صنعاء | فور إعلان وزير الدفاع اليمني، محمود الصبيحي، دمج مجموعات من عناصر جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) في المؤسستين العسكرية والأمنية، طغى الجدل والشائعات حول هذه المسألة، بين من يؤكد أن الجماعة طلبت تجنيد 60 ألفاً من أعضائها، وبين من يقول إن الرقم أقل من ذلك. غير أن تصريح وزير الدفاع أكد وجود اتفاق ما في هذا الخصوص بين الجماعة والحكومة، ولكن من دون إعطاء المزيد من التفاصيل حوله.
وأيّاً كانت مسبباته، لا شك في أن القرار الذي أعلنه وزير الدفاع، أول من أمس، يمثل مفصلاً في المشهد الوطني والسياسي في اليمن، بعد حروبٍ وأزمات عاشتها البلاد، خصوصاً بين الدولة والحوثيين، الذين باتوا قاب قوسين أو أدنى من دخول الجيش بأعدادٍ كبيرة.

لم يشأ القيادي في المجلس السياسي للجماعة، ضيف الله الشامي، الحديث عن مسألة الدمج في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن «الموضوع عبارة عن تسريبات إعلامية حتى الآن». وحول إعلان وزير الدفاع اليمني رسمياً الدمج، أكد الشامي في حديثٍ إلى «الأخبار» أن «المجلس السياسي هو من يحدّد قبول فكرة الدمج»، لافتاً إلى أن المجلس «لم يتخذ أي قرار في هذا الموضوع حتى الآن».

وتحدثت تقارير صحافية، بينها تقرير لصحيفة «الشارع» اليمنية، عن طلب الجماعة دمج 60 ألفاً من أنصارها في مؤسسات الجيش والأمن، لكن الشامي نفى صحّة هذه التقارير، وقال إنها «عبارة عن تسريبات يُراد من خلالها تشويه الجماعة للقول إنها تريد اعتماد سياسة الأنظمة السابقة»، مؤكداً أنه «لا يليق بوسائل الإعلام ترويج مثل هذه المواضيع وهذه الأرقام المهولة». لكن الشامي عاد ليؤكد أن «أنصار الله»، سيضعون معايير لعملية الدمج «إذا تم اتخاذ قرار رسمي بشأنها من قبل المجلس السياسي للجماعة».

وبالنظر إلى تصريحات سابقة للجماعة، تبدو عملية الدمج تنفيذاً لوعود قطعتها على أنصارها في السابق، حيث علّق عدد من قيادات الجماعة على مطالبتها بانسحاب مسلحيها من العاصمة ومحافظات أخرى، باشتراط «دمجهم في الجيش والأمن بدلاً من تسريحهم»، معتبرين أنهم «جزء من هذا الشعب وقادرون على حماية المصالح الحكومية والخاصة»، وهو الأمر الذي تكفلت به الجماعة منذ سيطرتها على صنعاء في أيلول الماضي، حين انتشر عددٌ من أنصارها على بوابات المؤسسات الحكومية والخاصة والمرافق العامة لحمايتها من النهب والسرقة، وهو الأمر الذي نجحت فيه الجماعة إلى حدّ ما.

من جهته، يقول الباحث في مركز الدراسات التابع لوزارة الدفاع اليمنية، العميد صالح الأصبحي، إن هناك «شبه اتفاق» بين الدولة والجماعة على دمج اللجان الشعبية في مؤسستي الجيش والأمن، لافتاً إلى أن «الخلاف بين الطرفين فقط في عدد من يمكن دمجهم».
ويضيف الأصبحي، في حديثٍ إلى «الأخبار»، أن «الحوثيين يريدون دمج ما بين 70 و90 ألفاً من أنصارهم، فيما لا تقدر الدولة إلا على دمج 20 ألفاً فقط، كما تقول»، مشيراً إلى أن «أنصار الله هم من اليمنيين، ولهم الحق في الانضمام إلى مؤسسات الدولة، شرط خضوعهم لقانون الدولة لا قوانين وأوامر أخرى».
وحول معوّقات عملية الدمج، يتساءل الخبير السياسي والعسكري: «هل وزارة الدفاع قادرة على استيعاب كل هذه الأعداد ودفع رواتبهم؟»، مؤكداً «حاجة المقاتلين إلى إعادة تأهيل لاستيعاب المهمات الموكلة إليهم والتزامهم بالقوانين العسكرية». ويضيف الأصبحي أن هذه العملية «لا تزال معقدة»، في ظلّ عدم معرفة الشكل الذي ستتخذه هذه الأعداد بعد الدمج، هل سيكونون وحدات منفصلة خاصة بهم، أم سيندمجون في الجيش والأمن؟»، متسائلاً عن ولاء هؤلاء المقاتلين مستقبلاً.