شُغلت الساحة السياسية الإسرائيلية بالاتصالات المكثفة لتأليف التحالفات الحزبية واللوائح، برغم بقاء مئة يوم على موعد الانتخابات المبكرة. وقبل ذلك أظهرت استطلاعات الرأي مفاجآتها، بتوقع فوز حزب «العمل» بـ23 مقعدا في الندوة البرلمانية المقبلة (الكنيست)، ليحل أولا من بين الأحزاب الإسرائيلية، يليه «الليكود» بـ21 مقعدا.
قد تكون سمة الانتخابات المقبلة أنها مشبعة بالتحالفات ما بين الأحزاب، أكان ذلك لدى اليمين أم الوسط واليسار، والهدف هو حصد أكبر عدد ممكن من الأصوات، تمهيدا لتسمية رئيس الحكومة المقبل، من إحدى كبرى الكتل في الكنيست.
في اليومين الماضيين، برزت مشاروات مكثفة لإنشاء جبهة من أحزاب الوسط واليسار يقودها «العمل»، برئاسة رئيس المعارضة الحالي في الكنيست حاييم هرتسوغ. وطبقا لآخر استطلاعات، فإن الائتلاف المرتقب بين حزبي «العمل» و«الحركة» (بقيادة وزيرة القضاء السابقة تسيبي ليفني) سيحوز 23 مقعدا، ليحل أولا من بين الكتل والاحزاب الإسرائيلية. أما في حال ترشحه في لائحة منفردة، فيتراجع تمثيله إلى 14 مقعدا لا أكثر.
كذلك ذكرت وسائل الإعلام العبرية أن هرتسوغ وعد ليفني بأن تدرج ثانيا على اللائحة الائتلافية بين الجانبين، إضافة إلى إدراج اثنين من «الحركة» بين الأسماء العشرة الأولى، الأمر الذي يضمن لليفني فوز ثلاثة من حزبها.
في مقابل الاتصالات بين هذين الحزبين، ينشط «هناك مستقبل» (برئاسة وزير المالية السابق يائير لبيد) لجذب ليفني إلى لائحته الانتخابية، علما بأن حزب لابيد ذو نزعة يمين وسط، ولا تتوافق مع تطلعات ليفني وأطروحاتها للمسيرة السياسية مع الفلسطينيين، بل هي أقرب إلى حزب «العمل».
في المقلب الثاني من اللعبة الانتخابية، برزت، أمس، محاولة من رئيس الحكومة الإسرائيلية ورئيس حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو، لقطع الطريق على وزير الداخلية السابق، غدعون ساعر، وترشحه للانتخابات التمهيدية لرئاسة الحزب، الأمر الذي يعني منافسة نتنياهو على المنصب. وذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» أن نتنياهو يعمل على تقديم موعد الانتخابات الداخلية في «الليكود» بصورة مبكرة، وتحديدا إلى الحادي والثلاثين من الشهر الجاري، ما يصعّب على منافسيه الاستعداد جيدا للانتخابات، ومن ضمنهم الوزير ساعر، وبعبارة أخرى، هذا يضمن له (نتنياهو) الفوز برئاسة الحزب من جديد.
وكانت استطلاعات الرأي قد أظهرت (الأسبوع الماضي) معطيات مفاجئة ومقلقة لنتنياهو، لأن نتيجتها فوز غدعون ساعر برئاسة الحزب، وذلك بنسبة تفوق 43%، ليحل أولا، فيما يفوز نتنياهو ثانيا، بأقل من 38% من الاصوات.
مع ذلك، أوضحت آخر الاستطلاعات أن «الليكود»، برئاسة نتنياهو، سيفوز بـ21 مقعدا، ليحل ثانيا بعد كتلة «العمل ـ الحركة»، في حين يحل ثالثا حزب «البيت اليهودي» المتطرف، بـ18 مقعدا، أي بزيادة ستة مقاعد عن الكنيست الحالي.
وافقت مالية الكنيست على 30 مليون دولار لتعزيز الاستيطان بطلب من نتنياهو

«يديعوت» نفسها أثارت ما سمته «انعدام الأمن لوزير الأمن»، في إشارة منها إلى إمكانية ألا يتولى موشيه يعلون، وزارة الأمن في الحكومة المقبلة، وخاصة إذا ألّفها رئيس الحكومة الحالي، نتنياهو. وذكرت الصحيفة أن يعلون «تجول بين الوزراء وهو يحمل مخاوف شديدة من أن يجد نفسه خارج الحكومة لاحقا، وذلك بعد تداول معلومات بين مراسلي الوسائل الإعلامية عن وعد أطلقه نتنياهو أمام رئيس البيت اليهودي، نفتالي بينت، بتسليم هذه الحقيبة لحزبه».
وأضافت الصحيفة: «يعلون قرر في أعقاب ذلك التوجه إلى نتنياهو لاستيضاع الوعد، فنفى رئيس الحكومة أي تعهد للبيت اليهودي، لكنه في الوقت نفسه رفض أن يعد يعلون بأنه سيحتفظ بحقيبة الأمن». برغم هذا، أكدت مصادر في «الليكود» لـ«يديعوت» أن «مصير يعلون قد حسم بالفعل، وأن حقيبة الامن خرجت من يده».
في إطار اللعبة الانتخابية، وبطلب من نتنياهو، وافقت لجنة المالية في الكنيست، أمس، على تحويل أكثر من مئة مليون شيكل (نحو 30 مليون دولار) إلى قسم الاستيطان العامل على تعزيز النشاط الاستيطاني خارج «الخط الأخضر». وعارض هذه الخطوة بعض أعضاء اللجنة من المعارضة، ووصفوها بأنها نوع من الرشى يدفعها نتنياهو لكسب المستوطنين ضمن صراعه على أصواتهم مع أحزاب اليمين المتطرفة.
إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي بين اليهود الإسرائيليين، في ما يعرف بـ«مقياس السلام» أن ثلث اليهود في إسرائيل يؤيدون تسوية مع الفلسطينيين تستند إلى التواصل الجغرافي لدى الكيان الفلسطيني العتيد. أما سبب هذا التأييد، فمرده، وفق النتائج التي ذكرتها صحيفة «هآرتس» أمس، إلى أن الأسئلة طلبت التفضيل بين سلامة الشعب اليهودي مقابل سلامة الأرض والاستيلاء عليها كاملة، بما يعرف بـ«أرض إسرائيل»، كما بيّن الاستطلاع أن أكثر من نصف الجمهور اليهودي يعتقد أن توقيع اتفاق مع الفلسطينيين ضروري، وذلك لمنع تكوّن أوضاع أكثر سوءا، ومنها دولة ثنائية القومية بين الفلسطينيين واليهود.