على وقع الانتصارات الميدانية التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه في الساحة السورية، وتغير المسار الاستراتيجي للتطورات على المستويين العسكري والسياسي، رأى وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعلون، أن إسرائيل باتت في سوريا أمام خيارين: إما «داعش» وإما إيران. وجدد يعلون الموقف الإسرائيلي الذي يرفض السياسة الدولية التي باتت تتعامل مع إيران باعتبارها لاعباً مقبولاً، مشيراً إلى أن الإحباط يشمل أيضاً أنظمة عربية وخليجية. على خط موازٍ أقرّ يعلون بأنّ إسرائيل ليست في الموقع الذي يمكّنها من قيادة تحرك مضاد يغير من اتجاه الأحداث، بل تكتفي بالمطالبة بسقوف متدنية تتصل مباشرة بالواقع الأمني لإسرائيل.
أعرب يعلون عن شعوره بالخيبة من الطريقة التي تنظر بها جهات دولية إلى الوضع في المنطقة، وتحديداً من الموضوع السوري، لافتاً إلى أنّ هذا المفهوم استخلصه من خلال مشاركته في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ الذي شارك فيه.
ورأى وزير الأمن الإسرائيلي، خلال كلمة له أمام مؤتمر الرؤساء للمنظمات اليهودية الأميركية، أن إسرائيل «تحاول تشخيص التحديات، ومواجهتها ومكافحتها. وعلى خط موازٍ البحث عن فرص». وحدَّد بأن «الهدوء الذي تتمتع به حدود الدولة ليس أمراً مسلماً بذاته»، في إشارة إلى قدرة الردع الإسرائيلية. مع ذلك، كشف يعلون أيضاً عن مكمن الشعور بالخيبة والإحباط الإسرائيلي والعربي الخليجي من السياسة الأميركية، عندما عقّب على حديث الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف، عن الحرب الباردة بالقول إنّه من أجل أن يكون هناك حرب باردة «ينبغي وجود طرفين، وفي هذه الحالة يوجد فقط طرف واحد، هو روسيا، ولا يوجد فعلياً طرف ثانٍ» في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف أن الأكثر نقصاً في المجتمع الدولي يتمثل بسياسة وخطة مواجهة الوضع الجديد في سوريا. ولفت إلى أن إسرائيل تعرضت خلال السنتين الأخيرتين على حدودها الشمالية لعشر هجمات، و«لذلك نحن قلقون من الوضع في سوريا». وكرر الحديث عن منشأ الإحباط والغضب الإسرائيليين بالقول إن إسرائيل باتت إزاء الوضع في سوريا «أمام خيارين: إما داعش وإما إيران»، والمشكلة بالنسبة إلى إسرائيل وحلفائها في المنطقة أن إيران «تحولت إلى لاعب مقبول في الساحة الدولية، ونحن نعارض ذلك». وأضاف أن الأنظمة الخليجية تشعر بالإحباط والخيبة نفسها من واشنطن، «ولذلك السنّة مُحبطون، هم يشعرون بأن الولايات المتحدة خيَّبتهم».
وبالرغم من أن مسار التطورات الميدانية والسياسية على الساحة السورية، انعطف جذرياً لمصلحة محور المقاومة، أقر يعلون بأن إسرائيل «ليست في الموقع الملائم لقيادة استراتيجية شاملة، ولكن نحن نحافظ على مصالحنا». وتناول أيضاً موجة الهجرة السورية إلى أوروبا، واصفاً إياها بأنها «اختراق إسلامي». وتساءل عما إن كان الحل الأفضل للمشكلة هو السماح للمهاجرين بالوصول إلى أوروبا. وتابع بالقول إن إسرائيل تحاول التوصل إلى تفاهمات مع تركيا، لكنه أضاف أن تركيا ما زالت تسمح بوجود قيادة حماس على الأراضي التركية.
وفي محاولة لتظهير مفعول قدرة الردع الإسرائيلية، لفت يعلون إلى أنه منذ عملية «الجرف الصامد»، لم تطلق حماس طلقة واحدة، وهم يعرفون الآثار على أي عملية من هذا النوع. وحاول يعلون تحميل حماس وبقية فصائل المقاومة مسؤولية الوضع في غزة، بالقول إنهم «لسبب ما يفضلون في قطاع غزة الاستثمار في حفر الانفاق والصواريخ عوضاً عن الاستثمار من الزراعة».
ونقل يعلون أن إسرائيل «اقترحت نقل نفط قطري من أسدود إلى قطاع غزة، لكن محمود عباس رفض الأمر». وأما عن واقع السلطة، فإن إسرائيل تقوم بـ80% من العمل من أجل منع حماس والجهاد الإسلامي من السيطرة على الضفة الغربية». وشدد على أن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية «لا تستطيع البقاء دوننا يوم واحد دون تنسيق أمني». وتساءل أيضاً إن كانت السلطة تستطيع البقاء يوماً واحداً من دون اقتصادنا، وكثير منهم يعملون في المعامل الإسرائيلية، وفي مؤسسات إسرائيلية.
وفي محاولة لإلقاء المسؤولية على السلطة لجهة عدم التقدم في العملية السياسية، روى يعلون أنه خلال فترة أوسلو «حذرت رابين من أنه لا توجد مؤشرات على مصالحة مع الفلسطينيين، وأنه توصل إلى هذا الاستنتاج ليس استناداً إلى أبحاث استخبارية معقدة، بل بنظرة إلى كتبهم الدراسية وما يبثونه عبر وسائل الإعلام، الوضع تغير حتى اليوم».
من جهة أخرى، لفت رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء هرتسي هليفي، إلى دور الجمهورية الإسلامية في إيران في دعم موجة العمليات التي تنفذ في فلسطين ضد الجنود والمستوطنين، لافتاً إلى أنه «خلال الأشهر الماضية، إيران كانت مستعدة لإعطاء الأموال لعائلات منفذي عمليات الطعن». ورأى هليفي أنه بحسب تقديرات جهات استخبارية، فإن إيران ستؤدي ما عليها في الاتفاق النووي: «نحن نقدّر أنه في السنوات المقبلة إيران ستلتزم قسمها من الاتفاق، ولكن في أجهزة الاستخبارات نحن علم بأنه كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق أفضل». كذلك تطرق هليفي إلى موضوع الأنفاق في غزة وقال: «كل يوم نحن ننقل 900 شاحنة ضخمة محملة المواد، على الرغم من أننا نعلم أن بعضها يستخدم لبناء الأنفاق وللإرهاب». وبحسب هليفي، إن فرص اندلاع مواجهة غير مخطط لها في قطاع الشمال مرتفعة، رغم أن الطرفين لا يرغبان في الحرب، لكن «التوتر العالي في المنطقة قد يؤدي إلى ذلك».