القاهرة | بالرغم من أن «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، الكيان المناهض لعزل الرئيس محمد مرسي ويضم قوى إسلامية، يلفظ حالياً أنفاسه الأخيرة بعدما غادر سفينته معظم ركابه، فضلاً عن فشل «الإخوان» في تسويق فكرة المصالحة لاستعادة الديموقراطية بين القوى الثورية، قررت الجماعة اتخاذ خطوة أخرى على طريق التصعيد، بإعلان اجتماع برلمان مجلس الشعب المنحل عام 2012، في تركيا هذه المرة.
وعرض برنامج «90 دقيقة» المذاع على فضائية «المحور»، الجمعة الماضي، منشوراً منسوباً إلى جماعة الإخوان المسلمين، يدعو لحضور المؤتمر الصحافي لأعضاء برلمان 2012 في اسطنبول وقد كتب باللغات العربية والانجليزية والتركية.
ومعروف أن برلمان 2012 تم حله بقرار من المحكمة الدستورية العليا في مصر.
أعضاء البرلمان أكدوا، في منشورهم، أن دستور 2012 يكفل عقد جلسات أعمال البرلمان خارج البلاد فى حال تعثر إقامتها فى مصر، وحال وجود عائق مادي، مشيراً إلى أن «مرسي» لم يصدق على قرار حل مجلس الشعب.
وكان هؤلاء الأعضاء قد عقدوا بالفعل أولى جلساتهم في فندق يحمل اسم السفينة الغارقة الشهيرة «تيتانيك» في إسطنبول، ولم يحضر فيه سوى 45 نائباً، جلّهم من الإسلاميين، من أصل 455 نائباً، في خطوة يرى مراقبون أنها ستكون مقدمة لإعلان حكومة في المنفى في الأغلب، قبيل حلول ذكرى 25 يناير.
وذكر موقع «هبرلر» الإخباري التركي أن نواب المجلس المنحل عيّنوا خلال اجتماعهم ثروت نافع رئيساً للمجلس وجمال حشمت وحاتم عزام وكلاء للمجلس، لتحقيق أهدافهم للعودة إلى الحكم في مصر وتحقيق الشرعية، على حدّ قولهم.
وفي تصريحات صحافية نارية، شدد ثروت نافع، رئيس المجلس، ومها عزام، رئيس المجلس الثوري المصري، وعضو التحالف الدولي للإخوان، إسلام الغمري، على أن «دبابات الجيش لن تقف عائقاً أمام تحقيق الشرعية»، وأن «المصريين عانوا كثيراً للحصول على حقوقهم ولن يستطيع أحد أن يسلبهم تلك الحقوق بعد الآن»، و«أنهم يطالبون بالحرية لرفاقهم المعتقلين في مصر» وعلى رأسهم الرئيس الأسبق محمد مرسى.
وبلا شك، لا يمكن فهم هذه الخطوة، التي وصفها مراقبون بالـ«عديمة القيمة»، إلا من في ضوء حملات التضييق والاعتقال في حق أنصار مرسي، وحرمان «الإخوان» من المشاركة في الانتخابات في مصر، حيث رفضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، أمس، الاستشكال على حكم محكمة أول درجة بحظر أنشطة تحالف دعم الشرعية.
غير أن العامل التنظيمي أيضاً يبدو حاضراً بقوة في عملية اتخاذ القرارات داخل الجماعة حالياً؛ فأدبيات الجماعة، على مواقعها الإلكترونية، تنطلق من رؤية أن «الانقلاب يترنح» وأن «المعركة لن تستمر طويلاً» وأن «العام المقبل هو عام الحسم،» وهو ما يحتاج الى إجراءات على الأرض تستطيع إقناع الانصار بالاستمرار في أتون معركة يدفعون ثمنها كل يوم دماءً، خاصة في ضوء أن الإحباط والإنهاك يسيطران على قطاعات واسعة من الشعب المصري الذي لم تنجح مسيرات الاسلاميين اليومية منذ عام ونصف العام في جذبه إلى صفوفهم من جديد.
ويرى الدكتور حسن نافعة ـ أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة ـ أن «دعوة جماعة الإخوان إلى انعقاد مجلس النواب في تركيا دليل على التخبط وعدم وضوح الرؤية لدى الجماعة، وليس له أي مبرر قانوني أو أخلاقي». وأكد نافعة، في تصريحات صحافية، أن دعوة الإخوان وانعقاد المجلس ليس لهما أي قيمة من الناحيتين السياسية أو القانونية، مستبعداً اكتمال النصاب القانوني لعدد الأعضاء، متابعاً: «حتى وإن اكتمل فليس له قيمة».
وتابع أن «دعوة الإخوان إلى عودة انعقاد البرلمان في هذه الفترة تؤكد عدم مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية القادمة، لأن المشاركة تدل على اعترافهم ضمنياً بخارطة الطريق، في ظل أنهم يصرّون على أن البرلمان المنحل هو البرلمان الوحيد المنتخب، وليس له علاقة بما يطلقون عليه بالانقلاب وحلّ البرلمان».