تجاوز الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اللغة المبطنة التي كان يستخدمها سابقاً حين كان يخاطب إيران من دون تسميتها، متهماً إياها بدعم جماعة «أنصار الله» (الحوثيون)، خصوصاً عقب سيطرة الجماعة على صنعاء وتغيير المعادلة السياسية في اليمن.
يوم أمس، اختار أن يوجّه كلامه إلى طهران بصورةٍ مباشرة، عبر السفير الايراني الجديد في صنعاء، داعياً إياها إلى «بناء علاقات مع بلاده عبر القنوات الرسمية والدبلوماسية، لا عبر الميليشيات». وفي وقتٍ تبدو فيه مؤسسات الدولة متمسكة بالتبعية لدول الخليج التي أعلنت، أخيراً، قطع الدعم المالي عن الدولة اليمنية، حيث أعاد هادي التأكيد، أمس، على المبادرة الخليجية، يتابع الحوثيون تقدمهم الميداني من دون إحجام، لا سيما بعدما تحدّثت أنباء عن دخول المقاتلين الحوثيين إلى مقرّي المصرف المركزي وشركة النفط الرئيسية في العاصمة، ما يمكن وضعه ضمن سياق الخطاب الأخير لزعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، حين تحدّث عن «الفساد»، وعن تمويل هادي وابنه من «موازنة الدولة» لإثارة ما وصفها بـ«المشاغبات».
ومن المفترض أن يصوّت البرلمان اليمني، اليوم، على منح الثقة للحكومة الجديدة، بعدما تأجلت هذه العملية، يوم الثلاثاء الماضي، عقب امتناع حزب «المؤتمر الشعبي العام» عن التصويت. في هذا الوقت، أدان مجلس النواب التفجير الانتحاري في رداع (وسط)، الذي أودى بحياة 26 مدنياً بينهم 16 طالبة من الأطفال، واصفين التفجير الذي استهدف الحوثيين، بـ«الحادث الاجرامي البشع».
وتوجه الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، للسفير الإيراني الجديد في صنعاء، قائلاً إن العلاقة مع إيران «يجب أن تُبنى عبر القنوات الرسمية بين الدولتين، وليس على مستوى العلاقة مع الأحزاب أو الجماعات أو الميليشيات، أيّاً كان اتجاهها أو نهجها».
وأكد هادي، خلال تسلّمه أوراق اعتماد السفير، سيد حسن، أن إيران «دولة إقليمية ولها مصالح مشتركة، نستطيع كدولة حمايتها»، داعياً إلى الاستثمار في اليمن وتطوير العلاقات «على الأساس المتعارف عليه بين الشعوب».
من جهته، قال حسن إن وجوده في اليمن «سيكون من أجل التعامل والتعاون مع الحكومة اليمنية». وأضاف: «علاقة قديمة في التعامل مع اليمن من خلال القنوات الدبلوماسية، وسنعمل على تعزيز العلاقات والتعاون بين البلدين بما يحقق المنافع المشتركة، ونعلن استعدادنا للتعاون وتطوير العلاقات الثنائية».
وفي سياق آخر، قال هادي إن «هناك قوى تريد إعادة اليمن إلى ما قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر على مستوى الجنوب والشمال». وخلال استقباله رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي إلى اليمن، بيتينا موشايت، أمس، قال هادي إن هذا الاتجاه «يعرقل المسار السلمي على أساس تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل»، مشيراً إلى أنه «ليس أمام اليمن إلا المضي نحو استكمال استحقاقات المرحلة الانتقالية بمقتضيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة».
بالتزامن، تحدّثت أنباء أمس عن «إغلاق مسلحين حوثيين مقر البنك المركزي اليمني في صنعاء، ومنعوا دخول الموظفين وخروجهم، بحسب مصدر في البنك. وأضاف المصدر أن الحوثيين منعوا أيضاً «خروج أي أموال من البنك»، من دون معرفة أسباب ذلك.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين في ميناء الحُديدة الاستراتيجية أن الحوثيين الموجودين في المرفق الحيوي «عزلوا كبار المديرين في ثاني أكبر ميناء في البلاد»، أمس، ما يضعه البعض ضمن الثورة على «الفساد» الذي يرى الحوثيون أنه أدى إلى إفلاس الدولة.
وقال مسؤولون في الميناء إن مقاتلين حوثيين منعوا، أمس، مدير المرفق الرئيسي على البحر الأحمر من الدخول «بهدف تغييره».
وذلك إضافة إلى دخول نحو 20 حوثياً شركة «نفط صافر» الحكومية في صنعاء، حيث طردوا المدير العام للشركة أحمد كُليب، ونائبه سيف شريف، وأغلقوا مكتبيهما.
إلى ذلك، ارتفع عدد ضحايا استهداف دورية للجيش بعبوة ناسفة، جنوبي اليمن، أمس، إلى 3 قتلى و5 جرحى جميعهم جنود، بحسب مصدر طبي، في هجومٍ يرجّح أن يكون تنظيم «القاعدة» خلفه.

(أ ف ب، رويترز، الأناضول)