■ تتصدر الوضع السياسي لحركة «حماس» الآن قضيتان، الأولى لها علاقة بإصلاح العلاقات مع إيران، فما هي نتائج زيارة وفدكم؟الفائدة الأولى أننا قلنا علناً إن العلاقة بين حماس وإيران مستمرة، علماً بأننا نتحدث عن زيارة علنية، لأن الزيارة الأخيرة كانت الثانية، وسبقتها زيارة سرية. كذلك يمكن الكشف أن التواصل مع طهران كان مستمراً منذ ما قبل الحرب على غزة، وأيضاً بعدها، لذلك لم تكن الزيارة المعلنة حدثاً فريداً. أؤكد أن التواصل بين الحركة في غزة والجمهورية كان مستمراً قبل زيارة الوفد وبعدها. في الخلاصة سنستأنف علاقاتنا، لأنها لم تنقطع إلا في مدة بسيطة بسبب الأحداث السورية، وأيضاً كان لتغير الرئيس في إيران تأثيره. عند الحديث عن انقطاع العلاقة، يجب أن يكون هناك أصلاً قرار بقطعها، وهذا لم يكن موجوداً.

■ لكنكم في الحرب الأخيرة أحجمتم عن شكر إيران بالطريقة التي شكرها بها أبو عبيدة أخيراً؟
خلال الحرب وما قبلها، كنا نحاول أن نجنّب أنفسنا التيارات التي غيّرت الجغرافيا السياسية من حولنا، وهي تيارات عنيفة ومدمرة لمشروع المقاومة. فلولا قوة الحركة والمقاومة وفضل الله علينا، لكان لهذه التيارات تأثيرات سلبية كبيرة. في اللحظة التي نضجت فيها كل الأطراف قررنا الإعلان.

■ خلال الحرب أرسل الجنرال في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، رسالة إلى المقاومة الفلسطينية... كأنه كان هناك تجاهل من «حماس»؟
لا أحد كان يخرج للرد، وخصوصاً في الداخل، للأسباب المعروفة (الأوضاع الأمنية).

■ ... سألنا المتحدث باسم الحركة في غزة، سامي أبو زهري، عن نظرتكم إلى الرسالة التي بثتها قناة «الميادين»، فقال إنه لم يسمعها.
فعلاً، لم نسمعها، مع أننا كنا متابعين للميادين. ثانياً، حتى لو سمعناها، ما كنا لنردّ عليها، لأن أيّ أحد كان يخرج للرد على رسالة على الهاتف أو غيره يُستهدف فوراً، لذا من المنطقي ألا يردّ أحد. أؤكد أن تواصلنا عبر قنوات مغلقة غير مرتبطة بالإنترنت أو الأقمار الصناعية.

■ هل دفع انعدام الخيارات حماس «مُكرهة» للعودة إلى تحالفها القديم؟
تحالفنا مع العالم العربي والإسلامي تحالف استراتيجي، ولا نلعب لعبة منظمة التحرير حتى تجعلنا الضغوط نقبل شيئاً، وفي حال العكس نرفضه. موقفنا كما هو، وإيران تعلم أن تواصلنا معها مستمر. نكشف أيضاً أنه بالتحديد قبل يومين من الحرب، تواصلت غزة مع إيران.

■ وماذا عن الغضب السعودي من خطوة «حماس» الأخيرة؟
هذا السؤال من المفروض أن يجيب عنه السعوديون. ليس لدينا موقف سلبي من السعودية. هي والإمارات، بل كل الدول العربية، أخذت مواقف منا... هذا مع وذلك ضد. لم ندخل في هذه اللعبة، ولن نرد بالسلب أو الإيجاب. يمكن الإشارة إلى أن الرياض بدأت تأخذ موقفاً إيجابياً. فهي أثناء الحرب أخرجت فتوى بضرورة دعم الشعب الفلسطيني، ولم تنجح محاولة وضع «حماس» في دائرة الإرهاب وربطها بإخوان السعودية. كل هذا يأخذ منحى آخر، وخصوصاً أن البدائل أصبحت تميل إلى التطرف. نريد أن نحسّن علاقتنا بالسعودية والدول الخارجية، بشرط ألا يكون ذلك على حساب برنامج المقاومة.
«حماس» لم تطّلع على رسالة الجنرال سليماني لذلك لم تردّ عليها
السلطة تضيّع وقتنا وندير أزمة معها... «وربنا يخلصنا معهم»

■ ماذا تريد إيران من دعمكم؟
مع أن السؤال يجب أن يوجه لإيران نفسها، لكنهم قالوا لي شخصياً إنهم يدعمون المقاومة، لأن كرههم لإسرائيل «ديني». أيضاً توجد أسباب سياسية، فالكيان الإسرائيلي في المنطقة ذراع متقدمة وقوية للغرب، والغرب ضد إيران والثورة الإسلامية من البداية، وضد السياسة الإيرانية في الإقليم، وهذا عامل كره سياسي. النقطة الثالثة أن العدو شنّ حروباً على حلفاء لإيران، مثل حزب الله وسوريا، فمن المنطقي جداً أن يكون موقفها من إسرائيل موقفاً معادياً، ما يعني أن يكون موقفها ممن يقف ضد إسرائيل ويكسر شوكتها، مثل حماس، موقفاً إيجابياً.

■ لو أعادت إيران دعمها الحكومي لـ«حماس» على الشاكلة السابقة، ماذا ستفعلون مع المصالحة؟ وهل يمكن أن تستحوذوا على حكم القطاع مجدداً؟
كلمة استحواذ خطأ، لأننا عندما أتينا إلى الحكم لم نأتِ باستحواذ، بل بالانتخابات البلدية في 2005، والتشريعية في 2006. جئنا لنطبق ما أراده الشارع، أما الذي استحوذ على السلطة فهو منظمة التحرير. منذ عام 67 حتى هذه اللحظة وهي تدّعي أنها ممثل شرعي ووحيد. عموماً، الدعم الذي يأتي يجب أن يأتي من دون شروط، وسنسخّره في الجهة التي نراها، إما في المرتّبات، أو في الجهاز المقاوم (كتائب القسام)، أو في إعادة الإعمار وتطوير غزة. هذا القرار عندنا وليس عند إيران، فهي لا تقول لنا خذوا هذه الأموال للحكومة أو العكس. في 2006 جئنا بأموال للحكومة وكانت هناك أموال تأتي إلى «القسام». يعطوننا الأموال والقرار لدينا، وهم على ثقة بأننا نتصرف بها بما يرضي الله.

■ لن يكون هناك أي انعكاس مقبل على تعاطيكم مع الملف الداخلي؟
موقفنا الداخلي مبني على اقتناعات، وإذا فهمت من سؤالك أننا سلمنا السلطة بسبب الوضع المالي، فهذا ليس صحيحاً. الاتفاق الذي طبّقناه مؤخراً هو اتفاق 2011 وليس جديداً. اقتناعاتنا أننا برنامج مقاومة، وفي مرحلة ما تحمّلنا عبء الحكومة حتى نحمي المقاومة. لقد حولنا البرنامج السلطوي الذي كان ضد المقاومة إلى برنامج داعم لها. الآن، فليتسلّم الحكومة من يتسلم، ما دمنا حصّنّا المقاومة.

■ إلى أي مدى تؤمن «حماس» بخطوة توجّه الرئاسة إلى مجلس الأمن؟
بدرجة صفر في المئة.

■ في الموضوع الثاني، وبصراحة، من هو محمد دحلان في وعي الحركة؟
محمد دحلان نسخة من محمود عباس. وبين الاثنين صراع على السلطة فقط.

■ وبالنسبة إلى إقامة علاقات معه؟
لا يوجد علاقات مع دحلان الذي كان يتعاون أمنياً مع العدو ضدنا حينما كان رئيساً لجهاز الأمن الوقائي. لقد سجن جميع قيادات «حماس» السياسية والعسكرية، والآن يلعب مشروعاً ضد الإسلام السياسي في المنطقة كلها وليس على مستوى فلسطين. له عناصر هنا مثلهم مثل أي عناصر أخرى من «فتح»، ونترك لهم حرية العمل ما لم يضر ذلك الأمن والمقاومة.

■ ... وتظاهراتهم العلنية الأخيرة؟
الأمر لا يعدو إطار حرية الرأي والتعبير.

■ يدور حديث كثير عن صفقة قريبة للأسرى؟
حتى الآن لا أحد من المسؤولين عن هذا الملف تحدث، وما يجرى كله اجتهادات من خارج الدائرة. حينما تنضج الأمور سيكون هناك إعلان عن ذلك. نتذكر تجربة جلعاد شاليط، منذ 2006 حتى 2011، جرت مئات اللقاءات ولم نعلنها. نطبّق الآن السياسة نفسها.

■ ماذا عن الميناء والمطار؟
هذا شأن فلسطيني داخلي ويجب أن يبقى كذلك. دفعنا ثمن المطار والميناء من اتفاقات أوسلو السابقة. كان على السلطة في عهد أبو عمار (ياسر عرفات) أن تعيد بناء المطار الذي دمّر، لكنها لم تفعل، لأنه يجب أن توافق إسرائيل، ولم يكن لديها خيارات، كما «حماس» الآن. أما الميناء، ففي أوسلو (المادة الرابعة)، تم توقيع اتفاق على بنائه، لكنّ من في السلطة اختلفوا لأسباب مالية. لو وافقت السلطة فستوافق حماس، وإذا بني المطار والميناء فسنحميهما. الآن، إسرائيل تريد أن تخنقنا والسلطة تتعاون معها على خنق المقاومة.

■ إلى أين يسير الأفق السياسي مع السلطة؟
هؤلاء الناس لا اتفاق معهم، لا عهد لهم. هم يستمرون بالتنسيق الأمني، ويضيّعون وقت الشعب بـ«كلام فاضي» كموضوع مجلس الأمن. لذلك درجة ثقتنا بهم تصل إلى العدم. حالياً، ندير أزمة بيننا وبينهم، وربنا يخلصنا معهم.

تُنشر هذه المقابلة بالتعاون بين «الأخبار» وموقع «نبأ برس»