وضعت الخطة الإسرائيلية لقمع الهبة الفلسطينية، التي خرجت للدفاع عن المسجد الأقصى، على سكة التشريع في الكنيست، وهي تشمل ثماني مراحل قمعية تهدف إلى تحجيم الحافزية لدى الفلسطينيين نحو الإضرار بالاحتلال. وذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت»، يوم أمس، أن رئيس لجنة الكنيست، ياريف ليفين (حزب الليكود)، عمل على بلورة خطة لقمع ما وصفه بـ«الإرهاب»، وذلك بطلب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وتهدف الخطة إلى التعامل مع «منفذي العمليات ضد الاحتلال، وأفراد عائلاتهم ومساعديهم، ومحرضيهم ومرتكبي أعمال الشغب».
ومن ضمن الإجراءات التي تنص عليها الخطة الجديدة سحب الجنسية الإسرائيلية من كل من يقبض عليه خلال تنفيذه عمليات ضد الإسرائيليين، وهدم منازل منفذي العمليات بمدة قياسية لا تتجاوز 24 ساعة، على أن يطرد إلى خارج الأراضي المحتلة بعد قضاء محكوميته. أما إذا أظهر أحد أفراد العائلة دعماً لما فعله منفذ العملية، فتسحب الجنسية الإسرائيلية منه، ويطرد إلى قطاع غزة.
وتنص الخطة على تعامل خاص مع أجساد منفذي العمليات وأماكن دفنهم، إذ لن تمكّن سلطات الاحتلال عائلات منفذي العمليات من دفنهم و«تحويل الجنازات إلى استعراض للقوة». فوفق البنود «لن تُعيد إسرائيل الجثة إلى العائلة وستدفنها في مكان لا يُسمح للأسر بالوصول إليه». ولجهة «المحرضين» ومن يرشق الجنود والشرطة بالحجارة، إضافة إلى ملثمي الوجوه الذين يشاركون في تظاهرات، فسيجري توقيفهم حتى انتهاء الإجراءات القانونية بحقهم، فيما سيفقد تعويضات البطالة والتأمين الوطني كل من يحمل علم دولة تصنفها إسرائيل دولة عدوة، وذلك يشمل «علم السلطة الفلسطينية»، على أن تسحب رخصة القيادة الإسرائيلية الخاصة به لمدة عشر سنوات.
فوق كل ذلك، تنص خطة ليفين على الطلب من كل رب عمل في إسرائيل أن يتحقق من أن العامل الأجير لديه متهم بارتكاب مخالفات ضد الاحتلال أو لا، وإذا اتضح ذلك فلديه الحق في طرده من العمل فوراً، «ومن دون أي تعويضات».
من وحي الخطة، قرر وزير الداخلية الإسرائيلي، غلعاد اردان، إلغاء إقامة المواطنة الفلسطينية ناديا أبو جمل، وهي زوجة أحد منفذي عملية كنيس «هار نوف» في القدس المحتلة الأسبوع الماضي، على أن تغادر الأراضي المحتلة عام 1948، كما ستحرم حقوقها الاجتماعية والمالية.
وطبقاً للإذاعة العبرية، أبلغت شرطة الاحتلال عائلتي منفذي العملية أنها تدرس إمكانية أن تتحفظ على الجسدين، بل دفنهما في مقبرة مؤقتة من أجل ردع منفذين آخرين محتملين عن تنفيذ عمليات مشابهة. وبرر المستشار القانوني للشرطة الإسرائيلية، شاؤول غيدرون، في رسالة بعث بها إلى العائلتين، أن مراسم الجنازة وإقامة شاهدي القبرين قد يساهمان في تمجيد «المخربين» وجعلهما قدوة تحتذى لدى آخرين.
في السياق نفسه، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن وزارة الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية الإسرائيلية تنوي بدورها تقديم مشروع قانون إلى الكنيست، هدفه طرد الحراس الفلسطينيين المرابطين في الحرم القدسي، لأنهم «يشوشون على الزيارات التي ينفذها اليهود إلى باحات الأقصى»، وكانوا في بؤرة الصدامات التي شهدها الحرم في العام الأخير. وأشارت الصحيفة إلى أن حراس الأقصى الذين يطلقون على أنفسهم «مرابطون ومرابطات» عددهم يبلغ العشرات بين رجال ونساء، ومنهم من ينام في المسجد خلال الليل، في حين أن تمويل «المرابطين» يأتي من جمعيات وهيئات إسلامية مختلفة، ومنها الجناح الشمالي للحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة، مضيفة أن أعضاء «الرباط»، ولا سيما النساء، شاركوا في مواجهات ضد الشرطة الإسرائيلية و«الزوار» اليهود إلى الحرم. وتعتبر محاولة إخراج نشاط الحرس عن القانون، وفق «هآرتس»، واحدة من سلسلة خطوات هدفها «إنهاء التوتر» حول الحرم الذي يعتبر العنصر الأساسي في «احتدام العنف وموجة الإرهاب الفلسطيني» في القدس خلال الشهر الأخير.
على نقيض ذلك (الأناضول)، كان المفتش العام في الشرطة الإسرائيلية، يوحنان دانينو، قد قال إن تصاعد «العنف» في القدس يعود إلى محاولات تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى.
وأضاف خلال مؤتمر في مستوطنة «إسديروت» يوم أمس، أنه «كان من الخطأ السماح لرموز تغيير الواقع في الأقصى بدخول باحاته، لما في ذلك من إثارة للمقدسيين».
وأوضح دانينو أن المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين، أخطأ بسماحه لجهات يمينية، بينها النائب الليكودي موشيه فيغلين، بزيارة الحرم مطلع الشهر الجاري، «لأن فيغلين يسعى إلى تغيير الوضع القائم... الانتفاضة الثانية سميت انتفاضة الأقصى بسبب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون له في تلك الفترة».
في سياق آخر، اعتقلت قوات الاحتلال، أمس، زوجة أسير من محافظة جنين عقب زيارتها له في سجن بئر السبع ونقلتها إلى جهة مجهولة. وقال نادي الأسير الفلسطيني إن جنود الاحتلال في سجن «إيشل» أوقفوا نهال غوادرة (30 عاماً) أثناء زيارتها زوجها الأسير معمر غوادرة، مع أنها كانت برفقة طفليها أثناء زيارة زوجها المعتقل، وهو أحد محرري صفقة وفاء الأحرار الذين أعادت سلطات الاحتلال اعتقالهم في شهر حزيران الماضي.
ونقل مواطنون، كانوا في الزيارة مع غوادرة، أن الجنود اقتادوا غوادرة من غرفة الزيارة إلى غرفة أخرى وأخضعوها للتفتيش الجسدي، ثم اعتقلوها.