من المقرر، خلال أيام، أن يقدم الأردن مشروع قرار يضع سقفاً زمنياً لإقامة دولة فلسطينية إلى مجلس الأمن للتصويت عليه خلال أيام محدودة، وذلك بعد إقرار وزراء الخارجية العرب في القاهرة دعم مطالب رئيس السلطة الفلسطينة. وقال محمود عباس، في الجلسة الافتتاحية، إن «إسرائيل لم تترك للشعب الفلسطيني أي خيار سوى التوجه مباشرة إلى المجتمع الدولي»، مضيفاً: «الوضع القائم غير قابل للاستمرار... لم يعد لدينا شريك (للتسوية) في إسرائيل».
ومع أن الأردن وزع، في وقت سابق من الشهر الماضي، مشروع القرار على الدول الأعضاء في مجلس الأمن، فإن بعض الدبلوماسيين رأوا أن النص الذي صاغه الفلسطينيون «غير متوازن» (العدد ٢٤٢٢ في ١٨ تشرين الأول). أيضاً، أشار دبلوماسيون إلى أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تُعدّ نصاً خاصاً «سيضع خطوطاً عريضة لمحاولة إنهاء الصراع»، ولكن هذه الدول لم توزع أي نص بعد.
بالعودة إلى حديث عباس الذي كان قد وصف التنسيق الأمني مع الاحتلال بأنه «مقدس»، فإنه أعلن أن الحكومة الفلسطينية (التوافق) ستحدّ الاتصالات مع إسرائيل، «وستعلق التنسيق الأمني في حال عدم إقرار مشروع القرار في مجلس الأمن»، مستدركاً: «إسرائيل ستتحمل المسؤولية عن العواقب».
مع ذلك، أوضح وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، أن «مساعي تأمين تسعة أصوات لمشروع القرار الفلسطيني لم تنجح حتى الآن». وأضاف، في تصريح صحافي، أن «الجهود الفلسطينية تأثرت بالتلويح بمبادرات أخرى منها المبادرة الفرنسية (قبل أيام)، وغيرها من مشاريع قرارات موازية للمشروع الفلسطيني». لكن المالكي أوضح أنه «في حال نجاحنا في مجلس الأمن، سنكون جاهزين لدخول مفاوضات مباشرة مع إسرائيل»، وفي حال العكس «سيكون التوجه إلى المنظمات الأممية المختلفة بما فيها محكمة الجنايات الدولية والعدل الدولية والتوقيع على معاهدات جديدة».
والتقى «أبو مازن»، خلال زيارة القاهرة، الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في وقت أكد فيه الأخير أنه يتعين «اتخاذ إجراءات من شأنها بث الأمل في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني، وفي المقابل توفير الضمانات الدولية لتشجيع الجانب الإسرائيلي على المضي قدماً إلى طريق السلام».
وأوضح بيان صادر عن الرئاسة المصرية أن السيسي شدد على «حرص مصر التام على الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة»، مشيراً إلى أن الإجراءات في رفح المصرية «تستهدف ضبط الحدود المصرية وتأمينها» فقط.
في سياق آخر، فجر عباس، كعادته، قنبلة إعلامية عبر فضائية «القاهرة والناس» بقوله إنه يمتلك الدليل على وجود «مفاوضات واتفاقات سرية بين (حركة) حماس وإسرائيل»، مستدلاً بالتطابق التام في التصريحات التي تخرج من الجانب الإسرائيلي و«حماس».
وفي الزيارات الأخيرة التي أجراها «أبو مازن» للعاصمة المصرية، جرى أن يستضاف رئيس السلطة عبر قنوات مصرية، وكل مرة كان يدلي بتصريحات تعيد العلاقة مع «حماس» إلى دائرة الأزمات. وهو قال في اللقاء الأخير، إن «إسرائيل طرحت عام ٢٠٠٣ فكرة خبيثة هي الدولة ذات الحدود المؤقتة، ووافقت حماس عليها»، مشيراً إلى أن تفاوض «إسرائيل مع حماس» أسهل بكثير من التفاوض معه شخصياً، رغم ما يحكى عن أنه شخص متساهل. واستدرك: «أما أنا فلن أتخلى عن شبر واحد من أراضي 1967».
رفضت «حماس» الاتهامات وقالت إن اللقاءات كانت مع شخصيات أوروبية


بعد ذلك، انتقل الحديث إلى عرض الرئيس المصري إرسال قوات من بلاده إلى الأراضي الفلسطينية في حال قيام الدولة، ليرد عباس بأنه «لا توجد أي مشكلة في وجود قوات مصرية داخل الأراضي الفلسطينية، بل نرحب بذلك، لكن الأمر غير معروض الآن»، مشدداً على أن «السيسي لا يمكن أن يقول شيئاً يتعارض مع مصلحة الشعب الفلسطيني».
حركة «حماس» سارعت إلى الرد على اتهامات «أبو مازن»، وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، إن كلام عباس «ادعاءات لا أساس لها من الصحة». وأضاف أبو زهري: «على عباس أن يحترم موقعه كرئيس، وأن يتوقف عن نشر الأكاذيب». وتابع قائلاً: «حماس أعلنت رسمياً أكثر من مرة رفضها الفكرة (الدولة المؤقتة)، وأبلغت عباس بذلك، لكنه يتعمد الافتراء وقلب الحقائق».
وكان عضو المكتب السياسي في «حماس»، محمود الزهار، قد قال في تصريح صحافي، إن «أبو مازن يريد أن يساوي بين فتح وحماس... يريد أن يقول إذا كانت فتح قد فاوضت الإسرائيليين سراً في أوسلو، فها هي حماس تفاوضهم سراً في جنيف».
والزهار أحد الذين شاركوا، إضافة إلى باسم نعيم من قادة حماس في غزة، في «ورشات عمل» نظمتها مؤسسة القرن المقبل البريطانية في آب الماضي. ويقول: «دعينا إلى لقاء مع أوروبيين وليس فيهم أي أحد إسرائيلي، وهذا هو الكلام الرسمي، أما إذا كان هناك أناس (آخرون) فلا علاقة لنا بهم»، متابعاً: «كانت هناك شخصيات من بريطانيا وأميركا وألمانيا استمعوا إلى وجهة نظرنا فقط، ولم يكونوا يفاوضون باسم إسرائيل... هذه هي حقيقة هذا الاجتماع».
(الأخبار، رويترز)