فيما أعلن مصدر أمني جزائري أمس أن الجيش الجزائري حرّر قرابة 650 رهينة، منهم 573 جزائرياً و«أكثر من نصف عدد الاجانب البالغ 132» الذين كانت تحتجزهم مجموعة «الموقعون بالدم» الإسلامية في منشأة «عين أمناس» للغاز في ولاية ايليزي (1600 كيلومتر جنوب شرق الجزائر)، لا تزال الأوضاع في تلك المنطقة غامضة وعملية التحرير مستمرة. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن مصدر أمني قوله بعد ظهر أمس إنه «جرى تحرير ما يقارب 100 رهينة أجنبية من بين الرهائن 132 المحتجزين من قبل الجماعة الارهابية».
وكانت الوكالة نفسها قد نقلت في وقت سابق عن مصدر أمني، قوله إن الجيش حرر قرابة 650 رهينة منهم 573 جزائرياً و«اكثر من نصف عدد الأجانب البالغ 132».
وأضاف المصدر إن «القوات الخاصة تحاول إيجاد مخرج سلمي قبل القضاء على المجموعة التي تحصنت في مصفاة الغاز، وتحرير الرهائن الذين تحتجزهم»، مشيراً الى أن «بعض العمال الأجانب اختبأوا في أماكن مختلفة من الموقع».
وفي وقت لاحق من مساء أمس، نقلت وكالة «نواكشوط» الموريتانية للأنباء عن مصادر في المجموعة الإسلامية أن هذه المجموعة لا تزال تحتجز «سبع رهائن غربيين».
وقالت الوكالة إن «الخاطفين بقيادة عبد الرحمن النيجري ما زالوا يحتجزون سبع رهائن غربيين.. وقد قاموا صباح اليوم بتفجير جزء من المصنع، لإبعاد القوات الجزائرية عنهم».
واوضحت الوكالة نقلا عن مصادر في كتيبة «الموقعون بالدماء» أن المجموعة التي نفذت عملية احتجاز الرهائن ضمت نحو أربعين مهاجماً يقودهم عبد الرحمن النيجري «المُكنى أبو دجانة»، مؤكدة انهم دخلوا الى الجزائر من النيجر.
وكانت وكالة الانباء الجزائرية قد نقلت مساء الجمعة عن مصدر امني قوله ان 12 رهينة قُتلوا منذ أن بدأ الجيش الجزائري الخميس عملية ضد خاطفي الرهائن.
وأضاف المصدر انه اضافة الى الارهابيين الـ 18 الذين قُتلوا، فقد قتل كذلك 12 عاملاً جزائرياً واجنبياً، فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أن السلطات الجزائرية ابلغت نظيرتها الفرنسية بأن فرنسياً واحداً قتل خلال عملية تحرير الرهائين». في المقابل، أكد فابيوس أن «ثلاثة فرنسيين آخرين كانوا أيضاً في الموقع لم يتعرضوا لأذى».
وزيادة على مئات العمال الجزائريين، احتجزت المجموعة المسلحة بريطانيين ويابانيين وفرنسيين ونروجيين وفيليبينيين وايرلنديا واحداً.
وبث التلفزيون الجزائري شهادات لرهائن فرّوا من خاطفيهم أكدوا فيها انهم عاشوا «ظروفاً صعبة».
وروى أحد العمال الجزائريين، قدم نفسه على انه موظف في الشركة الأميركية «هالي بيرتن»، كيف «فر ما بين 300 و400 عامل من شركات مختلفة بعدما تلقوا اشارة من الجيش بذلك»، فيما أوضح مصدر محلي لوكالة «فرنس برس» أن الجيش كان على اتصال بواسطة الهاتف مع بعض الرهائن.
وقال العامل الناجي، وهو اربعيني وقد بدا عليه التعب، «الارهابيون جمعوا كل الرهائن الأجانب والجزائريين في مطعم وقاموا بتلغيم المكان»، مضيفاً أن «الجيش تدخل في منتصف النهار (الخميس) بالطائرات وأعداد هائلة من الدرك الوطني والقوات الخاصة».
واوضح ناج آخر بدا من لهجته انه من سكان منطقة القبائل في شمال الجزائر، قائلاً «خرجنا من باب خلفي لأن الارهابيين لا يعلمون ان هناك باباً آخر، ولما خرجنا رفعنا رايات بيضاء ليعرف الجيش اننا عمال ويقوم بانقاذنا».
وتابع «تنقلنا مشياً على الأقدام الى غاية موقع الجيش الذي نقلنا بواسطة الحافلات الى عين امناس».
في المقابل، قالت وكالة «نواكشوط» للأنباء إن زعيم الخاطفين مختار بلمختار، وفي شريط مصوّر، «طالب الفرنسيين والجزائريين بالتفاوض من أجل وقف الحرب التي تشنها فرنسا على ازواد (شمال مالي) وأعلن عن استعداده لمبادلة الرهائن الاميركيين المحتجزين لديه» بالشيخ المصري عمر عبد الرحمن (يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة اثر ادانته عام 1995 بالتورط في تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك في 1993، وبالتخطيط لشن اعتداءات اخرى بينها مهاجمة مقر الأمم المتحدة).
الا أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، أكدت من جانبها، أن «الولايات المتحدة لا تتفاوض مع ارهابيين».
وأجرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، محادثات مع رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، لبحث سبل تنسيق الجهود حول أزمة الرهائن، بحسب نولاند.
وقالت نولاند، للصحافيين، إن «الوضع الميداني لا يزال غير واضح مطلقاً. ونحن نواصل العمل مع الحكومة الجزائرية وغيرها من الدول المتضررة لمحاولة حل هذه المسألة». وفي الوقت نفسه، وجّه وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا، من لندن، تحذيراً الى الخاطفين، مؤكداً أن «الارهابيين لن يجدوا مكانا آمناً».
من جهته، عبّر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، عن انزعاجه قائلاً كان من «المخيب للآمال ألا نُبلّغ بالهجوم على نحو مسبق، ونحن نريد ان نساعد بأي شكل بتقديم المساندة الفنية»، مشيراً الى أن 30 بريطانياً معرضون للخطر.
وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك آيرولت، بدوره، مقتل «عدة رهائن» كانوا محتجزين في موقع لإنتاج الغاز في الجزائر، موضحاً أنه لم يعرف «عددهم وجنسياتهم» في الوقت الحاضر.
بدوره، قطع رئيس الوزراء الياباني شينزو ابيه، جولة آسيوية وعاد الى طوكيو لمتابعة هذه القضية، واتصل بنظيره الجزائري للاحتجاج على هجوم الجيش والمطالبة بوقفه فوراً، بينما استدعت الخارجية اليابانية سفير الجزائر لدبها للاحتجاج على تدخل الجيش.
من جهة ثانية، أكدت رئيسة أبرز منظمة لأرباب العمل في فرنسا لورانس باريسو، أن 500 شركة فرنسية في الجزائر قد شددت تدابيرها الأمنية، لكنها لا تنوي مغادرة البلاد في اعقاب الهجوم الدامي في الصحراء.
(أ ف ب، رويترز)