حيفا المحتلة | لا يخفى أنّ العنصريّة الإسرائيليّة باتت تُسجّل أرقاماً قياسيّة، فيما لا يعمل الاحتلال على إخفاء هذا النهج العنصريّ لتضييق الحيّز، الضيّق أصلاً، على فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948. الأمثلة أكثر من أن تُحصى، ولكن بعد مرور أكثر من 66 عاماً على إقامة إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطينيّ، لا تزال شركة «قاطرات إسرائيل» الحكوميّة تُسقط من حساباتها أنّ أكثر من مليون ونصف مليون من السكان هم من العرب، الذين يُمثّلون أكثر من 20% من مجمل عدد السكّان.
الشركة، حتى هذه اللحظة، لم تُقم محطة قطار واحدة في مدينة أو بلدة في مناطق الـ48 العربية، وهو نهج نابعٌ من كون إسرائيل دولة عنصريّة تنظر إلى السكّان الأصليين كأعداء، تماما وفق تصريح رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي قال إنّه يُمكن حلّ المشكلة مع العرب في الضفّة وغزّة، ولكنّ المشكلة هم العرب في إسرائيل الذين عدّهم «قنبلة ديموغرافيّة موقوتة».
الأنكى من ذلك، أنّ المُسافرين العرب في القطارات الإسرائيليّة يتعرّضون للتفتيش والمساءلة في كلّ محطة يصلون إليها على يد الأمن الإسرائيليّ.
يقول مخطط المدن، البروفيسور راسم خمايسة، الذي يعمل محاضرا في كلية الجغرافيا في جامعة حيفا، إنّ «هناك سببين لمنع دخول القطار الإسرائيليّ إلى المُجمعات العربيّة، الأوّل أنّ إسرائيل تستخدم سياسة التمييز العنصريّ ضدّ عرب الـ48، أمّا الثاني، فكون المجمعات العربيّة تقع في أطراف الدولة، الأمر الذي يجعل مهمّة إقامة محطة قطار شبه مستحيلة».
وأضاف خماسية لـ «الأخبار»: «الشركة تُخطط لإقامة عدد من محطات القطار في مدينة الناصرة، وفي بلدة الرينة في الجليل الأدنى، وفي قرية الجديدة وقرية مجد الكروم، الواقعتين في الجليل الغربيّ، ولكن هذه المخططات في حال خروجها إلى حيّز التنفيذ، سيستغرق إتمامها عدّة سنوات، كما من المهم أنّ محطة القطار ستقتطع الأراضي التابعة للعرب، وصاحب الأرض يتوجّس من مصادرة أرضه لإقامة محطة القطار، وقد لا يضمن اتفاقا عادلا للحصول على التعويضات الماديّة لقاء المصادرة».
ولفت البروفيسور إلى أنّ محطة القطار مشروع اقتصاديّ من الدرجة الأولى، يؤدي إلى انتعاش القرية أو المدينة التي سيقام فيها، وزاد قائلاً: «ثقافة الخوف من مصادرة الأراضي العربيّة، هي ثقافة تطورّت لدى فلسطينيي الداخل منذ إقامة إسرائيل، بفعل عمليات مصادرة الأراضي التي نفذّتها السلطات الإسرائيليّة منذ الاحتلال، مع ذلك، يتحتّم على الفلسطينيين تخفيف هذا الخوف، بل علينا أنْ نأخذ زمام المبادرة للوصول إلى حلول عمليّة وعلميّة مع المؤسسة الإسرائيليّة، سواء في موضوع القطارات، أو في قضايا أخرى نُعانيها».
يذكر أنّه خلال المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة، اقترح الجانب الإسرائيليّ أنْ تنشئ شركة القطارات الإسرائيليّة السكّة الحديديّة التي تربط بين قطاع غزّة والضفّة المحتلّة، وهو المصطلح الذي عُرف باسم «الممّر الآمن». ووفق الموقع الرسميّ للشركة، فإنّه في 2010 وصل عدد العاملين في الشركة إلى أكثر من 2370 عاملا وموظفا، وبلغت أرباحها في العام الماضي أكثر من 4.4 مليارات شيكل (1 دولار = 3.85 شيكل).
وقد يتساءل كثيرون عن عنصرية شركة القطارات الإسرائيليّة، فيما أحد سائقي قطاراتها، بيني ليفي، من مدينة «بات يام»، يكتب على صفحته في «الفايسبوك»: «الوضع في إسرائيل صعب للغاية، ويتحتّم على كلّ واحدٍ منّا أنْ يعمل شيئًا للمساهمة في وضع حدٍ لهذا الظاهرة.. عليه أنْ يدهس عربيّاً حتى الموت فقط، وبعون الله تعالى سننتصر، إذا قام كلّ واحد بعملية دهس عربيّ من أجل جميعنا»، وكالعادة لم تُتخذ ضدّه إجراءات تأديبيّة.