياسية - الأمنية لبحث الوضع السوري استكمالاً لأكثر من اجتماع بشأن هذا الموضوع شهدتها الأيام الأخيرة.
وخصصت الصحف العبرية صفحاتها الأولى لعناوين أبرزت قلقاً إسرائيلياً على مصير السلاح الكيمائي السوري، وخصوصاً من انتقاله إلى أيدي حزب الله. وعنونت صحيفة «هآرتس» بالخط العريض «تخوف من تسرب سلاح كيميائي إلى لبنان»، وهو العنوان نفسه الذي اختارته «يديعوت أحرونوت» لصفحتها الأولى مستبدلة كلمة «لبنان» بكلمة «حزب الله» إلى جانب عناوين فرعية مثل «جبهة مواد متفجرة» و«الخط الأحمر الإسرائيلي».
وفيما تصدرت الصفحة الأولى لـ«معاريف» عبارة «إسرائيل لروسيا: امنعوا نقل السلاح الكيميائي السوري إلى منظمات إرهابية» وإلى جانبه عنوان فرعي هو «رياح حرب»، خصصت «إسرائيل اليوم» صفحتها الأولى للموضوع نفسه تحت عنوان «الخطر والتأهب» يعلوه شرح عن أن المقصود من الخطر هو انتقال السلاح الكيميائي السوري إلى حزب الله ومنظمات أخرى.
وقالت صحيفة «يديعوت» إن هذا الأمر إذا حصل «من شأنه أن يغير موازين القوى في الشرق الأوسط». وأشارت الصحيفة إلى وجود تنسيق إسرائيلي وثيق من واشنطن بخصوص هذا الموضوع، لافتة في هذا الإطار إلى الاجتماع الذي عقده نتنياهو الأحد مع السفير الأميركي في إسرائيل، دان شبيرو.
وعددت الصحيفة جملةً مما سمتها «مؤشرات التوتر» أحصت من ضمنها «حركة يقظة واستثنائية للمقاتلات الإسرائيلية على الحدود الشمالية في نهاية الأسبوع الماضي»، مشيرة إلى أن «هذا النشاط لا يحصل في أيام الجمعة والسبت إلا في حالات الطوارئ».
من جهتها، قالت صحيفة «معاريف» إن هناك «خشية لا سابق لها في إسرائيل من انزلاق محتمل لسلاح كيميائي واستراتيجي آخر من سوريا إلى المنظمات الإرهابية المحسوبة على الجهاد العالمي. وكشفت الصحيفة عن إيفاد نتنياهو مستشاره لشؤون لأمن القومي، يعقوب عميدرور، على نحو عاجل إلى موسكو حيث سيلتقي نظيره الروسي نيكولاي بتروشف ووزير الخارجية سرغي لافروف بهدف الطلب من الروس محاولة منع انزلاق السلاح. وأوضحت الصحيفة أن الغاية من هذه المهمة هي السعي إلى «دفع الرئيس السوري لتعزيز حماية منشآت السلاح الكيميائي أو إيجاد حلول أخرى للقضية مقبولة من إسرائيل».
وقدم معلق الشؤون العسكرية في «معاريف»، عامير رابيبورت، إطاراً تفسيرياً لتصريحات نتنياهو الأحد وللإثارة الإعلامية التي تلتها، مشيراً إلى أن الهدف الإسرائيلي من وراء ذلك هو «إيصال رسالة إلى سوريا وحزب الله بأن إسرائيل لن تسلم بنقل سلاح استراتيجي إلى لبنان». لكنه رأى أنه «ليس واضحاً إذا كان قد تم استيعاب الرسالة».
وفيما أكد مراسل القناة الإسرائيلية الأولى للشؤون العربية، إيهود يعاري، أن امتلاك حزب الله لأسلحة دمار شامل هو بالنسبة إلى إسرائيل «خط أحمر واضح جداً جداً»، ذكر مراسل القناة الإسرائيلية الثانية للشؤون السياسية، أودي سيغل، أن نتنياهو أوضح في الماضي أن «استخدام أو وصول سلاح كيميائي إلى حزب الله سيؤدي الى عملية عسكرية اسرائيلية، ولذلك الأعين مفتوحة من أجل التثبت من أن أمراً ما لن يحصل في الشمال تحت ظل الصراعات الداخلية (في سوريا)».
وعلى هامش ما بدا صمتاً رسمياً إسرائيلياً، سُجل موقف لوزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعالون، أكد فيه متابعة إسرائيل بقلق للتطورات السورية، مشيراً إلى أنّ خلفية القلق هي أن «سوريا لديها قدرات استراتيجية، وبشكل أساسي أسلحة كيميائية». وفي مقابلة مع إذاعة جيش الاختلال، قال يعالون: «ما دامت إسرائيل غير مهددة، فهي لن تتدخل في سوريا كما فعلت خلال سنتين، وقد تدخلنا فقط حين كان هناك إطلاق نار من وراء الحدود بشكل مقصود أو غير مقصود، حيث رددنا بإطلاق النار وفهم السوريون الرسالة الكلامية والعملية في الميدان».
من جهته، رأى رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، أن «المخازن الكيميائية (في سوريا) محمية حتى اللحظة»، محذراً من تطورات سلبية يمكن أن تحصل.