القاهرة | لم يستغرق القانون الذي سيحدد مصير أهم مجلس نواب في تاريخ المصريين في مجلس الشورى ذي الغالبية الإسلامية أكثر من ثلاث جلسات، ليخرج القانون بعدها من بوابة الشورى الى المحكمة الدستورية العليا، محملاً بالعديد من الألغام القانونية. مجلس الشورى حرص على ألا يغادر القانون قاعته قبل أن يُرسي ويؤكد على مطالب القوى الإسلامية الأكثر تشدّداً. فرغم موافقة غالبية أعضاء المجلس من قبل على تخصيص «كوتة» تضمن وجوداً مرضياً للمرأة داخل البرلمان المقبل، تراجع النواب في الجلسة الأخيرة، ملتزمين بشروط حزب «النور»، وما يمثله من آراء التيارات السلفية، لجهة عدم وضع نصوص من شأنها تمكين المرأة أو مزاحمتها للرجل ولو في ربع مقاعد البرلمان. وتراجع المجلس عن اقتراح آخر يتضمن وضع المرأة في النصف الأول من القوائم التي يزيد عدد أعضائها على 4 مرشحين، ليضع القانون المرأة في ذيل القوائم، التي يزيد عدد أعضائها على 5 أعضاء.
هذا بالنسبة إلى المرأة، أما الأقباط، فقد ضاعت، بدورهم، كل آمالهم في تخصيص القانون، ولو خمسة في المئة فقط من مقاعد البرلمان، شأنهم بذلك شأن المصريين في الخارج، الذين طالبوا مراراً وتكراراً بضرورة تمثيلهم داخل مجلس النواب، وخصوصاً أنهم مصدر مهم من مصادر الدخل القومي، ومصدر مهم لجلب العملات الأجنبية.
وقال مصدر قضائي رفيع المستوى في المحكمة الدستورية العليا لـ«الأخبار» إن «الدستور الجديد يلزم المحكمة الدستورية العليا بأن تقضي بعدم دستورية النص الخاص بتخصيص كوتة للمرأة، أو وضعها في النصف الأول من القوائم في انتخابات مجلس النواب المقبلة». ولفت إلى أنه «على الرغم من تعارض مواد الدستور مع بعضها، وخاصة النص الخاص بالمساواة والآخر الذي يتحدث عن إجراء الانتخابات بنظام الثلثين للقائمة والثلث للفردي، إلا أنه لا توجد بحكم الدستور أي جهة قضائية يمكنها أن تتصدى لهذا التناقض».
وأوضح المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنه «بموجب الدستور الذي تم إقراره في كانون الأول الماضي، من المفترض أن تتم الدعوة إلى الانتخابات بعد شهرين من إقرار الدستور، رغم أن القانون الذي ستجرى الانتخابات بموجبه لم يقر حتى الآن، ورغم أنه لم يبق في الشهرين المنصوص عليهما في الدستور سوى 31 يوماً، وهو ما سيؤثر بدوره على المدة التي من المفترض أن تدرس فيها المحكمة الدستورية العليا نصوص القانون»، مضيفاً إن «المشرّع عندما حدّد مدّة الشهرين غاب عنه أن إجراء الانتخابات البرلمانية يلزمه قانون، وكإجراء مسبق تعديل قانوني، مباشرة الحقوق السياسية وانتحابات مجلس الشعب». وأكد المصدر أن «تلك المادة تمثل جدلاً ما بين اعتبارها مدة الـ 60 يوماً موعداً تنظيمياً يمكن عدم التقيد به أو أنه موعد حتمي لا يجوز مخالفته». وحول الإجراءات التي ستتبعها الدستورية بمجرد عرض القانون عليها، قال إن «الرقابة السابقة التي اشترطها الدستور الجديد لقانون الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية تختلف عن الرقابة اللاحقة؛ فالأخيرة يقتصر دور المحكمة فيها على مطابقة مدى دستورية القانون في ضوء الدستور».
وبالنسبة إلى الرقابة السابقة، «يُطرح القانون بكامله وتبسط المحكمة رقابتها على كل مادة على حدة وتقف على المواد المخالفة للدستور وتحدد تلك المواد، وتبين وجه المخالفة، ثم تقوم بعد ذلك بإعادة إرسال القانون الى مجلس الشورى لإزالة المخالفة»، بحسب المصدر. وشدد على أن «أبرز المواد التي ستؤكد المحكمة الدستورية العليا مخالفتها للدستور هي المادة الخاصة بتقسيم الدوائر، وخاصة أن تلك المادة مخالفة لنص المادة 113 من الدستور الحالي، التي تنص على أن تقسم الدوائر الانتخابية بما يعادل التمثيل العادل للسكان والمحافظات». وأوضح أنه «بحسب التقسيم المعمول به، والذي أصر مجلس الشورى على عدم تعديله، تمثل محافظة الدقهلية داخل مجلس النواب بـ 30 مقعداً، في الوقت الذي تمثل فيه محافظة القليوبية الأكبر في المساحة وعدد السكان بـ 18 مقعداً فقط، وهو ما يمثل مخالفة دستورية صارخة»، لافتاً الى أنه «حتى النص على وضع المرأة بين الأسماء الخمسة الأولى بالقائمة قد تقضي المحكمة بعدم دستوريته وتعتبره تمييزاً للمرأة»، منوهاً بأنه لو أراد مجلس الشورى أن يحمي حقوق المرأة فعلياً «فكان عليه أن يضع نصاً مثل: (لا بد من أن يمثل 25 في المئة من الجنسين على الأقل في البرلمان)، وحينها لا يقضي بعدم دستورية النص لأنه لم يذكر من الجنسين».