تونس | رفضت المحكمة الإدارية في تونس، صباح أمس، جملة الطعون التي قدمها الرئيس المؤقت المرشح الرئاسي "المستقل"، المنصف المرزوقي، شكلاً ومضموناً، وعددها ثمانية طعون. وبالتالي لن يكون بإمكان الرئيس المؤقت استئناف الحكم، ليجري، مبدئياً، الإعلان النهائي لنتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة يوم ٦ أو ٧ كانون الأول الحالي فيفسح المجال حينه أمام انطلاق الحملة الانتخابية للدورة الثانية.
ولهذه المعطيات القانونية، رأى عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نبيل بفون، أن إجراء الدورة الثانية للانتخابات يستحيل أن يكون في ١٤ كانون الأول، وفق ما دعا إليه بعض الناشطين، مرجحاً أن يكون ذلك في ٢١ كانون الأول، وإن تعذر، فسيكون الموعد كما اتُّفق عليه، في ٢٨ من الشهر الحالي.
في سياق متصل، تشير المعطيات السياسية إلى تخلي "حركة النهضة" عن المرشح للانتخابات الرئاسية، المنصف المرزوقي، بعدما أذاع زعيمها، راشد الغنوشي، شريط فيديو على صفحته الخاصة، يوم الخميس الماضي، قبيل اجتماع مجلس الشورى (أعلى سلطة في الحركة)، دعا فيه قواعد "النهضة" وأنصارها والمتعاطفين معها إلى التزام الحياد. وهو موقف رأى فيه المتابعون للمشهد السياسي في تونس تحولاً عميقاً يكشف عن تحول جوهري في علاقة الحركة بالرئيس المؤقت المنصف المرزوقي، وذلك لاعتبارات قد يكون لها، ربما، علاقة بتحولات إقليمية ودولية، وخاصة في علاقة بالجزائر التي أبدت أكثر من مرة عدم ارتياحها لرهانات الرئيس المؤقت لجهة علاقاته بقطر وتركيا، فضلاً عن تحولات المشهد السياسي في تونس، إذ إن معظم الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات تساند المرشح الرئاسي الباجي قائد السبسي، فيما تدرك "حركة النهضة" أن مساندتها للرئيس المرزوقي بنحو علني قد يقودها إلى عزلة سياسية كاملة بعد فوز "نداء تونس" و"القوى الديموقراطية" و"المدنية"، مثل "الجبهة الشعبية" و"آفاق تونس" و"الاتحاد الوطني الحر" بأغلبية مقاعد البرلمان، وبالتالي إن الوقوف خلف المرزوقي سيكون رهاناً خاسراً.
ويبدو أن ما يؤكد هذا التوجه، أيضاً، يكمن في تصريح زعيم "النهضة"، راشد الغنوشي، الذي تكفل فيه بالوساطة مع المرزوقي، بتكليف من "الحوار الوطني" بخصوص مسألة تشكيل الحكومة المقبلة وتركها ضمن صلاحيات الرئيس المقبل. وقد استجاب المرزوقي لطلب الغنوشي بسحب تكليف "حركة نداء تونس" إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
من جهة أخرى، أعلن المرشح الرئاسي الباجي قائد السبسي أنه لا يطلب من أي حزب سياسي مساندته، لكنه يطلب الوضوح، في إشارة إلى "النهضة". كذلك طلب من "الجبهة الشعبية" أن تحافظ على تماسكها، حتى إن لم تسانده، وذلك على اعتبار الخلافات التي تسربت بشأن الموقف من دعمه أو دعم المرزوقي.
وحتى مساء أمس، لم يتضح من سيكون رئيس البرلمان الجديد، الذي سيعقد جلسته الأولى صباح اليوم الثلاثاء. وكان الباجي قائد السبسي قد عقد أمس لقاءً مع قيادات "الجبهة الشعبية"، لكن لم يجرِ التوصل إلى أي اتفاق، وهو ما يمكن أن يدفع كتلة "النداء" النيابية إلى اختيار نائب رئيس الحركة، محمد الناصر، لرئاسة البرلمان، وهو من أبرز وزراء الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، وعمل مع الباجي في "حكومة الانتقال الديموقراطي"، التي سلمت الحكم لاحقاً لـ"الترويكا"، بقيادة "حركة النهضة".
ويبقى السؤال الأساسي راهناً: هل تكون "الجبهة الشعبية" شريكة "نداء تونس" في الحكم؟ أم تفضل دور المعارضة ويتجه عجوز السياسة التونسية، الباجي قائد السبسي، إلى حلول أخرى، أبرزها البحث عن أغلبية برلمانية بعيداً عن توازنات الأحزاب؟