سقوط معسكري الحامدية، ووادي الضيف أعاد الحديث عن صواريخ BGM-71 TOW الأميركية المضادة للدروع إلى الواجهة من جديد. وبغض النظر عن حجم الدور الذي أدته الصواريخ المعروفة اختصاراً باسم «تاو» في المعركة، فقد أثار وجودها في هجوم تقوده «جبهة النصرة»، ونظيرتُها «حركة أحرار الشام الإسلامية» لغطاً، اضطرّت بفعله وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدث باسمها جوشوا بيكر، إلى إنكار تزويد المجموعات المسلّحة في سوريا بالأسلحة.
على أرض الواقع، لا يعني هذا النفي شيئاً، فمنذ أيار الماضي تأكّدت حيازة «حركة حزم» للصواريخ المذكورة. لكن «تاو» لم يصل إلى «حزم» من الأميركيين مباشرة، بل «عبر جهات صديقة»، وفقاً لما أقرّ به قائدها العسكري العام عبد الله عودة، لمراسلة صحيفة «واشنطن بوست». عودة أكد حينها أن «المانحين أوضحوا له أن التسليم كان بموافقة أميركية». ويجدر في هذا السياق التذكير بتقرير نُشر في كانون الأول من العام الماضي في مجلة «فورين بوليسي»، يتناول هذا الشأن.
بالعودة إلى ظهور «تاو» في معارك الحامدية ووادي الضيف، فقد فسّرت مصادر عدة الأمر بحصول «النصرة» على الصواريخ إثر سيطرتها على مخازن تابعة لـ«جبهة ثوار سوريا» في ريف إدلب الشهر الماضي. لكنّ الركون إلى هذا التفسير سيبدو ضرباً من السذاجة، فعلى الرغم من دقّة المعلومات المتعلقة بوصول الصواريخ إلى قبضة «النصرة»، غير أن استخدامها أمر مختلف عن حيازتها، ويحتاج إلى فترة تدريب طويلة نسبيّاً.

من استخدم «تاو» في المعركة؟

مصدر «جهادي» ميداني أكّد أن «الصواريخ استُخدمت بفاعليّة في المعركة». المصدر قال لـ«الأخبار» إنّ «ذلك من نعم الله على المجاهدين، إذ سخّر لهم الأسلحة التي حاول الغرب الكافر حرمانهم منها». المصدر أكّد في الوقت نفسه أنّ «إخوةً لنا كانوا قد تدرّبوا على استخدام الصواريخ، شاركوا في المعركة، وأدوا دوراً أساسيّاً». ورغم أن المصدر امتنع عن تسمية المجموعة المقصودة، غير أن مقاطعة معلوماتٍ جرى تداولها عبر مصادر عدة خلال اليومين الأخيرين تؤكّد أن المجموعة ليست سوى «الفرقة 13» المنضوية تحت لواء «الفيلق الخامس». تشكّلت «الفرقة 13» العام الماضي، بقيادة الملازم أحمد السعود. مقرّها الرئيسي في معرة النعمان (ريف إدلب)، وتضمّ «سرية» اسمها «سرية التاو».

من هي المجموعات التي دُعمت بـ«تاو»؟

خلافاً للسائد حول الصواريخ المذكورة، فإن حيازتها لم تكن حكراً على عدد محدود من المجموعات. زُوِّد نحو عشرين مجموعة أخرى بالصواريخ، ودُرِّب أفرادها على استخدامها. معظم هذه المجموعات تنشط في جنوب سوريا، وكانت من المكونات الأساسية للتحالف الذي أُنشئ في شباط الماضي تحت اسم «تحالف الجبهة الجنوبية». اللافت أن بعض هذه المجموعات لا يحظى بقدر من القوّة يؤهله للوقوف في وجه أي هجمات «جهاديّة» كما حصل مع «ثوار سوريا».
لحيازة هذه الصواريخ لم تكن حكراً على عدد من المجموعات

كذلك تحظى مجموعات أخرى بـ«علاقات طيبة» مع «الجهاديين»، ما يعني أن وصول أي سلاح نوعي إلى أي مجموعة «جهادية» في سوريا ليس أمراً صعباً على الإطلاق، خاصة أن من بين المجموعات التي زوّدت بتلك الأسلحة مجموعات «إسلامية» محليّة. وعلاوةً على «حزم»، و«جبهة ثوار سوريا»، و«الفرقة 13» يتوافر «تاو» في حوزة المجموعات الآتية:
«الفيلق الخامس» بمجموعاته الخمس: «الفرقة 13» تنشط في ريف إدلب. «الفرقة 101 مشاة» وتنشط في إدلب وحماة وحلب. «لواء فرسان الحق» ينشط في إدلب وحماة. «اللواء الأول مشاة» وينشط في ريف إدلب، وخاصة في معرة النعمان، و«كتائب صقور جبل الزاوية».
الأخير كان جزءاً من مجموعة «إسلامية» هي «تجمع أحفاد الرسول»، قبل أن يغادرها إلى «جبهة ثوار سوريا»، ثم يستقرّ في صفوف «الفيلق الخامس».
ــ «حركة نور الدين زنكي». واحدة من أقوى المجموعات في ريف حلب. كانت أول الأمر جزءاً من «لواء التوحيد»، ثم انضمت إلى «جيش المجاهدين»، قبل أن تنفصل عنه وتغير اسمها من «كتائب» إلى «حركة».
ــ «ألوية الأنصار» تنشط في ريفي إدلب وحماة. تشكلت في معرة النعمان عام 2012 بقيادة مثقال العبد الله.
ــ «لواء العاديات» ينشط في ريف إدلب، وريف اللاذقية الشمالي. كان جزءاً من «تجمع أحفاد الرسول»، وشارك في «غزوة الأنفال» التي استهدفت أساساً بلدة كسب.
ــ «تجمع صقور الغاب» ينشط في الريف الغربي لحماه.
ــ «تجمع الشهيد أحمد العبدو». ينشط في القلمون وريف دمشق الشمالي، استخدم «تاو» لأول مرة في أيار 2014. بحوزته أيضاً صواريخ صينية الصنع مضادة للدبابات من طراز HJ-8 (واردة من السودان بتمويل قطري).
ــ «لواء المهاجرين والأنصار» له ميول «إسلامية». ويضم مقاتلين من جنسيات عربيّة. ينشط في درعا حيث تم تشكيله بقيادة إياد القدور وخالد فتح الله (ولا صلة له بجيش المهاجرين والأنصار ذي الأكثرية الشيشانية الناشط في الشمال).
ــ «ألوية سيف الشام»، هو تجمّعٌ من بين مكوناته «كتائب إسلامية»، وينشط في درعا والقنيطرة.
ــ «فرقة فجر الإسلام». مجموعة إسلامية الجوهر «معتدلة» المظهر. يقودها محمد حسن سلامة، وتنشط في درعا والقنيطرة.
ــ «ألوية شهداء دمشق» يُعرّفها القائمون عليها بأنها «جماعة إسلامية مستقلة». تنشط في درعا والقنيطرة وجنوب ريف دمشق.
ــ «لواء شباب السنة». مجموعة «إسلامية» إلى حد «التكفير». تنشط في درعا والقنيطرة.
ــ «لواء عمود حوران» ينشط في درعا والقنيطرة.
ــ «لواء توحيد كتائب حوران» مقره في منطقة حوران جنوبي سوريا، وينشط في درعا والقنيطرة.
ــ «الفوج الأول مدفعية» شكّله «المجلس العسكري بدرعا»، وزُوِّد بصواريخ تاو ومجموعة متنوعة من مضادات الدبابات.
ــ «ألوية العمري»، و«فرقة الحمزة». ينشطان في درعا.
ــ «لواء اليرموك» ينشط في درعا والقنيطرة.
ــ «المجلس العسكري في القنيطرة» كان حين تشكيله بقيادة عبد الإله بشير. وهو تجمّع يضم عدداً من المجموعات، من بينها «كتائب» ذات توجهات «إسلامية».
إضافة إلى كل المجموعات السابقة، هناك معلومات لم يجرِ التثبت من دقّتها حول وصول «تاو» خلال الشهرين الأخيرين إلى مجموعات أخرى. من بينها «جيش المجاهدين» في ريف حلب، و«لواء شهداء الإسلام» في داريّا، الذي يؤكد ناشطون معارضون أن الصواريخ «وصلت إليه رغم الحصار الخانق المفروض على داريّا».