نجحت وحدات الجيش السوري المرابطة في قرى ريف حلب الجنوبي في صدِّ الهجوم الواسع الذي شنه مقاتلو المعارضة المسلحة، وبشكلٍ أساسي عناصر «النصرة» و«أحرار الشام» و«أنصار الدين»، على قرى الجعارة وطاطا وعقربة. الهجوم على القرى القريبة من معامل الدفاع في ريف المحافظة، والذي حمل اسم «معركة زئير الأحرار»، شكَّل يوم أمس مادة دسمة للعديد من الوسائل الإعلامية المعارضة بهدف الترويج لسقوط تلك القرى في أيدي مقاتلي «النصرة».
غير أن ما جرى في عموم الريف الجنوبي للمحافظة تختصره مصادر محلية في حديثٍ مع «الأخبار» قائلةً: «جرى أول أمس هجوم المسلحين على عدة أحياء في أطراف القرى المذكورة، وارتكبت النصرة مجزرة بحق عائلة مكونة من عشرة أشخاص في قرية عقربة، غير أن التدخل السريع لمدفعية الجيش السوري حال دون تمددهم، وأجبرهم على الخروج من القرى التي دخلوها». وأكدت مصادر عسكرية أن الجيش لا يزال يسيطر على القرى الثلاث كاملة، بعد صدّ الهجوم وقتل وجرح العشرات من مسلحي التنظيمات المذكورة. وقالت المصادر إن «الهجوم الذي شنته المجموعات المسلحة (أول من أمس) فشل فشل ذريعاً، وأدى إلى هروب المسلحين من مناطق الاشتباك بعد وقوع العشرات منهم بين قتيل وجريح، بينهم قيادي في «أحرار الشام». كذلك نفت المصادر ما تداولته تنسيقيات المعارضة عن تمكن المسلحين من قطع الطريق بين حلب وخناصر.
تطورات الريف الجنوبي لحلب لم تمنع الجيش السوري من استكمال مهماته القتالية في المدينة، حيث خاضت وحداته اشتباكاتٍ مستمرة مع مقاتلي المعارضة المسلحة في بلدة خان طومان وحي صلاح الدين، مسفرة عن مقتل وجرح أعداد كبيرة من مقاتلي «النصرة» و«فيلق الشام».
من جهة أخرى، قالت مصادر رسمية سورية إن الجيش سيطر، في ريف الحسكة الغربي، على قرى السيحة وطوق الملح وقبر عامر ورفرف، وعلى قرى السرب وعب الشوك وعين الحارة جنوب غرب مدينة الحسكة.
الأسد: الوضع
الدولي فاقد للرؤية في المرحلة الحالية


وفي دير الزور، تستمر معارك الجيش السوري ضد مقاتلي «داعش»، حيث قتل أكثر من عشرة مقاتلين وأصيب تسعة عشر آخرون في صفوف التنظيم خلال الاشتباكات التي دارت في حويجة صكر بريف المحافظة.
في موازاة ذلك، ارتفعت حدة التصعيد العسكري والإعلامي بين «جبهة ثوار سوريا» و«النصرة» في محافظة إدلب، حيث اغتال مقاتلو «النصرة» فجر أمس القائد الميداني السابق في «جبهة ثوار سوريا»، رياض السلوم، عقب اقتحام منزله في جبل الزاوية بريف المحافظة، كذلك جرى اغتيال رامي الدو، قائد «كتيبة أسامة بن زيد» التابعة للتنظيم نفسه، في خربة الجوز قرب جسر الشغور. سلسلة الاغتيالات التي تقودها «النصرة» بحق مقاتلي جمال معروف، قائد «جبهة ثوار سوريا»، استدعى من الأخيرة إصدار بيانٍ أعلنت فيه استكمال «إعداد العدة ورص الصفوف وترتيب الأولويات» لاستعادة جبل الزاوية و«تحريره من بغي جبهة النصرة ومن والاها من عناصر داعش وجند الأقصى الذين أضرّوا بأجنداتهم الثورة السورية وحرفوها عن مسارها».
وفي سياقٍ آخر، استمرت معارك الجيش السوري في محيط بلدة دوما في الغوطة الشرقية لدمشق، إذ تجري المعارك في المنطقة على خطين متوازيين؛ فمن جهة تتواصل الاشتباكات بين مقاتلي «جيش الإسلام» و«جيش الأمة» داخل البلدة، ومن الجهة الشرقية للبلدة لا تزال المعارك مستمرة بين الجيش السوري وكلا التنظيمين. كذلك استكمل الجيش عمليته قرب تل كردي ومخيم الوافدين، بالتزامن مع ضربات سلاح الجو السوري لتجمعات المسلحين في عربين وزملكا، اللتين تحولتا إلى مركزين رئيسيين لإمداد مسلحي الغوطة الشرقية. وفيما سقطت قذيفة هاون اقتصرت أضرارها على الماديات في ساحة العباسيين وسط دمشق، تواصلت عمليات الجيش في الغوطة الغربية، حيث فجرت وحداته نفقاً جديداً في الجبهة الشمالية لبلدة داريا، ما أدى إلى تدميره بالكامل، بالتوازي مع الاشتباكات المستمرة بين الجيش والمعارضة المسلحة على أوتوستراد السلام في خان الشيخ.
إلى ذلك، قتل قائد «كتيبة سيف الله»، خالد أبو حسين، خلال المعارك التي خاضها الجيش السوري على جبهة مورك في ريف محافظة حماة، فيما أصيب أربعة مدنيين جراء سقوط صواريخ محلية الصنع على مدينة السقيلبية، حيث ردّت مدفعية الجيش على مصادر إطلاق الصواريخ، ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من مسلحي المعارضة المسلحة شمالي شرقي المدينة.
وفي ريف درعا، نفَّذ الجيش السوري عدة ضربات مدفعية على مواقع المعارضة المسلحة في بلدة دير العدس إضافة إلى القرى المتاخمة لمحافظة القنيطرة، فيما سقط عدد من القتلى والجرحى جراء الاشتباكات بين الجيش السوري والمسلحين في مدينة البعث بريف القنيطرة.


الأسد: لتطوير «البعث»...

وخلال لقائه مع قيادة وأعضاء فرع طرطوس في «حزب البعث العربي الاشتراكي»، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن «جزءاً ممّا نشهده اليوم في بلادنا هو حرب فكرية إقصائية تتطلب منا المواجهة بالفكر، وليس فقط من خلال التصدي للإرهابيين على الأرض... والأزمة زادت من مستوى التسييس لدى المواطنين، وهذا يجعل من تطوير عمل البعث ولغته وأساليبه ضرورة ملحة، لأن المواطن السوري لم يعد يقبل بالأساليب القديمة».
وشدد الأسد، في اللقاء الذي عُقد أمس، على «أهمية مسيرة المصالحات الوطنية، وأي جهد دولي يجب أن يصبّ في إطار تعزيز هذه المصالحات والضغط على الدول التي تدعم الإرهابيين بالمال والسلاح لوقف ذلك». ورأى أن «الوضع الدولي فاقد للرؤية في المرحلة الحالية، خاصة بعد الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية في سوريا، وعلى رأسها داعش التي لم يأت وجودها من فراغ، بل نتيجة تراكم السياسات الخاطئة والعدوانية من قبل أطراف الحرب على سوريا، والتي كرّست دعم وتسليح وتمويل المنظمات الإرهابية والتكفيرية بهدف تدمير سوريا وضرب وحدة الشعب السوري وأمنه واستقراره». وقال الأسد إن المنطقة تعيش «مرحلة مفصلية»، وما سيحدد وجهتها هو «صمود الشعب السوري في وجه ما يتعرض له ووقوف الدول الصديقة إلى جانبه، إضافة إلى اقتناع أطراف دولية أخرى بخطورة الإرهاب على استقرار المنطقة والعالم، وصولاً إلى تعاون دولي حقيقي وصادق في وجه هذه الآفة الخطيرة».

بوتين يستقبل المعلم

على صعيد آخر، يلتقي وفد رسمي سوري رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الاربعاء المقبل، بهدف مناقشة «أفكار روسية» تتعلق بإطلاق مباحثات للسلام في سوريا.
وقال مسؤول سوري رفيع المستوى لوكالة فرانس برس إن الرئيس الروسي «سيستقبل وفداً برئاسة الوزير المعلم، وسيتركز اللقاء على إعادة إطلاق المفاوضات». وأضاف أن «استقبال الرئيس بوتين للوفد عند وصوله الى موسكو الاربعاء يعكس مدى الاهمية التي يوليها لهذه الزيارة». وأشار الى أن «الاجتماعات التي تعقد في موسكو تجري عادة مع وزير الخارجية سيرغي لافروف»، مضيفاً «حتى إن المباحثات المتعلقة بالسلاح الكيميائي عقدت معه (لافروف)». وسيضم الوفد مستشارة الرئيس السوري بشار الاسد للشؤون السياسية والاعلامية بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية، فيصل المقداد. وسيكون هذا اللقاء ممهداً لمؤتمر حوار ترعاه موسكو، يضمُ الحكومة السورية ومعارضين لها.