الجزائر | أخذت الاوضاع السياسية في الجزائر منحىً خطيراً، ينبئ بأيام قد تكون عصيبة على النظام، بعد دعوة أحزاب المعارضة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، تنهي حكم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، تزامناً مع زيارة لوفد من الاتحاد الاوروبي للجزائر، وعقده جلسات مناقشة مع تشكيلات سياسية عدة، أغلبها مما يسمى «تنسيقية الحريات والانتقال الديموقراطي» المعارِضة، الأمر الذي أجّج غضب أحزاب السلطة التي اتهمت المعارضة بـ«الخيانة»، ما يزيد حدّة التوتر بين الطرفين.
تركت زيارة وفد من الاتحاد الأوروبي إلى الجزائر ولقاؤه بعدد من الشخصيات السياسية، ردود فعل كثيرة، تكشف عن بعض خبايا الصراع على السلطة بين المعارضة والموالاة، حيث هاجم زعيم الحزب الحاكم عمار سعداني المعارضة واتهمها بـ«الخيانة»، والمعارضين بـ«الأصوات الناعقة التي تحرّكها أيادٍ خفية داخلية وخارجية، ولا تريد الخير للبلاد». ورغم أن سعداني أشرف بدوره على لقاء مع الوفد الاوروبي، قال إن لقاء أحزاب المعارضة بالوفد هو «بمثابة التمهيد للتدخل الأجنبي وتعبيد الطريق لعودة الاستعمار»، و تابع، رداً على الدعوة إلى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، إن المطلب يعتبر انقلاباً وتعدّياً على إرادة الشعب، ويؤكد أن هدف المعارضة الوحيد هو الجلوس على كرسي الرئاسة.
وسار المتحدث الرسمي للحزب الحاكم، السعيد بوحجة، في اتجاه زعيمه عمار سعداني نفسه، حيث جدّد في رده على سؤال «الأخبار» عن اللقاء، لوم المعارضة. وفيما استقبل الحزب أيضاً وفد الاتحاد الأوروبي، وجه زعيم الحزب الحاكم، خلال اللقاء، أسئلة عدة لضيوفه، مثل «أين كان الاتحاد الأوروبي عندما واجهت الجزائر الإرهاب وحدها؟ وماذا ترك الأوروبيون خلال تدخلهم في شؤون العراق، سوريا، اليمن وليبيا، سوى الخراب؟»، ما يعني عدم قبوله بفكرة مناقشة الوضع الداخلي للجزائر مع الوفد، وخلص إلى القول إنه لم يبقَ من الجمهوريات في الوطن العربي سوى الجمهورية الجزائرية، وها هو الاتحاد الأوروبي يسعى لتخريبها بواسطة أحزاب المعارضة، التي تحاول ضرب الدستور من خلال تحرّكها في قبة البرلمان أخيراً، رغم أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وعد الشعب بإصلاحات دستورية تمنح صلاحيات أوسع للحكومة وحماية أكبر للمعارضة وحرية أكثر للصحافة»، على حدّ تعبيره.
وخرجت المعارضة للردّ على الاتهامات الموجهة إليها، فقال النائب عن تكتل «الجزائر الخضراء» المعارض، نعمان لعور، وعضو المكتب السياسي لحركة «مجتمع السلم» الاسلامي، إن اللقاء مع الأوروبيين جرى بكلّ شفافية وبصورةٍ عادية، وكشف لـ«الأخبار» أن رئيس الحزب، عبد الرزاق مقري، تعمّد عدم حضور اللقاء لتجنّب التأويلات، متابعاً بالقول «نحن نتعامل بكل شفافية ولا نعمل تحت الطاولة».
وأضاف لعور أن اللقاء الذي جمع المعارضة بوفد الاتحاد الاوروبي «تناول الوضع السياسي في الجزائر»، مشيراً إلى أن الوفد الأوروبي «يعمل على خدمة مصالحه في الدرجة الأولى، حيث أصرّ على معرفة وضع المناخ السياسي لتطوير الشراكة بين الجانبين»، وأكد أن اللقاء «كان «عادياً، عرض فيه أعضاء التنسيقية الأوضاع السياسية ورؤيتهم لضرورة تحقيق انتقال ديموقراطي هادئ»، وأكد أنهم لم يطلبوا من الوفد لعب دور الوسيط بينهم وبين السلطة، متهماً «أحزاب السلطة» بتسويق «صورة مشوّهة» عن الجزائر، وخلُص إلى أن الوضع «يحتاج إلى صوت آخر يغيره».

من جهته، أشار النائب عن «جبهة العدالة والتنمية» المعارضة، لخضر بن خلاف، أن «تنسيقية الانتقال الديموقراطي» التي تمثل المعارضة «لا تأبه بما تقوله أحزاب الموالاة التي تعمل على خدمة مصالحها من خلال ضرب المعارضة»، مضيفاً أن المعارضة ستواصل لقاءاتها مع وفد الاتحاد الاوروبي في الأيام المقبلة، كاشفاً عن قبول الاتحاد الأوروبي طلب المعارضة بمتابعة توصياتها المتعلقة بالانتخابات.
في ضوء هذه المستجدات، تتجه الأنظار في الجزائر إلى ما سيسفر عنه الوضع السياسي الجديد في الأيام المقبلة، خصوصاً بعد اتهام السلطة للمعارضة بـ«الخيانة» من جهة، وتعمّد المعارضة إشراك الأجانب في تحقيق مطالبها الداخلية، وهو الأمر الذي يعتبره المراقبون تحوّلاً خطيراً، قد تنجم عنه ارتدادات تدفع إلى تطورات لن تكون لمصلحة الشعب.