تونس | بعد تسريب حصيلة اجتماع رئيس حركة «نداء تونس» الباجي قائد السبسي مع رئيس حركة «آفاق تونس» ياسين إبراهيم والقيادي في حزب «الاتحاد الوطني الحر» محسن حسن، وما تم التوافق عليه لدعم انتخاب مرشح «نداء تونس» محمد الناصر لرئاسة مجلس نواب الشعب (البرلمان)، دعا مجلس شورى حركة «النهضة» إلى اجتماع عاجل مساء أمس، بعد أن كان الاجتماع مقرراً لنهاية الاسبوع (السبت والأحد) كما جرت العادة.
الاجتماع الطارئ لشورى «النهضة» (السلطة العليا في الحركة) يكشف بوضوح عن «الحرب الخفية» و«التحالفات السرية» التي يمكن أن تتم بين «النهضة» من جهة و«نداء تونس» من جهة أخرى. فمن الواضح، وحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر مطلعة ومسؤولة في كتلة «نداء تونس» البرلمانية، أن «الجبهة الشعبية» رفضت اقتراحاً من «نداء تونس» لتولي رئاسة المجلس، وأيضاً رفض ياسين إبراهيم هذا المنصب وعبّر عن رغبته في الالتحاق بالحكومة بحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر مطلعة.
كذلك علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة في «نداء تونس» أن رئيس الحركة الباجي قائد السبسي لا يرغب في أن تستحوذ حركته على رئاسة مجلس نواب الشعب إضافة إلى رئاسة الحكومة والرئاسة في حال فوزه في الجولة الثانية.
من هنا يرغب السبسي في أن تكون رئاسة البرلمان من حصة أحزاب أخرى، إلا أن رفض «الجبهة الشعبية» و«آفاق تونس» وعدم حماسة «الاتحاد الوطني الحر» دفعا السبسي إلى التفكير في منحها لـ«النهضة»، وبذلك يربح دعم الحركة له في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية.
توجه السبسي للتحالف مع «النهضة» اصطدم برفض مطلق من القواعد والإطارات الوسطى لـ«نداء تونس» الذين يرفضون أي تقارب مع «النهضة» ويرون أن الاقتراب منها أو إشراكها في الحكم «خط أحمر» ستدفع «نداء تونس» ثمنه باهظاً. ويشدد المعترضون في تعليل رفضهم على أن نجاح الحركة في الانتخابات البرلمانية كان بسبب معارضتها لمشروع «النهضة» الظلامي كما يسمونه، وبالتالي فإن أي تحالف مع «النهضة» سيتسبب في خسارة الحركة لرصيدها الشعبي على غرار حزب «التكتل من أجل العمل والحريات» الذي خسر كل رصيده بسبب تحالفه مع «النهضة» التي يصنفها عدد كبير من أنصار «نداء تونس» على أنها «حزب فاشي مشروعه الوحيد الدولة الدينية وإقامة الحد ومصادرة الحريات ومعاداة نمط العيش التونسي».
هذا الرفض المطلق كان وراء دفع السبسي للتراجع عن منح «النهضة» رئاسة مجلس نواب الشعب.
وفي سياق متصل، أثار التقارب بين حركتي «النهضة» و«نداء تونس» حفيظة الرئيس المؤقت والمرشح الرئاسي المستقل، منصف المرزوقي، الذي أستأنف أمس الحكم الصادر ضد الطعون التي قدمها في المحكمة الإدارية، وهي خمسة طعون من جملة ثمانية.
المعركة الآن تبدو في ظاهرها حول من يكون رئيساً لمجلس نواب الشعب، لكنها في حقيقتها معركة حول من يفوز بدعم «النهضة» في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية؛ فـ«النضهة»، رغم خسارتها الانتخابات البرلمانية، تبقى القوة الثانية في البلاد بعد «نداء تونس» التي تحاول كسب دعمها أو على الأقل تحييدها. فدعم «النهضة» للمرزوقي سيجعله منافساً جدياً للسبسي على الرئاسة، أما إذا ساندت السبسي أو حتى إذا تخلت عملياً عن دعم أي من المرشحين، فستكون هزيمة المرزوقي هزيمة ثقيلة.
اليوم الخميس سيتم انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب، وهويته ستكون مقدمة لقراءة مبكرة لنتائج الدور الثاني للانتخابات الرئاسية.