دمشق | «لو بلدنا بخير لم ندعُ إلى الحملة. نحنا متل اللي عم يلحق إنسان بآخر إيامو»، هكذا تختصر الإعلامية ماغي خزام جوهر الحملة الرامية إلى استبدال مادة التربية الدينية في المدارس السورية بمادة سمّتها «التربية الإنسانية والأخلاقية». ورغم أن الوقت لا يبدو مناسباً، يسود الإصرار أجواء الشباب المناصرين للحملة. «محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه في نفوس السوريين»، هكذا يعبّرون.
الحملة الافتراضية لم تأتِ من فراغ، إذ كانت بلورة لأصوات متفرقة علت خلال السنوات العشر الماضية، كان آخرها ما لمّح إليه مفتي سوريا الشيخ بدر الدين حسون، منذ أكثر من عام، خلال مقابلة في برنامج لخزام، عُرض على فضائية تبشيرية مسيحية. تختار خزام من ترحيب بعض الأصوات المعارضة بإعلان دولة إسلامية هُنا وإمارة إسلامية هُناك توقيتاً مناسباً لإعلان حملتها. وترمي إلى تصويت أكثر من مليوني سوري بالموافقة على إلغاء مادة التربية الدينية، بهدف رفع عريضة إلى مجلس الشعب السوري والقصر الجمهوري. صوّت من المليونين المستهدفين الاف فقط، باستخدام أسمائهم الثلاثية وأرقامهم الوطنية المسجّلة على بطاقات هوياتهم. وفي حديث إلى «الأخبار» ترى الناشطة خزام، المقيمة في الولايات المتحدة، أن حديث المفتي عن مادة الأخلاق، منذ حين، ذهب أدراج الرياح، وذلك لعدم وجود إرادة شعبية داعمة للفكرة، بحسب تعبيرها. وتؤكد خزام تواصلها مع المفتي حسون الذي شجّع على الحملة. اختارت خزام، من بين جميع مطالب السوريين الأساسية، قضية إلغاء التربية الدينية، لأنها تحض على المواطنة وتقبّل الآخر، بحسب تعبيرها. وتضيف: «المواطَنة تتحقق خطوةً خطوة، وتبدأ من المدرسة». وتتابع: «في الفترة الأخيرة أضحى كل شيء يستند إلى مسمّى طائفي أو ديني... شركات تعليم القيادة والبنوك، حتى المدارس». وكّلت ماغي محامياً في دمشق لشرح أسباب المطالبة باستبدال التربية الدينية بالأخلاق، ولتوضيح ماهية المادة البديلة التي تقوم على قوانين حقوق الإنسان في شقّها الإنساني، إضافة إلى المفهوم العام للأخلاق الموجودة قبل الأديان، التي يمكن تضمينها آيات من القرآن والإنجيل.
تؤكد خزام
تواصلها مع المفتي حسون الذي شجّع
على الحملة

من المصاعب التي تواجه الحملة، بحسب خزام، عدم الاستجابة السريعة من الإعلام السوري، وتشرح أن أعضاء الحملة غير محسوبين على الموالاة أو المعارضة، ولهذا تتعرض الحملة لهجوم من جميع الأطراف. ويذكر سعيد فريح، أحد أعضاء الحملة، أنه من المشاركين حتى في ظل عدم تحقيق المطلب خلال وقت قريب، إذ لن يرفض القيام بأي عمل يساهم في تطوير البلاد، بحسب رأيه. ويتابع: «كنتُ من المعارضين للمادة الثالثة في الدستور، التي تقضي بتحديد دين رئيس الجمهورية. غير أني صمَتّ، بحجة أن الوقت غير مناسب. رغم ذلك تدهورت الأحوال ووجدنا أنفسنا في مواجهة داعش. إذاً كل الأوقات مناسبة للتغيير». من الذين ناصبوا حملة خزام العداء، معارضون رأوا في الحملة التي تخاطب السلطة السورية تشريعاً إضافياً لها، إضافة إلى مناصرين للعلّامة محمد رمضان البوطي، الذي اغتيل في آذار 2012، على أيدي ارهابيين مسلحين. وبدأ هؤلاء بحملة مضادة على مواقع التواصل الاجتماعي، مستشهدين بمواقف البوطي، ومنها أحد أقواله: «التربية الدينية هي مفتاح الوصول إلى كل معاني الخير والسعادة، وإذا ضاع هذا المفتاح هيهات أن تصل الأمة إلى مبتغياتها». الإعلامية خزام طلبت من القيّمين على الحملة المضادة مساعدتها على التواصل مع ابن العلّامة البوطي، دون جدوى. القيّمون على الحملة أكّدوا، في تصريح إلى «الأخبار»، أن صفحتهم الافتراضية هي نتاج لجهد فردي، بهدف «العودة إلى ما دعا إليه العلّامة الشهيد البوطي من إصلاح لمادة التربية الدينية أولاً، وترسيخ لها في المناهج المدرسية ثانياً». ورفض أحد القيّمين تسمية ما يقومون به بـ «الحملة»، مؤكداً أن مناصري الشيخ البوطي لا يقفون في وجه أي تيار، اجتماعياً كان أو فكرياً، على اعتبار أن ما يُنشر عبر الصفحة الفايسبوكية هو «الأصل الذي يعمل به الناس ويتبنّاه الشارع، بناءً على مواقف البوطي»، في حين امتنع مكتب مفتي الجمهورية عن الإدلاء بأي تصريح، خلال الوقت الراهن.
ماغي خزام المقيمة في الولايات المتحدة، منذ 3 سنوات، التي خرجت من أحياء حمص القديمة، تستعد لتأسيس محطة تلفزيونية «كمنبر سوري للجالية في أميركا». وقد قدّمت، سابقاً، برنامجاً سياسياً ضمن قناة تبشيرية مسيحية (the way TV).