في ظهور جديد، منذ خطابه في دار الأوبرا منذ عشرين يوماً، أحيا الرئيس السوري بشار الأسد عيد المولد النبوي في أحد مساجد دمشق، في وقت أعربت فيه فرنسا عن أن سقوط الأسد ليس وشيكاً، فيما رأى وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أنّ الشعب السوري هو الوحيد المخوّل رفض أو قبول الأسد في العملية الانتقالية. وشارك الرئيس السوري بشار الأسد في احياء عيد المولد النبوي الشريف في مسجد الأفرم في دمشق، أول من أمس. وعقب انتهاء الخطبة الدينية في المسجد، ترجّل الأسد نحو سيارته التي قادها بنفسه.
وفي تناقض مع توقعاتها خلال الشهور الماضية، قالت فرنسا، أول من أمس، إنّه ما من مؤشرات على قرب إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد. وأفاد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، في خطابه السنوي لوسائل الاعلام بمناسبة العام الجديد، «الأمور لا تتحرّك، والحلّ الذي كنا نأمله... أعني سقوط بشار ووصول الائتلاف (المعارضة) إلى السلطة لم يحدثا».
وفي تصريح ناريّ، مغاير لتصريحات الأسرة الحاكمة في السعودية في الفترة الأخيرة، دعا رئيس الاستخبارات السعودية السابق، الأمير تركي الفيصل، إلى تزويد المعارضة السورية بأسلحة مضادة للدبابات وللطائرات. وقال الفيصل إنّه يفترض أنّ بلاده ترسل أسلحة إلى المعارضة، ورأى أنّ عدم إرسال أسلحة سيكون خطأً مروعاً، موضحاً أنّه ليس مضطراً إلى أن يتحدث بدبلوماسية لأنه ليس عضواً في الحكومة.
وأضاف، في كلمة له أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، إنّه يتعيّن على القوى الغربية الحصول على معلومات كافية عن كتائب المعارضة المسلحة العديدة لضمان وصول الأسلحة لعدد محدد من الجماعات فقط. ورأى أنّ تحقيق التكافؤ العسكري بين قوى المعارضة والقوات السورية يجب أن يكون مصحوباً بمبادرات دبلوماسية، مشيراً إلى أنه بالإمكان اختيار من وصفهم بالأخيار من المعارضة وتزويدهم هذه الوسائل بما يعزز صدقيتهم.
من ناحيته، وفي موقف لافت، رأى وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أنّ الشعب السوري هو الوحيد المخوّل رفض أو قبول الأسد في العملية الانتقالية، كما شدّد على أنّه من غير الممكن قيام «دويلة علوية»، أو «دويلة كردية» في سوريا إلا بتحريض خارجي.
ونبقى في دافوس، حيث دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، مجلس الأمن الدولي إلى التوحّد، وتحمّل مسؤولياته حيال سوريا لتفادي «دمار» هذا البلد. ورأى أنّ وقوف القوى الكبرى في موقع المتفرج سيعني «التنازل عن مسؤوليتنا الجماعية في حماية» الشعوب، مشيراً إلى أنّ الحوار في سوريا لا يزال ممكناً.
من جهته، طلب الملك الأردني عبد الله الثاني، في دافوس أيضاً، من المجموعة الدولية مزيداً من المساعدة لمواجهة تدفق اللاجئين السوريين، الذين يكافحون من أجل البقاء.
وفي إطار البرنامج السياسي لحلّ الأزمة، الذي تعمل عليه الحكومة بعد خطاب الأسد الأخير، دعت وزارة الداخلية السورية القوى السياسية المعارضة الموجودة في الخارج، والراغبة في المشاركة في «الحوار الوطني»، للعودة إلى سوريا، متعهدة تسهيل هذه العودة.
في موازاة ذلك، كان السفير الإيراني في العراق، حسن دانائي - فر، يرى أنّ إيجاد حلّ سلمي للصراع في سوريا بعيد المنال. وأعرب في حديث لوكالة «فرانس برس»، أول من أمس، عن اعتقاده بأنّ «الصراع فيه ملامح حرب أهلية»، وقدّر الديبلوماسي الايراني أنّ «70 % من مقاتلي المعارضة ينتمون إلى جبهة النصرة».
من ناحية أخرى، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في اتصال هاتفي أول من أمس، عن دعمهما لجهود الموفد إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، لإيجاد تسوية سياسية للأزمة في سوريا على أساس بيان جنيف.
في سياق منفصل، وفي مسألة شغلت الساحة السورية، قال السفير الأميركي السابق في سوريا، روبرت فورد، إنّ «المتحدث باسم وزارة الخارجية والمغتربين جهاد مقدسي موجود فعلاً في الولايات المتحدة». وأضاف فورد، في حديث لشبكة «سي.أن.أن» إنّ المقدسي يعيش بصفة لاجئ، نافياً «الشائعات التي تردّدت حول عمله مع الحكومة الأميركية».
على الصعيد الانساني، حثّت الأمم المتحدة الدول المجاورة لسوريا على إبقاء حدودها مفتوحة أمام المدنيين، ووصفت هروب اللاجئين إلى الأردن بأنه «مأساوي للغاية». وقالت إنّ أكثر من 30 ألف سوري وصلوا إلى مخيم الزعتري في الأردن هذا العام.
على الصعيد الشعبي، أقيمت صلوات في المساجد السورية بدعوة من السلطات «لصلاة مليونية»، أمس، من أجل عودة الأمن إلى البلاد. وأشار الاعلام الرسمي إلى «مشاركة شعبية واسعة» فيها. وبثّ التلفزيون السوري مشاهد مباشرة عن الصلاة التي أقيمت في مسجد بني أمية الكبير في دمشق، أمّها العلامة محمد سعيد رمضان البوطي. في المقابل، دعا الناشطون المعارضون إلى التظاهر تحت شعار «قائدنا محمد، سيدنا إلى الأبد».
ميدانياً، أفادت مصادر المعارضة أنّ الجيش السوري صعّد هجماته على معاقل المعارضة في مدينة حمص، ودفع بقوات برية في مسعى منه لتأمين طريق لقواته عند تقاطع طرق، يربط بين شمال البلاد وجنوبها وتقاطع آخر يربط بين شرقها وغربها.
في محافظة الحسكة، استمرت الاشتباكات في مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا، بين مقاتلين أكراد وآخرين معارضين للنظام. كذلك، شهد حيّ التضامن في جنوب دمشق ومحيط مخيّم اليرموك اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين ليل الخميس ـــ الجمعة.
من جهتها، أفادت وكالة «سانا» عن «تفجير إرهابي في سعسع في ريف دمشق»، وأوردت «أنباءً عن سقوط ضحايا وجرحى».
في موازاة ذلك، قال ناشطون معارضون إنّ «ثمانية من أفراد الاستخبارات الحربية السورية قتلوا»، حين فجّر اسلاميون متشددون سيارة ملغومة، أول من أمس، قرب الجبهة الجنوبية على حدود هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)