ربما تكون الكرة في ملعب الأزهر في ما يتعلق بالصكوك الإسلامية، بعدما مرّر مجلس الوزراء أمس مشروع قانون «الصكوك» وفقاً لتسميته الجديدة، دون موافقة أكبر مؤسسة إسلامية سنية في العالم، وذلك بعد يوم واحد من لقاء وزير المال مرسي السيد حجازي مع شيخ الأزهر أحمد الطيب.
حجازي صاحب الخلفية الإسلامية قال، في مؤتمر صحافي في مجلس الوزراء، إن المشروع حاز موافقة القوى السياسية ووزارة المال وهيئة الرقابة المالية واللجنة التشريعية في مجلس الشورى قبل إحالته إلى اللجنة التشريعية في مجلس الوزراء ثم مجلس الشورى، الذي نقل إليه الدستور الجديد سلطة التشريع، لإقراره. واللافت أن الحكومة بدت كأنها التفّت حول الأمر بعد تعديل اسم القانون من قانون «الصكوك الإسلامية» الى قانون «الصكوك».
وفي كل الأحوال، يمثل التوجه للصكوك الإسلامية نمطاً في التمويل يعتمد مجدداً على الاقتراض. وهو توجّه لا يختلف كثيراً عن ذات التوجه الذي هيمن بصورة عامة على سياسات وزارة المال في الحكومات المتعاقبة بعد الثورة قبل وصول الرئيس محمد مرسي. ويناقض هذا التوجه بشدة مطالب أخذت تزداد شعبية بالتوجه إلى أنماط أكثر تقدمية لسد عجز الموازنة وتمويل استثمارات الدولة من قبيل فرض شرائح أعلى من الضرائب التصاعدية على الدخل الأعلى، فرض الضرائب على أرباح البورصة لا فقط على الطرح الأول أو عمليات الاستحواذ، والحد من الاستيراد الترفي لغلق منافذ تسرب النقد الأجنبي، ومن ثم ارتفاع الدولار في مقابل الجنيه بما يعنيه من ارتفاع مستويات التضخم التي تزيد من كلفة الاستثمار الحكومي.
وفي حين يتردد اسم حسين حامد حسان، رئيس الهيئة الشرعية العليا للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في الإمارات العربية المتحدة والأستاذ السابق في جامعة القاهرة في بيانات وزارة المال وحزب الحرية والعدالة حول الصكوك الإسلامية على السواء، فإن العرض الذي أعدّه حول «الصيغ والأدوات الإسلامية وجدواها في تمويل مشروعات الدولة بديلاً من القرض» ربما يكون هو المناسب أكثر لعرض طبيعة الصكوك الإسلامية كنمط من الاقتراض لا خيار اقتصادي مختلف. ووفقاً لحسان، تنقسم الصكوك إلى أربع مجموعات هي: صكوك الإجارة، صكوك التمويل، صكوك الاستثمار وصكوك المشاركات الزراعية.
صكوك الإجارة، التي تضمن عدة أنواع، تقوم على رغبة الحكومة في بيع الأصول والمنافع والخدمات التي تملكها لاستخدام حصيلة البيع في تمويل مشاريعها الاستثمارية أو أنشطتها الخدمية، ثم استئجار هذه الأصول والمنافع والخدمات لمدد محدودة تعود بعدها الأصول الى ملكية الدولة. وهو نمط يتضمن نفس جوهر مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي أقرّت بالفعل بقانون صدر في عام 2010 من ناحية وما يسمى بالتأجير التمويلي وهي إحدى صيغ التمويل التي أقرتها هيئة الرقابة المالية قبل نحو ثلاث سنوات.
حزب الحرية والعدالة يؤيد بشدة التوسع في النمطين؛ الصكوك الإسلامية والشراكة بين القطاعين العام والخاص. وسبق للنائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، خيرت الشاطر، أن وعد قبل الانتخابات الرئاسية بالتوسع في تمويل المشروعات العامة عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مستنداً إلى المستويات القياسية للعجز في الموازنة التي قال إنها لا تسمح بتمويل الدولة للمشروعات العامة. وهو نفس ما شدد عليه أحمد النجار، عضو اللجنة الاقتصادية في حزب الحرية والعدالة، قائلاً إنه التقى ممثلين عن محافظين كثر واكتشف أن مشروعات الصرف الصحي وحدها التي تحتاجها المحافظات ربما تبلغ تكلفتها 200 مليار جنيه، وأنه لا سبيل لتمويلها إلا عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص. لكن هذا التوجه نحو الشراكة مع القطاع الخاص لم يسفر أصلاً في تجارب كثيرة على مستوى العالم عن تحسن في مستوى الخدمة أصلاً.
أما مجموعة صكوك التمويل وهي المجموعة الثانية فتضم الصكوك الصادرة على أساس عقد بيع بضاعة. ووفقاً لحسان، فإنه «في هذه الصكوك تبيع الحكومة إنتاجها في المستقبل بالجملة ونقداً، وتقبض الثمن في الحال. ويقوم ممثل حملة الصكوك بتعيين الحكومة البائعة أو غيرها وكيلاً عن حملة الصكوك لبيع البضاعة المشتراة بعد قبضها بسعر السوق بالنقد أو بالآجل جملة أو على أجزاء، ويكون فرق الثمن هو ربح حملة الصكوك». واللافت أن ما سمّته الدراسة بـ«الصكوك الصادرة على أساس عقد بيع مرابحة وهي أحد أنواع صكوك التمويل، تضمنت نفس مضمون القروض التقليدية».