غزة | ثمة وجه آخر للحرب الإسرائيلية على غزة، إنه وجه من نجا من الموت، لكنه ظلّ يعاني التشوّه. إذ يصل عدد مشوّهي الحرب الأخيرة إلى المئات، وهم لا يكابدون الوجع والاختباء خجلاً من المجتمع، بل أيضاً يعانون نقص العلاج وقلّة الدواء، وخصوصاً مع ضعف الطب التجميلي في القطاع، وقلة إمكاناته والمتخصصين فيه.
الطالبة الجامعية، سعاد زقوت، تبلغ من العمر 22 عاماً، وأصيبت خلال الحرب الأخيرة على غزة. كان نصيبها تشوّهاً أصاب وجهها بعدد من الندوب. وهي منذ انتهاء الحرب، تنتظر إجراء عملية تجميل، لكن التكاليف العالية للعملية وضعف الإمكانات الذي يقود إلى الخوف من نجاحها، عاملان يحرمانها العلاج.

وخلال الحرب الأخيرة، بلغ عدد الإصابات أكثر من 11 ألف من بينها المئات ممّن أصيبوا بإعاقات وتشوهات. أما واقع الطب التجميلي، فيلخصه الطبيب ماهر سكر، إذ يقول لـ«الأخبار»، إن «ثقافة التجميل ضعيفة وغير منتشرة في غزة»، مضيفاً أن «الفلسطينيين متشددون في تقبّل عمليات التجميل، بسبب انغلاق المجتمع على نفسه وحصاره لنفسه بنفسه، فضلا على الحصار الإسرائيلي منذ ثماني سنوات».
سكر يذكر أن عدد أطباء التجميل في مستشفيات القطاع لا يتجاوز الخمسة، «وهو عدد قليل جداً، ولكنهم على مستوى عال جداً من الكفاءة»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «واقع جراحة التجميل في الضفة المحتلة أفضل بكثير من غزة، نظراً إلى أن الأولى منفتحة على العالم الخارجي».
تكلفة عمليات التجميل عالية بالنسبة إلى دخل المواطن
في غزة

ويقول الطبيب إن 70% من جرحى الحرب يعانون التشوّهات والحروق وبتر الأطراف. ويقول إن «الحرب الأخيرة على غزة خلفت تشوهات معقدة وبترا جزئيا أو كليا للأعضاء بسبب استخدام أسلحة وقنابل فتاكة»، موضحاً أن «الكثير منهم يحتاج إلى عمليات تجميلية عاجلة». كما يحذر من وجود أزمة حقيقية بسبب غياب الأدوية والمواد الخاصة بالتجميل.
إضافة إلى ما سبق، يعاني قطاع غزة قلّة عدد العيادات الخاصة بعمليات التجميل. فالقسم الرئيسي يوجد في مدينة غزة، وهناك مستشفى آخر يقدم الخدمة في مدينة خان يونس، جنوبي القطاع.
ومع ازدحام أعداد المنتظرين، يؤكد سكر أن عدداً كبيراً من الحالات التي تحتاج إلى عمليات تجميل موجود على لائحة الانتظار في المستشفيات الحكومية، مقدرا أن هذا الوضع يجعل كثيرين ينتظرون إلى سنة 2017 ليصل الدور إليهم. وأوضح الطبيب أنه يستقبل أكثر من 50 حالة أسبوعياً تعتبر من الحالات الحرجة المصابة بجروح تهتكية وقطع للأطراف، إضافة إلى 150 حالة حروق وما شابه ذلك، أي إن 200 حالة أسبوعياً تستدعي الكشف الطبي.
في السياق نفسه، يشير اختصاصي جراحة التجميل في وزارة الصحة، الطبيب هاني جمعة، إلى أن «تكلفة عمليات التجميل عالية بالنسبة إلى دخل المواطن في غزة، فهو لا يستطيع تغطية المبلغ بالكامل لإجراء العملية». ويوضح جمعة، لـ«الأخبار»، أن «القطاع الصحي الحكومي لا يملك المستلزمات الطبية الخاصة بعمليات التجميل، لذا يقتصر عمله على تجميل الحروق وإزالة الندب».