غزّة، القاهرة ــ الأخبار لا تدل التصريحات والمؤشرات الخارجة عن اجتماعات الزعماء الفلسطينيين في القاهرة، أول من أمس، على حصول اختراق أو أي تطور جديد في ملف المصالحة الوطنية. ورغم الأجواء الايجابية التي حاولت القاهرة إشاعتها عبر الإعلان عن اتفاق على بدء تنفيذ بنود المصالحة، الا أنّ قياديي الفصائل الفلسطينية أكّدوا على تمسكهم بمطالبهم السابقة، ما يؤكّد أن لقاءات القاهرة كانت مجرد لقاءات استكشافية؛ استكشاف بات محفوظاً عن ظهر قلب.
وعقب اجتماع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، والرئيس الفلسطيني زعيم حركة «فتح»، محمود عباس، بحضور وزير المخابرات المصرية رأفت شحادة، في القاهرة أول من أمس، قال مسؤول مصري رفيع شارك في المحادثات إنه «تم الاتفاق على ان يبدأ الجانبان على الفور تنفيذ الآلية التي اتفق عليها من قبل للاتفاق الموقع». وأضاف أن «المناقشات لإيجاد سبل تنفيذ اتفاق الوحدة الذي تم التوصل اليه في أيار 2011 في القاهرة جرت بروح إيجابية»، وان الفصيلين «سوف يجتمعان مرة أخرى في الأسبوع الأول من شباط للاتفاق على جدول زمني».
الجملة الأخيرة من التصريح اختصرت الوضع، ولا سيما أن عدم تحديد موعد واضح للاجتماع وتركه عائماً حملا المعنى المبطن للخلاف، حتى وإن حاول المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة الإشارة إلى أن الاجتماع مع مشعل تم «في جو إيجابي». لكن الجو الإيجابي لم يؤد إلا إلى ترحيل الخلافات إلى «مزيد من الاجتماعات». لكن ما كتمه المشاركون في الاجتماعات، ظهر في تصريحات القياديين في قطاع غزة، إذ أعلن النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي، أحمد بحر، أن إعادة تفعيل المجلس التشريعي في الضفة الغربية وقطاع غزة «يشكل اختباراً حقيقياً لمدى جدية» الرئيس الفلسطيني، وحركة «فتح» بشأن تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام. وقال إن «تجاهل تفعيل المجلس التشريعي يعبّر عن نوايا غير حميدة تجاه المصالحة ومستقبلها»، مشدداً على أن «أي حكومة قد يتم تشكيلها مستقبلاً ولا تحظى بثقة التشريعي باطلة دستورياً برسم نصوص القانون الأساسي الفلسطيني، ولن تكون على مستوى تحديات الأزمة الفلسطينية الداخلية وإشكالياتها الكبرى».
وأوضح بحر أن «معطيات الأحداث تشير إلى عوائق في طريق المصالحة ومحاولات مؤسفة لتكريس صيغ الانقسام خلال المرحلة المقبلة». واعتبر أن «عباس مطالب اليوم ببلورة رؤية جديدة لإنفاذ المصالحة ترتكز على أساس الاستجابة لبرنامج القواسم المشتركة الذي يشكل الحد الأدنى المقبول وطنياً، والولوج إلى قلب المصالحة الوطنية من مداخلها السليمة وبواباتها الحقيقية خدمة لشعبنا وقضيته العادلة».
كلام بحر دلّ على جزئية فقط في الخلاف بين الجانبين في القاهرة مع تمسّك «حماس» بعودة البرلمان، وإصرار عباس على إجراء انتخابات في اقرب وقت.
وفي السياق، أكّد مصدر فلسطيني مطلع أن خلافات برزت بين وفدي حركتي «فتح» و«حماس» خلال اجتماعهما بشأن نقطة الانطلاق لاستئناف جهود المصالحة الفلسطينية. وأوضح أن حركة «فتح» تمسكت بضرورة استئناف عمل لجنة الانتخابات المركزية في غزة كأول خطوات استئناف جهود المصالحة بغرض التحضير الفوري للانتخابات العامة وتشكيل حكومة مستقلين موحدة تتولى ذلك. وأضاف أن حركة «حماس» في المقابل تصر على ضرورة تنفيذ تفاهمات المصالحة كرزمة واحدة بما في ذلك معالجة آثار الانقسام الداخلي وتحقيق شراكة وطنية ثم الوصول للانتخابات العامة. وكان اجتماع عباس ــ مشعل قد انتهى في ساعة متأخرة من مساء أول من امس. وحضر الاجتماع الذي يعد الاول من نوعه منذ شباط 2012 وعقد في مقر اقامة الرئيس الفلسطيني بأحد قصور الضيافة المصرية في ضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة)، أعضاء الوفدين المرافقين لعباس ومشعل بالاضافة الى مدير المخابرات المصرية.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، عزت الرشق، الذي حضر الاجتماع الذي استمر لنحو ثلاث ساعات ان «الاجتماع هدف اساسا لاعطاء دفعة لملف التوافق الوطني الفلسطيني ومساعدة الاطراف الفلسطينية على تحقيق المصالحة». واوضح ان الطرفين اتفقا على «دعوة كافة الفصائل الفلسطينية لتطبيق اتفاقيات المصالحة»، كونه «من المهم جدا اشراك الجميع في ملف المصالحة». واشار الى انه جرى الاتفاق بين الرئيس عباس ومشعل على عقد لقاء الاسبوع المقبل بين الحركتين لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، بالاضافة الى الاتفاق على عقد لقاء سيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية في مطلع شباط المقبل. وختم أن «الاجتماع غلبته الروح الايجابية من الطرفين وانتهى بشكل مبشر». وفي وقت سابق، التقى الرئيس المصري محمد مرسي، أبو مازن وأبو الوليد كل على حدة، وبحث معهما ملف المصالحة والخطوات التي ينبغي اتخاذها على الساحة الدولية بعد قرار الامم المتحدة بقبول فلسطين دولة غير عضو تحت الاحتلال في المنظمة الدولية والازمة المالية للسلطة الفلسطينية، اضافة الى الحصار على غزة.