أكد دبلوماسي أوروبي في العاصمة الإريترية أمس أن العسكريين المتمردين الذين احتلوا أول من أمس، وزارة الإعلام في أسمرة، أفرجوا عن الموظفين الذين كانوا يحتجزونهم وغادروا المكان، موضحاً أنه لم تشاهد أمس أي من المدرعات التي كانت متمركزة أمام المبنى. وفي أول تعليق رسمي، قال مدير مكتب الرئيس الإريتري في تغريدة لـ«فرانس برس»، إن «كل شيء هادئ كما كان الأمر أمس». أما الدبلوماسي الأوروبي، الذي كان أول شاهد تحدثه الوكالة الفرنسية حول الوضع في العاصمة، فقال من جهته «لا وجود عسكرياً واضحاً في المدينة والدبابات غادرت». وأضاف إن «وزارة الإعلام استأنفت نشاطها المعتاد» وإن الموظفين المحتجزين عادوا الى منازلهم. وتابع إن «النشاط عادي في المدينة، والمباني الرسمية فتحت أبوابها وكذلك المصارف»، فيما لا يزال موقع المتمردين الذين غادروا الوزارة مجهولاً. لكن سفير اريتريا لدى الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، غيرما اسمرسوم، رفض التعليق على الوضع في أسمرة، قائلاً لـ«فرانس برس»، «لا أريد إعطاء أي صدقية لمعلومات سخيفة وسافلة».
بدوره، أوضح موقع «اواتي دوت كوم» المعارض في المنفى، والذي يتخذ مقراً له في الولايات المتحدة ولديه شبكة معلومات في اريتريا، أن زعيم المتمردين هو الكولونيل صالح عثمان، أحد قادة القوات الاريترية المتمركزة في منطقة عصب المرفئية على البحر الأحمر جنوب شرق البلاد. وقال «اواتي»، إن «كل موظفي وزارة الإعلام أطلِق سراحهم»، موضحاً أن «المواجهة تمت تسويتها عندما وافقت الحكومة على طلبات زعيم المتمردين».
وأكد «اواتي»، أن التلفزيون الحكومي، الذي تقع استديوهاته داخل الوزارة، وقطع بثه منذ الاثنين، استأنف بث برامجه مباشرة مساء الاثنين.
والكولونيل عثمان من مخضرمي حرب الاستقلال وهو ضابط ذاع صيته لأنه لا يرتشي وقوي الشخصية. وهو يعتبر بطلاً في حرب الحدود مع اثيوبيا (1998-2000) لإنقاذه منطقة عصب من هجوم أثيوبي عام 2000 برفضه أمراً بإخلائها مع رجاله.
في غضون ذلك، أفادت مصادر متطابقة بأن مجموعة تتألف من نحو مئة عسكري على الأقل تمركزت صباح الاثنين داخل وزارة الإعلام التي تتألف من تجمع أبنية، تبث منها كل وسائل الإعلام الحكومية وتقع على تلة في قلب أسمرة تشرف على العاصمة الاريترية، وخصوصاً القصر الرئاسي.
وهذا التحرك المخطط له الذي نفذه عسكريون، غير مسبوق في إريتريا، وهي بلد يهيمن عليه الجيش ولا معارضة فيه، إذ يقوم نظام الرئيس أسياس أفورقي بسحق أي محاولة احتجاج. ولم تتوافر تفاصيل إضافية. فالصحافة المستقلة محظورة، فيما يُعتبر الصحافيون الأجانب أشخاصاً غير مرغوب بهم في أريتريا التي لزمت سلطاتها الصمت حيال الأحداث منذ الاثنين.
والرئيس ايساياس يتولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 1993 بعد تمرد دام 30 عاماً ضد سلطات اديس ابابا.
وتوجد خلافات منذ فترة طويلة بين اريتريا والغرب، حيث اتهمت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة البلاد في العام الماضي بارتكاب عمليات تعذيب وإعدام بعد محاكمات صورية.
ويقول دبلوماسيون إقليميون إن مصاعب اقتصادية متزايدة يعاني منها كثير من الاريتريين _ رغم تدفق الاستثمارات على مناجم الذهب _ تنتقص من قاعدة تأييد اسياس. ويضيفون إن ذلك يشمل الجيش الذي يزيد به عدد الجنود مقابل كل فرد أكثر من أي بلد آخر، باستثناء كوريا الشمالية.
وكانت خطوط الهاتف لوزارة الإعلام مفتوحة أمس، لكن الاتصالات من مراسلي «رويترز» قطعت. وقال مسؤول من مكتب مفوض الشرطة «ليس هناك مشكلة».
(أ ف ب، رويترز)