القاهرة، غزة ــ الأخبار جمعت القاهرة، أمس، زعيمي حركتي «فتح»، محمود عباس، و«حماس»، خالد مشعل، من أجل مناقشة المصالحة الوطنية وسبل إنهاء الانقسام. ورغم أن مصادر فلسطينية أكدت أن وجود الرجلين في القاهرة كان صدفة، وأنّه مجرد جولات استطلاعية لا يعول عليها، إلا أن الاجتماعات التي سبقت لقاء الثنائي، ورعاية الرئيس المصري محمد مرسي، ووزير المخابرات المصرية، رأفت شحادة، لها تدل على أبعد من ذلك.
وبحسب المصادر الفلسطينية، التقى أبو مازن بأبو الوليد عند الساعة الثامنة والنصف مساءً، مضيفةً أن «وجود الرئيس ومشعل في ذات الوقت في القاهرة جاء من طريق المصادفة ولم يكن قد خُطِّط لذلك مسبقاً».
وقبل الاجتماع، أكد متحدث باسم الرئاسة المصرية أن «عباس ومشعل سيجتمعان بمدير المخابرات المصرية رأفت شحادة قبل حضور اللقاء الثلاثي مع مرسي». لكن مصدراً فلسطينياً قال إن الزعيمين الفلسطينيين سيجتمعان في المساء من دون الرئيس المصري.
وكان الرئيس المصري قد التقى عصراً بالرئيس الفلسطيني وخالد مشعل كلاً على حدة. وتناول لقاء مرسي وعباس تطورات الموقف السياسي على الساحة الفلسطينية، وخصوصاً منح فلسطين صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة، وإجراء مشاورات بشأن ملف المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام على الساحة الفلسطينية، والعودة لتطبيق اتفاق المصالحة الموقع في الرابع من أيار من عام 2011 برعاية مصرية. وتناولت المباحثات سبل رفع الحصار والمعاناة عن أبناء غزة، وتقديم المعونات الإنسانية لهم. وحضر اللقاء وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، وعزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، بحسب ما ذكرت وكالات الأنباء الفلسطينية. وقال الأحمد إن «الاجتماع كان إيجابياً وبُحث الوضع في الأرض المحتلة وكيفية البناء على قرار الأمم المتحدة بقبول فلسطين كدولة غير عضو تحت الاحتلال». وأضاف أنه «جرى بحث موضوع المصالحة والخطوات المطلوبة، وهي العودة إلى النقطة التي توقفنا عندها، وهي استئناف عمل لجنة الانتخابات وتشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة الرئيس عباس والإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني». وتابع قائلاً إن الرئيس المصري «وعد كذلك بمساعدة السلطة الفلسطينية لفك الحصار المالي المفروض عليها وببذل جهد لدى الاشقاء العرب والمانحين الآخرين».
من جهة ثانية، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش، إن الرئيس الفلسطيني سيلتقي مع الأمين العام للحركة رمضان شلح في القاهرة في إطار الجهود المتواصلة لإنهاء الانقسام. ولم يحدد البطش، في التعليق الذي نشره على صفحته على موقع «فيسبوك»، توقيت الاجتماع بين عباس وشلح، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هذا اللقاء يأتي في سياق الحراك الوطني الداخلي لإنهاء الانقسام والتفرغ لمواجهة الاحتلال ومشاريعه الاستيطانية وتهديداته، ولمواجهة التطورات الراهنة، وخصوصاً بعد الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة في غزة. وفي غزة، قال مستشار رئيس الحكومة المقالة، إسماعيل هنية، يوسف رزقة، إن دعوة مصر لعباس ومشعل لإجراء محادثات من أجل المصالحة «لا تعني بالضرورة أن هذه اللقاء سيسفر عن البدء الجدي في إجراءات التنفيذ». ورأى أن «إصرار عباس على إجراء الانتخابات أولاً يعكّر أجواء لقاء المصالحة، وهو موقف أُحادي لا نقبله في الحكومة، كذلك لن تقبله الفصائل الفلسطينية التي اتفقت على أن ملف المصالحة يجب أن يطبق بشكل كامل ومتواز في كل ملفاته». وأضاف أنه «غير مطمئن حالياً لإمكانية حدوث اختراق كبير في ملف المصالحة».
بدوره، رأى المتحدث الحمساوي، سامي أبو زهري أن محادثات القاهرة تمهيدية. وقال إن المسؤولين المصريين يأملون استكشاف المواقف وبحث أفضل السبل لإنعاش جهود المصالحة.
أما هنية، فعبّر عن أمله في نجاح لقاءات المصالحة في القاهرة، متمنياً أن تحقق هذه الاجتماعات نتائج طيبة وإيجابية تدشن لمرحلة جديدة من الوحدة الوطنية. وقال، خلال استقباله وفداً أوروبياً في منزله بمخيم الشاطئ، «نتمم النصر بتحقيق المصالحة على أسس وطنية سليمة». وتابع: «أخذنا إجراءات على الأرض في غزة تدلّ على صدق نياتنا وحرصنا على تحقيقها، ونأمل أن نرى خطوات مماثلة وقرارات جريئة في الضفة الغربية ليكون الأمر أكثر من أمل».
المواقف الحمساوية في غزة توافقت مع آراء المراقبين، بحيث رأى المحلل السياسي، هاني حبيب، أن فرص نجاح محادثات القاهرة ضئيلة، مثلها مثل فرص الاجتماعات السابقة. وأضاف: «كل طرف من الطرفين لم يستطع ليّ ذراع الآخر، وبالتالي كل منهما راضٍ عن الوضع الحالي».