القاهرة | يعيش الشارع المصري تحت وطأة موجة من الصقيع في الفترة الحالية، لكنها لم تغيّب سخونة الأحداث السياسية، ولا سيما تلك المتعلقة بزيارة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، الذي وصل أول من أمس. فالمعلن من الزيارة أنها بروتوكولية لتوطيد العلاقات المصرية الإيرانية، لكنّ جزءاً كبيراً من المعارضة يتحدث عن تخوفات أخرى لها علاقة باستعانة النظام المصري بالإيرانيين لتطوير المنظومة الأمنية المصرية، وهو ما يجعل لقاءات صالحي واجهة للقاء آخر جرى الشهر الماضي بين قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني ومسؤولين مصريين ينتمون إلى جماعة «الإخوان المسلمين» داخل أحد الفنادق في القاهرة. هذا ما دفع رئيس حزب «الإصلاح والتنمية»، محمد أنور السادات، إلى مطالبة النائب العام المستشار طلعت عبد الله بالتحقيق وكشف ملابسات تلك الزيارة «السرية». وطالب السادات بالرجوع إلى وزير الداخلية السابق أحمد جمال الدين لسماع رأيه وشهادته، بعدما رأى أن موقفه من الزيارة «كان أحد الأسباب الرئيسية لتغييره في التعديل الوزاري الأخير». إلا أن القضية برمتها نفتها الرئاسة أمس، وأيضاً جماعة الإخوان المسلمين. محمود غزلان، المتحدث باسم الجماعة، أكد أن «قادة الجماعة لم يلتقوا رئيس جهاز الاستخبارات الإيرانية في بداية العام الحالي»، مشدداً على أن الخبر محض خيال، وعارٍ تماماً من الصحة.
بدورها، قالت الرئاسة إنه «لا صحة على الاطلاق لما رددته وسائل الإعلام الغربية بشأن استعانة مصر بكوادر إيرانيين أمنيين واستخباريين لتطوير المنظومة الأمنية في مصر».
اما بخصوص اللقاءات الرسمية التي عقدها صالحي أمس، بداية مع الرئيس المصري محمد مرسي، وتخلله تسليم رسالة من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، فأوضح ياسر علي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، أن المحادثات «تناولت أيضاً مناقشة القضية السورية باستفاضة، وكذلك القمة الاسلامية المقرر عقدها يومي 6 و 7 شباط في القاهرة»، كما أشار إلى أن اللقاء تناول التأكيد على تفعيل الجهود المصرية في ما يتعلق بالقضية السورية، وأيضاً تفعيل الدور الإيراني فى مجال المبادرة الرباعية الدولية لوقف نزف الدم السوري.
من جهته، أكد صالحي، في المؤتمر الصحافي الذي عقد في قصر الاتحادية عقب لقاء مرسي، أن المباحثات تطرقت إلى أمور شتى، من بينها العلاقات الثنائية بين مصر وإيران «ويبدو أنها في حالة تطور»، من دون أن يتحدث كثيراً عما دار بينه وبين مرسي. وغلب على المؤتمر الصحافي الحديث عن موقف إيران من الاحداث في سوريا وأمن الخليج، إذ أكد وزير الخارجية الإيراني صالحي أن الموقف الإيراني لم يتغير من أن أي حكومة، بما فيها السورية، التي يجب أن تلبي مطالب شعبها، وسوريا الآن في وضع يحتاج إلي مفاوضات بين الحكومة والمعارضة، وأن تبدأ قبل أن يفوت الأوان. وأضاف «نحن الآن نرى خراباً ودماراً في هذا البلد العريق. ونتمنى من صميم قلوبنا أن تجتمع دول المنطقة للبحث عن حل سوري، ومنع أي حل أجنبي، لأن التاريخ يؤكد أن الأجانب لا يريدون خيراً لنا. وحتى يقرر الشعب السوري ما يريد».
وأشاد صالحي بالمبادرة التي اعدتها مصر لحل الأزمة السورية، معتبراً إياها «من أفضل المبادرات لأنها تشمل الدول المؤثرة في المنطقة، وستقدم حلاً سلمياً وتمنع التدخل الأجنبي»، لافتاً إلى أن «المنطقة الآن واعية، ولذلك نحن مقتنعون بأننا في إطار الجهود المصرية، بالتعاون مع الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، قادرون على التوصّل إلى الحل». وعن أمن الخليج تساءل «كيف لا تهتم إيران بأمن الخليج وهو يمثل شريانها، إننا نهتم بالأمن والاستقرار لأنه شريان الحياة».
وعن العلاقات المشتركة بين مصر وإيران، قال صالحي «إن الرئيس مرسي طرح دعوة مفتوحة لأي زيارات في الفترة المقبلة إلى مصر». وأضاف «دعونا محمد كامل عمرو إلى زيارة إيران، ونأمل أن نرى إخواننا المسؤولين المصريين في مصر، ووجهت الدعوة إلى الرئيس مرسي لزيارة طهران خلال الفترة المقبلة».
ورداً على ما يتردد عن محاولات إيران السيطرة على الخليج، قال صالحي: «إيران تمتلك أكبر شاطئ على الخليج، والدول المطلة على الخليج تعلم أن إيران تسعى إلى الأمن والاستقرار فى الخليج الذي يمثل شريان حياة». أما في ما يتعلق بالعلاقة بين الشيعة والسنّة، فرأى وزير الخارجية الإيراني «أن الذين لا يريدون الخير هم الذين يوقعون الفتنة»، مضيفاً «في العراق 30 في المئة سنّة و60 في المئة شيعة، يتزواجون ويتصاهرون، وفي سوريا دولة علمانية ويقولون إن هناك صراعاً طائفياً، ومن يروج لذلك هم الذين لا يريدون الخير لنا، على رأسهم الإعلام الغربي». وفيما أكد أن «إيران دائماً مواقفها مواقف حق»، رأى أن «الثمن الذي تدفعه هو ثمن دعم القضية الفلسطينية، والغرب يريدنا أن نتوقف عن ذلك».
أما تصريحات محمد كامل عمرو وزير الخارجية المصري، فحملت رسائل إلى الدول العربية وإيران، وخصوصاً بقوله «لا نزال نرى أن لإيران دوراً يمكن أن تؤديه لوقف نزف الدماء في سوريا، وعلاقة مصر مع أي طرف لن تكون على حساب أمن الخليج». وفيما أكد أنه ليس لمصر «أي مصلحة سوى مصلحة الشعب السوري، ولا تزال المبادرة المصرية هي القادرة على وقف نزف الدم بعد أكثر من 60 ألف قتيل ومليون نازح»، شدد عمرو على أن مصر «أكدت منذ البداية على ضرورة أن يكون الحل في إطار الشعب السوري، ونريد تجنيب الشعب السوري المزيد من المعاناة، ونرى أن إيران لا يزال لها دور فى هذا الشأن».
إلى ذلك، أشار عمرو إلى أن «مرسي جدد الدعوة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد للمشاركة في القمة الإسلامية التي ستعقد الشهر المقبل في القاهرة».