في أولّ تعليق رسمي على خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، رأت موسكو أنّها تعوّل على مواصلة البحث عن سبل للتسوية على أساس بيان جنيف ومراعاة الأفكار الأخيرة للأسد. في المقابل، انتقد الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي الخطاب، داعياً إلى تغيير حقيقي في سوريا، في حين وزّعت الحكومة السورية المهمات على أعضائها لتطبيق اقتراح الحلّ السياسي الذي ضمّنه الأسد في خطابه، بينما أعلن المجلس الوطني السوري خطّة لمرحلة انتقالية. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو أخذت «بعض الأفكار» التي وردت في الخطاب الذي ألقاه الرئيس السوري بشار الأسد في الاعتبار. وأضافت الوزارة أنّ «الرئيس السوري أكد أنّه مستعد لإطلاق حوار سوري، ولإجراء إصلاحات في إطار احترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية». وأعلنت الخارجية أنّ موسكو تعوّل على مواصلة البحث عن سبل للتسوية في سوريا على أساس بيان جنيف، ومراعاة الأفكار الأخيرة للرئيس السوري.
من جهته، استنكر المبعوث العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي خطاب الرئيس بشار الأسد، واصفاً إيّاه «بالفرصة الضائعة» لإنهاء الأزمة في سوريا. وقال، في مقابلة إذاعية، «أخشى أن يكون ما طرح لا يعدو أن يكون تكراراً لمبادرات سابقة لم تنجح عملياً... في الواقع هذا أمر لا يختلف، ولعلّه أكثر فئوية وانحيازاً لجهة واحدة». وأضاف «الزمن الذي تمنح فيه الإصلاحات من أعلى برحابة صدر قد ولّى. الناس يريدون أن تكون لهم كلمة بشأن طريقة حكمهم، ويريدون أن يتولّوا أمر مستقبلهم بأنفسهم».
ولفت الإبراهيمي إلى أنّه «في سوريا بالذات أعتقد أن ما يقوله الناس هو أن حكم أسرة الأسد لمدة 40 عاماً أطول بعض الشيء مما يجب. ولذلك فالتغيير يجب أن يكون حقيقياً. وأعتقد أنّ الرئيس الأسد يمكنه أن يتولى زمام القيادة في الاستجابة لتطلعات شعبه بدلاً من مقاومتها».
في السياق، رحّب «الائتلاف» المعارض بتصريحات الإبراهيمي. وقال ممثل الائتلاف في بريطانيا، وليد سفور، «تصريح الإبراهيمي طال انتظاره. إنّه لم ينتقد الأسد من قبل».
في موازاة ذلك، نقلت وكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قوله «من المقرر عقد اجتماع بمشاركتي ووليام بيرنز (نائب وزير الخارجية الأميركي)، والأخضر الإبراهيمي، يوم الجمعة في جنيف».
في سياق آخر، وزّعت الحكومة السورية المهمات على أعضائها لتطبيق اقتراح الحلّ السياسي الذي عرضه الرئيس الأسد في خطابه، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا». وكلّفت الحكومة «وزارة الخارجية والمغتربين بإجراء الاتصالات الإقليمية والدولية لتوضيح البرنامج، والدعوة لتأييده، والتشاور حول الآلية التي يمكن تطبيقها لمراقبة تنفيذ بنوده، وخاصة مراقبة الحدود».
من ناحية أخرى، طرح المجلس الوطني السوري على «الائتلاف» المعارض بدء المرحلة الانتقالية في سوريا عبر تأليف حكومة موقتة. وفي ما سمّاها «خطة نقل السلطة وبدء المرحلة الانتقالية»، دعا المجلس الائتلاف إلى تسمية «حكومة موقتة عند توفّر الضمانات الدولية بالاعتراف بها، وبعد توفير دعم لنشاطاتها»، على أن تمارس هذه الحكومة «مهماتها في الأراضي المحررة». واقترح المجلس أن تضمّ هذه الحكومة «شخصيات ثورية ووطنية ملتزمة بأهداف الثورة السورية، وفق المعايير الواردة في النظام الأساسي للائتلاف».
وستتولى الحكومة كامل السلطات التنفيذية، وتشرف على «اتفاق بين قادة الجيش الحرّ، وهيئة الأركان المشتركة، وضباط الجيش السوري ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين، لتنظيم عمليات وقف إطلاق النار وسحب الجيش إلى ثكنه، واستيعاب الثوار في الجيش والقوى الأمنية، وضبط الأمن وحفظ السلم الأهلي». كذلك اشترط المجلس «تنحية بشار الأسد ورموز النظام رضوخاً لمطالب الشعب السوري». وتشمل الخطة دعوة الائتلاف إلى مؤتمر وطني عام بمشاركة «جميع القوى السياسية ومكوّنات الثورة والمجتمع دون استثناء، خلال مدة أقصاها شهر واحد من تاريخ إسقاط النظام».
من جهة أخرى، أكّد النائب الأول للرئيس الإيراني، محمد رضا رحيمي، «دعم بلاده للبرنامج السياسي لحلّ الأزمة في سوريا، واعتباره خطوة لإحلال الاستقرار والأمن في سوريا». وأضاف «ليعلم الإرهابيون والأجانب أنّ الشعب السوري يريد السلام والإصلاحات، ويرفض التدخل الأجنبي في شؤونه الداخلية».
وفي اتصال هاتفي أجراه مع رئيس مجلس الوزراء السوري وائل الحلقي، شدّد رحيمي على «ضرورة تبادل اللقاءات والمشاورات بين مسؤولي البلدين»، مشيراً إلى «الزيارة المرتقبة التي يعتزم الحلقي القيام بها إلى إيران». وأعرب عن أمله «بأن تؤدي هذه الزيارة إلى مزيد من تعزيز وترسيخ العلاقات الثنائية ورفع مستوى التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين طهران ودمشق».
بدوره، أعرب الحلقي عن «تقديره للمواقف الإيرانية في دعم الشعب السوري»، قائلاً: «إن الشعب السوري يقف راسخاً أمام الأعداء والمعتدين، ولن يسمح بالتدخل الأجنبي في شؤون بلاده»، مشيراً إلى أنّ «مسؤولي البلدين يتابعون عملية تطبيق الاتفاقيات الثنائية».
إلى ذلك، وجّهت وزارة الخارجية السورية رسالتين متطابقتين إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن «البرنامج السياسي الذي طرحه الرئيس السوري بشار الأسد لحلّ الأزمة في سوريا». وأوضحت «أنّ البرنامج أكّد ضرورة إيجاد حلّ سياسي لهذه الأزمة عبر الحوار بين أبناء سوريا وبقيادتها، كما أكد ذلك قرارا مجلس الأمن 2042 و2043 وبيان جنيف بهدف رسم المستقبل السياسي لسوريا من بين مبادئ أخرى وأسس من الديمقراطية، والتعددية السياسية، وحماية حقوق الإنسان والحرية الإعلامية».
(أ ف ب، رويترز، أ ب، سانا)