استكمالاً لمحاولاته استمالة اليمين الإسرائيلي قبيل أيام من الانتخابات، تعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس أن أي حكومة برئاسته لن تخلي مستوطنات في الضفة الغربية خلال ولايتها المقبلة، مشدداً على أن «عهد تقديم التنازلات من هذا القبيل قد ولَّى إلى غير رجعة».
نتنياهو الساعي إلى العودة بقوة إلى رئاسة الوزراء، رفض فكرة إعادة تجميد البناء في المستوطنات، قائلاً إن «تجربة حكومته الحالية على هذا الصعيد أثبتت بطلان خطوة كهذه، نظراً لأن قضية الاستيطان من نتائج النزاع مع الفلسطينيين لا من مسبِّباته».
وتوجه نتنياهو الى الجمهور اليميني مباشرةً، كي لا يرتكبوا نفس الخطأ التاريخي عندما وزعوا الأصوات وأضعفوا الليكود في عامي 1992 و1999، الامر الذي أدى في حينه الى صعود حكومة اليسار، لافتاً إلى أن المسألة ليست إذا ما كان سيفوز في الانتخابات أم لا، بل ترتبط بقدرته على القيادة إذا كانت كتلته ضعيفة. ونبه إلى أنه «عندما تكون الأيادي أكثر مما ينبغي على الدفة، فإن السيارة تنقلب».
كذلك رفض نتنياهو فكرة أن تكون التطورات الإقليمية، ولا سيما في مصر وسوريا، قد قللت كثيراً من خطر اندلاع حرب تقليدية مع دول الجوار، مقرّاً في الوقت نفسه بوجود مؤشرات على تفكيك سوريا، لكنه حذر من أن السلاح لم يختف، وقد يقع في أيدي آخرين.
في موازاة ذلك، دعا العديد من قادة الكتل الأساسية المتنافسة في الانتخابات، الى تأليف حكومة طوارئ وطنية لمعالجة الأزمة الاقتصادية في اسرائيل، خلال منتدى سياسي عقدته صحيفة «معاريف». وفاجأ رئيس «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، الحاضرين بالاعلان عن أن نسبة العجز ليست 39 مليار شيكل بل 50 ملياراً، اذا ما أُضيف دين شركة الكهرباء. ودعا الى ضرورة تأليف حكومة طوارئ اجتماعية تضم كل الجهات.
بدوره، كرر رئيس «يوجد مستقبل»، يائير لابيد، الدعوة نفسها، مؤكداً أنه «ليس لديه مشكلة بالذهاب الى المعارضة»، وأنه لن يكون «ورقة التوت لحكومة حريدية يمينية». وعبَّر عن ثقته بأن «حكومة كهذه لن تحل موضوع المساواة في عبء التجنيد في الجيش».
أما رئيسية حزب «الحركة» تسيبي ليفني، فلم تبتعد كثيراً بدعوتها إلى تأليف حكومة وحدة. ونفت ما يشاع عن أنها ستستقيل من الحياة السياسية، مؤكدةً بقاءها مهما كان عدد المقاعد التي ستنالها، فيما أعلنت شيلي يحيموفيتش رئيسة حزب العمل الإسرائيلي، أنها لن تشارك في حكومة يرأسها نتنياهو.
ويأتي ذلك فيما أكدت نتائج العديد من استطلاعات الرأي، قبل أربعة أيام من موعد الانتخابات، الثلاثاء المقبل، استمرار تقدم معسكر اليمين، في مقابل تراجع معسكر الوسط واليسار. لكن استطلاعات «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت» لفتت الى تقلص الفارق بين المعسكرين، بعدما نال اليمين 63 مقعداً موزعة على النحو الآتي: الليكود بيتنا 32، البيت اليهودي 12، شاس 11، يهدوت هتوراة 6، وعوتسمات يسرائيل مقعدان. ونال معسكر الوسط واليسار، 57 مقعداً، موزعة على النحو الآتي: العمل 17، يوجد مستقبل 13، الحركة 8، ميرتس 6، كديما مقعدان، والكتل العربية 11 مقعداً.
في المقابل، تراوح نسبة المترددين في تحديد وجهة التصويت، بحسب آخر استطلاعات الرأي، بين 15 الى 17 في المئة، وهي نسبة قادرة على تغيير الخارطة الحزبية التي تتوقعها استطلاعات الرأي على نحو جذري.
من جهة ثانية، دعا رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت، ضمناً، الى تطبيق مبدأ ضم أكبر مساحة من الارض مع اقل عدد ممكن من الفلسطينيين، عبر دعوته إلى ضم مناطق «ج» في الضفة الغربية الى اسرائيل، بموازاة منح الجنسية لـ 50 الف فلسطيني، تجنباً لاتهام اسرائيل بأنها «دولة ابارتهايد»، بحسب ما نقلت صحيفة «هآرتس».
ولفتت الصحيفة الى أن بينيت احتسب عديد القرى الفلسطينية الموجودة بالكامل في مناطق «ج»، مستنداً في ذلك الى تقرير لجمعية «بمكوم» نشر عام 2008، لكنه تجاهل وجود 200 بلدة فلسطينية، يقع قسم منها ضمن منطقة «ج»، وقسمها الآخر في منطقة «أ و ب»، الأمر الذي يعني ضمناً زيادة نحو 100 الف فلسطيني الى القائمة.
أيضاً، ادعى بينيت أنه ليس هناك أي تغيير في عدد الفلسطينيين، وفق احصائيات عام 2007، لكن «هآرتس» أكدت أن نسبة الزيادة في هذه المنطقة تصل الى 4 في المئة، ما يعني أن العدد الذي يذكره بينيت قد ارتفع إلى نحو 60 الف.
ونقلت «هآرتس» عن أحد المهندسين في جمعية «مكوم» التي استند بينيت الى تقريرها، قوله إنه حتى لو وُضعت النسخ وجرى تزييف الحقائق جانباً، فإن حقيقة أن أكثر من نصف برنامج بينيت يستند الى معطيات خاطئة، تؤكد أنه يجهل تماماً ماذا يجري في المنطقة «ج »، وفضلاً عن وجود نحو 150 الف فلسطيني يعيشون في تلك المنطقة، فإن هناك عشرات البلدات الفلسطينية التي تقع في مناطق «ب و ج».