دعا وزير الخارجية السوري وليد المعلم المعارضة إلى الحوار، منتقداً الدعوات إلى تنحّي الرئيس بشار الأسد، في وقت تجتمع فيه «معارضة الخارج» في اسطنبول لتشكيل «حكومة منفى» لتنتقل إلى باريس بعد أيام. وحمّل وليد المعلم المطالبين بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد مسؤولية استمرار العنف في سوريا، ودعا في الوقت نفسه المعارضين إلى الحوار على أساس خطة الأسد الأخيرة.
وقال المعلم، في مقابلة تلفزيونية أول من أمس، إنّ الأميركيين والروس لم يتوصلوا إلى اتفاق، خلال لقائهم الأخير في جنيف، بسبب عدم وجود «فهم مشترك للمرحلة الانتقالية الغامضة» التي يبحثون فيها. وأضاف إنّ «الجانب الأميركي يتمسك بأنّ المنطلق هو التغيير في النظام السياسي بمعنى تنحي سيادة الرئيس... إنهم يتجاهلون حقيقة أنّ قبطان السفينة عندما تهتزّ لن يكون أول من يغادر».
ووجّه المعلم انتقادات قاسية للموفد العربي والدولي الأخضر الابراهيمي، الذي تبنى خلال زيارته الأخيرة لدمشق «موقفاً يطابق الموقف الأميركي والموقف الخليجي ـــ ليس كل دول الخليج ـــ المتآمر على سوريا لذلك فهو خرج عن طبيعة مهمته وانحاز عن مهمة الوسيط، لأنّ الوسيط لا يتبنى طرحاً ضد أيّ طرف آخر». وتابع «لا أحد يتطاول على مقام الرئاسة. هذا غير مقبول».
وقال المعلم إنّه ليس «متشائماً»، ودعا إلى الحوار مع «من حمل السلاح من أجل الإصلاح». وأضاف «أخصّ بذلك التنسيقيات، جيل الشباب لأن هذا البرنامج لهم. من حمل السلاح من أجل المال أقول له سامحك الله. أنت تدمر البلد من أجل حفنة دولارات. تعال شارك في بنائها. أما من حمل السلاح دفاعاً عن عقيدة، فليس في سوريا لك مكان».
في سياق آخر، عقد ائتلاف المعارضة السورية اجتماعاً، أمس، في اسطنبول سعياً لاختيار رئيس وزراء في المنفى، على ما أكد أحد ممثليه لوكالة «فرانس برس». ودارت النقاشات حول مبدأ تشكيل حكومة في المنفى الذي لا يزال موضوع نقاش، وحول اسم الشخص الذي يمكن أن يتسلم رئاسة هذه الحكومة في حال الاتفاق على تشكيلها، حسب ما قال أحد المشاركين في الاجتماع، طالباً عدم الكشف عن اسمه. وأضاف هذا المصدر «تمّ طرح اسم رياض حجاب، لكن ذلك أثار انتقادات كثيرة». ودار الحديث، خلال هذا الاجتماع المغلق، «حول وضع الائتلاف الحالي ومستقبله»، وسيستأنف الاجتماع اليوم الاثنين، حسب المصدر نفسه.
في موازاة ذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، أنّ اجتماعاً للمعارضة السورية سيعقد الاثنين في 28 كانون الثاني في باريس بحضور أبرز قادتها، معتبراً أنّ الرئيس السوري بشار الأسد «لا يستعيد سلطته على الاطلاق». وأوضح أنّ «أبرز الجهات الداعمة» للائتلاف ستكون حاضرة في هذا الاجتماع. وأكد الوزير الفرنسي، أيضاً، أنّ المعلومات حول احتمال استخدام أسلحة كيميائية في حمص في 23 كانون الأول الماضي لم تتأكد.
وكانت صحيفة «لوموند» الفرنسية قد نقلت عن «مصادر في أجهزة استخبارات غربية»، أنّ سلاحاً كيميائياً غير مميت بمفعول يشلّ الحركة، استخدمه الجيش السوري ضد معارضين في حيّ البيضاء في حمص.
من جهته، أكد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أنّ ظلم النظام في سوريا سينتهي آجلاً أو عاجلاً. وأضاف، في كلمة ألقاها أمام حشد من اللاجئين السوريين في مخيم ببلدة «نيزيب» بولاية غازي عنتاب، «إنّ الأسد الابن فاق أباه في الظلم وارتكاب المجازر، مشدّداً على وقوف الشعب التركي إلى جانب السوريين».
من ناحية أخرى، قال السيناتور الجمهوري، جون ماكين، أول من أمس، إنّ واشنطن يجب أن تفعل المزيد لدعم «مسعى» الشعب السوري. وتحدث ماكين، خلال لقائه مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، عن زيارته لمخيّم للاجئين السوريين في الأردن. وأضاف ماكين، الذي يرأس وفداًَ من أعضاء مجلس الشيوخ في زيارة للمنطقة، «جميعنا نؤمن بأنّ ذهاب بشار الأسد أمر حتميّ، لكننا قلقون جداً كذلك حول الفترة التي ستستغرقها هذه العملية».
من جهته، حذّر الملك الأردني عبد الله الثاني، خلال استقباله ماكين، من تداعيات الأوضاع الخطيرة في سوريا على المنطقة، و«حالة الفراغ الذي قد تستغله العناصر المتطرفة لتنفيذ أجنداتها». وجدّد «التأكيد على موقف الاردن الداعم لإيجاد حلّ سياسي شامل للأزمة في سوريا، يحافظ على وحدة أراضيها وشعبها، ويضع حداً لإراقة الدماء».
ميدانياً، كثّف الطيران الحربي السوري غاراته على ريف دمشق، وتزامن القصف الجوي مع اشتباكات عنيفة في منطقة داريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وفي مدينة حمص، أفاد المرصد عن تعرّض مناطق جوبر، والسلطانية، والخالدية لقصف عنيف من القوات النظامية، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة في المناطق نفسها.
من جهة ثانية، قال مصدر عسكري في ادلب لوكالة «فرانس برس» إنّ «المسلحين يشنون هجوماً عنيفاً على الحواجز المحيطة بسجن ادلب المركزي، الواقع على طريق ادلب ـــ أريحا».
وفي مدينة رأس العين، قتل 16 مقاتلاً معارضاً، ومقاتلان كرديان في اشتباكات بين مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي وآخرين من كتائب معارضة، بعضها اسلامية. وتحدثت «هيئة التنسيق الوطنية»، التي يشكل حزب الاتحاد أحد مكوناتها، في بيان اصدرته أمس عن «هجمة ارهابية تتعرض لها رأس العين». ودانت الهيئة «بشدة ما تقوم به الجماعات الدخيلة على الثورة، والتي تمثل أجندات خارجية وعلى الأخص التركية منها». وأكد ناشطون أكراد معارضون أنّ المجموعات المسلحة التي تقاتل في رأس العين تضمّ مقاتلين اسلاميين وآخرين من «الجيش الحر»، وأن الأكراد في المدينة موحّدون في المعركة ضد هؤلاء.
إلى ذلك، اغتال مسلحون الشيخ خالد الهلال، عضو لجنة المصالحة الوطنية في محافظة درعا، وثلاثة من مرافقيه على طريق الشهيب ـــ تل أصفر.
(أ ف ب، رويترز، أ ب)