القاهرة | رسّخت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها، قبل أيام، حكماً قضائياً سابقاً للمحكمة الدستورية العليا، ببطلان قانون محاكمة رجال الشرطة أمام المحكمة العسكرية، وهو القانون الذي جرى تعديله عام 2012، بموجب قرار من المشير حسين طنطاوي، الذي كان رئيس المجلس العسكري خلال المرحلة الانتقالية الأولى، فضلا عن موافقة مجلس الشعب المنحل، الذي سيطر على غالبية مقاعده أعضاء جماعة «الإخوان المسلمون».
وقضت المحكمة بإلزام وزارة الداخلية إعادة الضبّاط الستة المفصولين إلى عملهم، بعدما لجأوا إليها، نظراً إلى كون قرار فصلهم جاء جرّاء محاكمة عسكرية على أساس قانون صدر من المحكمة الدستورية العليا، علماً بأن رجال الشرطة باتوا يخضعون للمحاكمة المدنية أمام المحاكم المختصة منذ حزيران 2012.
ويحق لرئاسة الجمهورية الطعن في الحكم أمام محكمة القضاء الإداري، لأن الدائرة التي أصدرته هي المرحلة الأولى من درجات التقاضي، لكن من غير المتوقع أن يجري الطعن، على اعتبار أنّ الأثر القانوني الوحيد لما حدث هو مكاسب مالية للضباط والأفراد المفصولين، مع عدم إعادتهم للعمل، لذلك حل الموضوع في إطار ودّي، في ظل أن عقوبات مجلس التأديب قد تكون أقسى من العقوبات التي حصلوا عليها من قبل.
وبموجب التعديلات التي أدخلت على القانون أصبحت مجالس التأديب والإحالة للمحاكمة المدنية هي الوسيلة الوحيدة لمحاكمة ومساءلة رجال الشرطة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الفئة الوحيدة التي تخضع للمحاكمة العسكرية هم المجندون فقط، باعتبارهم يقضون خدمة عسكرية، وملحقون بقوات الجيش لجهاز الشرطة لتدعيمه، لذلك تطبّق عليهم القواعد العسكرية.
ويرجع السند القانوني في محاكمة رجال الشرطة مدنياً إلى اعتبار جهاز الشرطة هيئة نظامية مدنية وفقا للدستور والقانون، فيكتسب هذا التوصيف العديد من المميزات المدنية، من بينها، على سبيل المثال لا الحصر، عدم حرمان وزير الداخلية، باعتباره موظفا مدنيا، من التصويت في الانتخابات، رغم صدور منع مشاركة رجال الشرطة في العملية الانتخابية وفقاً للقانون، حرصاً على تحييد عملهم.
وما من إحصائية رسمية في مصر بعدد المحالين إلى القضاء العسكري من ضباط وأفراد الشرطة، نظراً إلى الحساسية التي تتعامل بها «الداخلية» مع هذا الأمر، علماً بأن الإحصاءات غير الرسمية تشير إلى إحالة نحو 100، على الأقل، كلّ عام قبل «ثورة 25 يناير».
رئيس مجلس الدولة الأسبق، المستشار محمد حامد الجمل، قال لـ«الأخبار»، إن الحكم جاء صحيحاً وفقاً لما نصّ عليه حكم المحكمة الدستورية «الذي استند لعدم دستورية قانون جرى العمل به على مدار 31 عاماً» مشيراً إلى أنّه من حقّ كل الذين فصلوا من جهاز الشرطة لأحكام عسكرية، وحرموا مستحقاتهم المالية، أو تضرّروا بأي حال من الأحوال، الاستفادة من الحكم الصادر على زملائهم بتطبيقه عليهم». وأضاف الجمل: «الحكم متوافق مع الدستور، ولا يتوقع الطعن فيه من رئاسة الجمهورية باعتبارها الجهة الإدارية التي اختصموا لديها»، موضحاً في الوقت نفسه أنّ هذه الأحكام واضحة، والطعن عليها لا يفيد.
من ناحية أخرى، خففت محكمة مصريّة حكم السجن عن 23 من معارضي السلطات الحالية كانوا قد دينوا بتهمة «التظاهر دون تصريح» وحكم عليهم بالسجن من ثلاث سنوات، إلى سنتين فقط. ومن بينهم، سناء، شقيقة السياسي علاء عبد الفتاح، ويارا سلام، وهي مسؤولة ملف العدالة الانتقالية في المبادرة لمصريّة للحقوق الشخصيّة (منظمة غير حكوميّة). مع العلم أنّ قانون التظاهر الصادر في تشرين الثاني 2013، الذي يلقى انتقادات واسعة محلياً ودولياً، ينصّ على ضرورة الحصول على ترخيص من «الداخلية» قبل التظاهر. ويفرض على المخالفين عقوبات السجن والغرامة الماليّة.
وفي معرض ردّه على تسجيل صوتي بثّته فضائيّة مؤيدة للرئيس المعزول، محمد مرسي، ويحمل اتهامات لقيادات الجيش بالتدخل في شؤون القضاء، أوضح القاضي عبد الله فتحي، وهو المتحدث باسم نادي قضاة مصر، أنّ «القضاء المصري مستقل، ولم، ولن يقبل التدخل في شؤونه بأي حال من الأحوال».