القاهرة | تحل الذكرى الثانية لثورة 25 يناير حاملةً معها بوادر اصطفاف جديد بين القوى السياسية، يتراجع فيه دور قوى المعارضة الإصلاحية تدريجاً لصالح قوى أكثر جذرية في مواجهة قوى الإسلام السياسي، التي ينحدر منها الرئيس محمد مرسي. حاتم تليمة، هو ممثل حركة الاشتراكيين الثوريين ضمن تجمع يضم عدداً من القوى والأحزاب المنتسبة الى الثورة التي استبعدت مشاركة القوى المقربة من النظام السابق في إحياء الذكرى الثانية للثورة، بعكس جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم حزب المؤتمر المصري الذي يتزعمه عمرو موسى، والذي شغل منصب وزير الخارجية لسنوات في عهد حسني مبارك. التجمع يضم التيار الشعبي والجبهة الديموقراطية في حركة 6 أبريل والجبهة القومية للعدالة والديموقراطية، وحركة شباب من أجل العدالة والحرية، وأحزاب التحالف الشعبي الاشتراكي والدستور والتيار المصري.
تلمية أوضح لـ«الأخبار» أن كل القوى اتفقت على رفع شعارات تتعلق بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، ووضع تلك القضايا في صلب معارضتها لحكم الإسلاميين وجماعة الإخوان المسلمين بصورة خاصة، وعدم الانجرار وراء التصنيف الرائج إعلامياً وفي أوساط الطبقة السياسية الذي يفسر الصراع السياسي كصراع بين علمانيين وإسلاميين. وأضاف «لكن تلك القضية بدت شائكة في البداية، إذ انحاز التيار الشعبي وحزب الدستور إلى رفع شعارات تدين جماعة الإخوان المسلمين وقوى الإسلام السياسي بصورة تشابهت مع أسلوب معارضة فلول النظام القديم لتلك القوى». وأوضح أن «بقية القوى انحازت بالفعل إلى التصور الذي يرى الخلاف مع جماعة الإخوان المسلمين ينطلق من نفس ما انطلق منه الخلاف مع الحزب الوطني (المنحل)، وهو الصراع الطبقي وسياسات الليبرالية الجديدة التي تتبناها الجماعة كما تبناها خصمها القديم».
وأوضح تليمة أن الاتفاق المبدئي بين تلك القوى انصبّ على إحياء الذكرى الثانية للثورة، بعيداً عن أي احتفالات، وعبر ثلاث مسيرات تصبّ جميعها في ميدان التحرير، إحداها ترفع شعارات العدالة الاجتماعية، والثانيه تنطلق من أجل القصاص للشهداء وتطهير مؤسسات الدولة، والثالثة تنادي بالحريات العامة والخاصة.
إلا أن حزب مصر القوية، الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، كان الحزب الوحيد الذي تخلّف عن الانضمام إلى هذا التنسيق بين الأحزاب والقوى الثورية. أما الحزب الديموقراطي الاجتماعي فيبدو، وفقاً لتليمة، مشغولاً بالاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة على نحو يمنعه من التنسيق مع أي قوى خارج جبهة الإنقاذ.
المراقبون لأداء حزب «مصر القوية» يرون أن ثمة صراعاً داخلياً بين جناحين يميني ويساري داخله. وأدت على ما يبدو ضغوط جناح اليسار، الذي تتزعمه رباب المهدي، أستاذة السياسة في الجامعة الأميركية في القاهرة والعضوة السابقة في حركة الاشتراكيين الثوريين، إلى إحجام أبو الفتوح عن الانضمام بحزبه الى جبهة الإنقاذ وعن التنسيق مع القوى الإسلامية وتفضيله دعوة عدد من القوى الثورية، التي رفضت الانضمام إلى جبهة الانقاذ، إلى الحوار.
أما جماعة الإخوان المسلمين نفسها، فقد لجأت إلى تكتيك شبيه بذاك الذي اتبعته في الذكرى الأولى للثورة العام الماضي. ففي حين لجأت وقتها الى الاحتفال بعيد الثورة، في مقابل تظاهرات القوى الثورية المنددة بحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة والداعية إلى محاكمة أعضائه على إراقة دماء المتظاهرين بعد الثورة، قررت هذا العام «تنظيم مليونيات العمل والإنتاج، كزرع مليون شجرة أو تنظيف ألف قرية احتفالاً بذكرى 25 يناير»، حسبما أعلنت على موقعها الرسمي على لسان أحمد عارف المتحدث الإعلامي باسمها. إلا أن محمود شعبان، وهو صحافي متخصص في شؤون قوى الإسلام السياسي، كشف لـ«الأخبار» أن الجماعة أصدرت تعليمات مشددة داخلية لأعضائها تحظر فيها السفر خارج القاهرة وتأمر أعضاءها من غير سكان العاصمة بالالتزام بأقصى درجات التأهب.
وأوضح شعبان أن «الجماعة مستنفرة في مواجهة أي تحرك متوقع من المعارضة نحو قصر الاتحادية الجمهوري (محل إقامة مرسي) أو التظاهر عند مقارّ وزارة الداخلية، وتعتزم دفع أعضائها لمواجهة ذلك على غرار ما فعلت من قبل»، في مواجهة معارضي الرئيس المعتصمين أمام قصر الاتحادية الذين قتل منهم أكثر من عشرة على أيدي أعضاء الجماعة وفي مواجهة المحتجين على حكم المجلس العسكري أمام مجلس الشعب العام الماضي.