قدم الأردن رسمياً إلى مجلس الأمن، في وقت مبكر أمس، مشروع القرار الفلسطيني الذي يطلب إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، على أمل أن يكون التصويت على المشروع خلال 24 ساعة. لكن لا يوجد ما يضمن التصويت في الوقت المحدد، إذ قدمت في السابق مسوّدات لم يصوت عليها. كذلك يجب أن يحصل المشروع الذي أعدّته السلطة على تسعة أصوات من أصل 15 دولة.
ويقول دبلوماسيون إن المفاوضات بشأن النص قد تستغرق أياماً أو أسابيع، وفي حال اجتمعت تسعة أصوات موافقة يمكن للفيتو الأميركي أن يوقف اعتماد هذا القرار، علماً بأن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قال في وقت سابق إن بلاده لم تحسم قرارها، فيما يؤكد مسؤولون فلسطينيون أنهم تلقوا تهديداً باستعمال الفيتو.

في السياق، قال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إن الأردن تقدم نيابة عن المجموعة العربية بمشروع القرار الذي «يدعو إلى إنهاء الاحتلال خلال مدة انتقالية متفق عليها في إطار زمني معقول لا يتجاوز نهاية عام 2017». وبشأن الساعات الأربع والعشرين المقبلة، فإن المالكي توقع التصويت على المشروع «في حال أن كل الدول الأعضاء في المجلس لم تبد رغبة في التشاور، أو إدخال ملاحظات أو تعديلات». ولم يؤكد المالكي، أو غيره من المسؤولين الفلسطينيين، استطاعتهم تجنيد تسعة أصوات لمصلحة مشروع القرار، لكن مصادر مطلعة قالت إن «هناك 7 أصوات مضمونة حتى الآن هي روسيا، والصين، والأرجنتين، والأردن، وتشيلي، وتشاد، ونيجيريا».
على الصعيد نفسه، رأى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أن التقدم إلى مجلس الأمن دليل على «مصداقية القيادة الفلسطينية». وأكد عباس، يوم أمس، أن مشروع القرار «أكد كل ما جاء في قرار الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة عام 2012».
في المقابل، أعربت الجامعة العربية عن أملها بألا تستخدم الولايات المتحدة الفيتو ضد المشروع الفلسطيني. ولعل هذا التخوّف نابع من أن المشروع ينص على «انسحاب كامل ووضع حدّ للاحتلال الذي بدأ عام 1967 (...) في مدة زمنية معقولة لا يجب أن تتعدى نهاية 2017». فهذان المطلبان لن تقبلهما الولايات المتحدة، وكذلك إسرائيل. لكن سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، قال إن الفلسطينيين على استعداد لتعديل هذا النص، وليسوا «على عجلة من أمرهم لرفعه إلى التصويت»، خلافاً لما أكده سابقوه.
كذلك نقلت وكالة «صفا» التابعة لحركة «حماس» أن اجتماع قيادة السلطة في رام الله، أمس، شهد خلافات وغضباً. ونقلت الوكالة أن المشاركين في الاجتماع الذي ترأسه عباس، انتقدوا إدخال تعديلات على مشروع القرار، والاعتماد في صياغته على معظم الأفكار الأوروبية، وخصوصاً الفرنسية. ومن ذلك إشارة القرار إلى أن القدس عاصمة لدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) من دون تأكيد أن شرقي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية. كذلك رفض هؤلاء الفقرة التي تضمنها مشروع القرار بشأن الدعوة إلى استئناف مفاوضات التسوية لمدة عام من دون استنادها إلى مرجعيات دولية وضمانات بنجاحها. وانتهى الاجتماع من دون إصدار بيان ختامي، فيما غادر عباس لاستقبال الفنان الفلسطيني هيثم خلايلة العائد من بيروت.
وبينما غاب فجأة المشروع الفرنسي الذي صُمّم في الإطار نفسه، بعدما كان مقرراً تقديمه «بتعديلات فلسطينية وعربية» إلى مجلس الأمن، على ما أفاد به المالكي سابقاً، فإن من المهم المقارنة بين النص الجديد للمشروع الأردني الذي تم تقديمه، ونسخة سابقة، إذ نصّ الأول على «إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في حدود 1967 مع نهاية 2017»، بعد أن كان مشروع قرار سابق يتحدث عن نهاية 2016.
هذا ليس التعديل الوحيد الذي أدخل على مشروع القرار المعروض حالياً للتصويت، فهو واحد من ثماني نقاط مختلفة. وتحدث المشروع الأول عن «انسحاب إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، بأسرع وقت ممكن وبشكل كامل، والحق في تقرير المصير للشعب الفلسطيني». في حين أن مشروع القرار الجديد «يؤكد على الحاجة الملحة لتحقيق حل سلمي عادل ودائم وشامل، في موعد لا يتجاوز 12 شهراً بعد اتخاذ هذا القرار، يضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي القائم منذ عام 1967 ويحقق رؤية دولتين مستقلتين وديموقراطيتين ومزدهرتين، دولة إسرائيلية، ودولة فلسطينية ذات سيادة ومتواصلة جغرافياً وقابلة للحياة تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن ضمن حدود معترف بها بشكل متبادل ودولياً».
وإن خلا المشروع الأول من الحديث عن تبادل للأراضي، فإن الجديد نصّ صراحة على هذا التبادل. كذلك تضمن مشروع القرار الجديد معالم من خمس نقاط للحل هي الحدود، والترتيبات الأمنية، واللاجئين، والقدس والمياه، فيما تضمن القديم النقاط نفسها، ولكن ليس بصفتها معالم محددة للحل.
وبينما يتحدث الأول عن «الدعوة للوقف الكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية»، يقول المشروع الجديد: «يدعو المجلس الطرفين إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات غير قانونية أحادية الجانب، بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية». كذلك يشير الجديد إلى أن الحل النهائي ينهي جميع المطالبات، في حين أن القديم لا يتحدث عن هذا الأمر.
أيضاً يخلو القرار الجديد من بند «يطالب بوقف جميع العمليات العسكرية الإسرائيلية، والانتقام والتهجير القسري للمدنيين، وجميع أعمال العنف والأعمال العدائية». وفيما ينص على قبول فلسطين دولة كاملة العضوية، فإن القديم لم يشر إلى هذه النقطة. كذلك القديم تحدث عن مساهمة المجتمع الدولي في بناء الثقة، لكن الجديد قال إنه يجب انخراط أكثر فعالية للمجتمع الدولي في المفاوضات، بما في ذلك عقد مؤتمر دولي لإطلاقها.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)